كتب – يوستينا عطية مضى 24 عاما على رحيل فرج فودة، الذي توفي في مثل هذا اليوم عام 1992، فعاش يكتب ويدون ليرسخ فى العقول مبدأ فصل الدين عن السياسية، فهاجمه المفكرون والعلماء ورجال الدين والدولة، ليعيش ناجحا مغمورا، وكعادة الأرض، حظته بالشهرة التى يستحقها، بعد وفاته، فأثارت قصة اغتياله فضول الجميع، ليفتحوا مرة أخرى أوراقه ومقالاته وكتبه، بعدما كان لا يعرفها إلا القليلون. فرج فودة، مفكر مصرى، من مواليد 20 أغسطس، 1945، ابن محافظة دمياط، التى تركها لدراسة العلوم الزراعية والفلسفة بجامعة عين شمس، أصابه الحب، بعد سنوات من عمله فى مهنة التدريس الجامعى، فتزوج وأنجب أربعة أبناء، ولدان وابنتان، أشهرهما، سمر فرج فودة، التي تعمل مسؤولة عن الهيئة البرلمانية في حزب "المصريين الأحرار". كتب فى مجلة أكتوبر وجريدة الأحرار، وكانا أول بداية له فى عالم الورقة والقلم، وبعدها، أنطلق إلى عالم الكتب، وأشهرها "الإرهاب، الملعوب، لاتحزن، كيف أصبحوا عظماء". اختلف الكثيرون حول كتاباته، وتضاربت الآراء، فكتاباته دائما حره لا يوجهها تيار ولا نظام، وقلمه كان السيف على رقبة التيارات الدينية، فمعظم كتاباته كانت تكشف حيلهم الفاشلة، وتغرقهم فى دوامة الصراعات مع التيارات السياسية، فاعتاد على انتقادهم، ووصف مفهومهم للدين ب"السطحى". مشوار فودة فى العمل السياسي صغير، حيث شارك في تأسيس حزب الوفد الجديد، ثم استقال منه لرفضه تحالف الحزب مع جماعة الإخوان لخوض انتخابات مجلس الشعب عام 1984، ثم حاول تأسيس حزب باسم "حزب المستقبل"، وكان ينتظر الموافقة من لجنة شؤون الأحزاب التابعة لمجلس الشوري. رغبته فى نشر ثقافة حق التعبير والرأي، جعلته يؤسس الجمعية المصرية للتنوير، وكان شعارها "المفروض ما يواجهاش غير الكلمة والرأي ما يواجهوش غير الرأي وإن كل إنسان له حق طرح رأيه بطريقه فكرية موضوعية عشان يتحقق أكبر قدر من الحقيقة". لم يكن أحد يتوقع أن يتم اغتيال فرج فودة أمام طرقات تلك الجمعية، التى رغب أن تتفرع مبادئه للمحافظات، ففى مثل هذا اليوم عام 1992، اغتيل أمام مقرها في مدينة نصر، بعد أن أطلق عليه الرصاص من قبل أفراد تنتمي لجماعة الجهاد المتطرفة، وكان كتاب «الحقيقة الغائبة» بمثابة المسمار الأخير في نعش فودة. جهل قاتل فرج فودة، أظهر للعالم أجمع أن عليهم تدريس كتبه وما تحتوى من مبادئ بالجامعات كما تمنى، فأثناء محاكمة قاتله، سئل: "لماذا اغتلت فرج فودة؟، فقال: لأنه كافر"، فلما سئل: "من أي كتبه قرأتها، عرفت أنه كافر؟ فقال القاتل: أنا لم أقرأ كتبه، فأنا لا أقرأ ولا أكتب!".