صناعة الهارفوني المصري توقفت بسبب مشكلة حيوية في العقار ميزانية «الصحة» تنتهي عند دفع رواتب الموظفين على الدولة التدخل لإنقاذ 800 ألف مريض ضمور عضلات زيادة أسعار الدواء صفقة بين وزارة الصحة ونقابة الصيادلة و الشركات الخاصة، الدولة تنعش الاقتصاد على حساب الفقير، عقار اندوسكان مختفي من المستشفيات ويغطي السوق السوداء، الأطفال تموت بسبب نقص الأدوية ووزارة الصحة تنفي.. هذه أبرز التصريحات التي أدلى بها محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، في حواره مع «البديل». أعلنت عنها وزارة الصحة منذ أيام عن زيادة أسعار الأدوية.. كيف ترى ذلك القرار؟ للأسف هو قرار مجلس الوزراء وليس وزارة الصحة، وهي المرة الأولى التي يقرر فيها مجلس الوزراء ذلك، وهو قرار مجحف والمتضرر الوحيد منه المريض الفقير الذي له حق دستوري في العلاج، فعلى سبيل المثال الأطفال الذين ينتظرون العلاج في المستشفيات، وغيرهم من المرضى غير قادرين على توفير العلاج لأنفسهم، في الوقت الذي تغلق فيه المستشفيات أبوابها في وجوههم، تحت علة أنه لا توجد أدوية متوفرة الآن، لذا فهذا القرار جائر. لكن وزارة الصحة عللت الأمر بأن صناعة الدواء المصري ستنهار؛ لعدم تحريك سعر الدواء منذ أكثر من 50 عامًا، فما تعليقك على ذلك؟ الحديث عن عدم تحريك سعر الدواء منذ فترة طويلة غير صحيح وعار تمامًا من الصحة, فعلى سبيل المثال عام 2005 تم زيادة أسعار العديد من الأدوية؛ بسبب الخسائر الاقتصادية لصناعة الأدوية, لكن أزمة ارتفاع سعر الأدوية لن تكن الأخيرة، خاصة أن 95% من مكونات الدواء تستورد من الخارج، لذا فالأزمة مستمرة إذا استمر الأداء الاقتصادي بالنهج ذاته، فزيادة سعر الدواء نتج بسبب ضغط بعض شركات الأدوية ذات النفوذ لاتخاذ القرار حتى تستفيد هذه الشركات من تلك الزيادة، فسوق الدواء ليس منهارًا كما يردد المسؤولون، وهو ما يتضح من خلال الأرباح في العام الماضي، حيث كانت المبيعات 41 مليار جنيه، وبلغت نسب النمو 12%, كما أن لدينا 126 شركة كبيرة وفروع ل22 شركة أجنبية و11 شركة قطاع أعمال، فمصر تصرف سنويًّا 106 مليارات جنيه على سوق الصحة، 72% من المبلغ يخرج من جيوب المواطنين، والحكومة تتكفل ب28% فقط، إذن فالأرقام تؤكد أن صناعة الدواء ليست في انهيار كما يدعي البعض لتمرير القرار. ونقابة الصيادلة التي تؤيد وزارة الصحة في زيادة سعر الدواء؟ الجميع يتحدث من منطلق مصالحه الشخصية, فأعضاء تلك النقابة صيادلة ولديهم صيدليات، وقبل زيادة أسعار الدواء كل صيدلي كانت له نسبة 15% من الدواء المُباع، وبعد الزيادة أصبحت النسبة 30%، إذن فالنقابة مع فكرة زيادة سعر الدواء؛ لأنها تصب في صالحها. ألَّا ترى أن محاولات إنعاش الاقتصاد بمصر دومًا تكون على حساب الفقراء؟ هذه حقيقة ليس عليها جدال، فبالفعل إنعاش الاقتصاد يكون على حساب الفقير؛ لأنه أضعف الحلقات، فشركات الأدوية لديها مبدأ الأرباح قبل الأرواح، فالشركات مستفيدة ونقابة الصيادلة مستفيدة أيضًا، فهناك صفقة تمت بين وزارة الصحة ونقابة الصيادلة وشركات الأدوية لرفع سعر الدواء، خاصة أن نقابة الصيادلة كان لديها إشكالية في تنفيذ القرار 4 99 الذي يؤكد تعاظم أرباح الصيدلي من 15% إلى 50% للأدوية المحلية، ومن 25% إلى 80% في الأدوية المستوردة والصيادلة كانوا يحاربوا من أجل تنفيذ ذلك القرار، لذا فزيادة أسعار الدواء تغنيهم عن الحرب بتنفيذ القرار؛ نظرًا لزيادة أرباحهم بعد الزيادة، فالأمر ليس له علاقة بإنعاش الاقتصاد وإلَّا كانت هناك بدائل أخرى. ما هي البدائل من وجهة نظرك؟ الحل يتمثل في إقرار قانون التأمين الصحي الذي يعمل على إلغاء 80% من مشكلات الدواء بمصر، حيث تتساوى جميع الشركات، كما يجب أن تكون لمصر سياسة دوائية واضحة المعالم، فالشركات تعمل على تقليد بعضها فقط ولا تصنع دواءً، فهناك حلول كثيرة غير وضع أيدينا في جيب المواطن. وأزمة اختفاء عقار الاندوكسان من المستشفيات وتوافره في السوق السوداء؟ للأسف.. بالفعل هناك مشكلة حقيقية في توافر أدوية الأورام, فمن المفترض أن الشركة المصرية لتجارة الأدوية تجلب الدواء للمواطن من الخارج، فهي وسيط بين المواطن والمورد, حتى حدثت كارثة الفيروسات الكبدية، ودخلت الشركات الخاصة وهيمنت على السوق، وتم إهمال الشركة المصرية لتجارة الأدوية، مما فتح المجال للأمور الغريبة، مثلما يحدث الآن، فمن المفترض أن شركة مالتي فارما أخذت الاندوكسان الذي يباع بسعر 48 جنيهًا للمرضى، التابع للبرنامج العلاجي التابع لوزارة الصحة، لكن فوجئنا بأن العقار لا يصل المستشفيات أو معاهد الأورام رغم توافره بالسوق السوداء بسعر 450 جنيهًا. وكيف يتم احتكاره لصالح بعض الشركات، ونفاجأ باختفائه من المستشفيات ثم تواجده بالسوق السوداء؟ كل ذلك ينتج بسبب ضعف الرقابة، فشركة مالتي فارما ردت بأنها توصل الدواء إلى المستشفيات ومعاهد الأورام، وعندما سألت الدكتور أحمد العزبي قال من الممكن أن يكون المريض نفسه هو الذي يبيعه، لذا يجب أن تخضع الأدوية الحيوية للتوزيع عن طريق الشركة المصرية لتجارة الأدوية؛ حتى تكون هناك رقابة على الأدوية، فالجهاز المركزي للمحاسبات ليس له سلطة على شركات الأدوية الخاصة. لماذا تم إيقاف تصنيع الهارفوني المصري؟ لأن هناك مشكلة حيوية في تصنيعه، ونحن لا نريد أن نعيد الأزمة التي حدثت بعد تصنيع وتداول السوفالدي المصري الذي حدثت بسببه تطورات وانتكاسات للعديد من المرضى, والأمر ذاته يحدث مع الهارفوني، لذا خاطبنا وزارة الصحة وبالفعل استجابت وأوقفت المناقصة حفاظًا على المال العام وحق المريض أيضًا. أصدر المركز بيانًا منذ فترة بوفاة الأطفال بمعاهد الأورام لنقص العقاقير، والوزارة نفت ذلك، فما تعليقك؟ بالطبع دور الوزارة أن تنفي، فلن يوجد مسؤول على الإطلاق يؤكد وفاة 9 أطفال بمعهد الأورام بالمنصورة، و8 أطفال بمعهد الأورام بطنطا؛ بسبب عدم وجود صفائح الدم إلى جانب غياب عقار الاندوكسان، فهذه الحوادث مؤكدة ومتكررة، والأمر المزري وصل الآن إلى لجوء المستشفيات لشراء العقاقير المختفية من السوق السوداء. حدثني عن أزمة الطفل الذي ينتظر العلاج منذ شهرين، وإلَّا سيتم بتر ساقه؟ هو طفل من ضمن 16 ألف طفل مصاب بالهيموفليا وتأثروا بأزمة نقص الأدوية وارتفاع أسعارها، وهذا الطفل تحديدًا في انتظار الدواء وعلى أعتاب عملية بتر للقدم منذ شهرين، فهذا الطفل نموذج للمريض الذي يتحمل زيادة سعر الدواء بلا شفقة أو رحمة. أكد عدد من المسؤولين أن ليس من حق المركز التحدث بشأن الدواء، وأن الأمر يقتصر على نقابة الصيادلة فقط؟ نقابة الصيادلة تتخيل أن الحديث عن الدواء حكر عليها فقط، وهو أمر غير صحيح، فنحن مجتمع مدني ويهمنا مصلحة المريض في المقام الأول. وماذا عن اتهام المركز بعدم حصوله على ترخيص، ويطالبونه بعدم مزاولة النشاط الحقوقي؟ جميع المراكز الحقوقية في مصر غير مرخصة، ونحن في انتظار صدور قانون الجمعيات، فمن المؤكد أننا لن نمانع في الترخيص بمجرد صدور القانون. صرحت أن الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة، مثل سابقيه ومثل القادمين بعده ماذا تقصد بذلك؟ بالفعل الدكتور أحمد عماد الدين مثل الدكتور عادل العدوي مثل القادم أيضًا, فهو مرتبط بسياسات معينة غير معلنة وغير معلومة لنا، فلا توجد خطة أو خريطة للأمراض مثلًا، ولا توجد خطط واضحة المعالم تقر بأن مصر ستتخلص في العام القادم من عبء فيروس ما، لذا يجب توفير الكوادر والخبراء لتحديد خطة تسير عليها الوزارة، خاصة أن الأمر ينحدر، وهو ما يتضح من خلال زيادة أعداد مرضى فيروس سي من 150 ألف مريض سنويًّا إلى 330 ألف مريض، مما يؤكد أن برامج العدوى داخل المستشفيات غير صالحة للاستخدام. وما أسوأ ظاهرة موجودة الآن ضمن مسؤولية وزارة الصحة؟ وفيات الأطفال، وفيات الأمهات الحوامل، انتشار مرض السكر بين الأطفال، فكيف للوزارة الهيمنة على كل ذلك مع الوضع في الاعتبار أن ميزانية الوزارة لا تتعدى ال3,8، وهي ميزانية غير كافية على الإطلاق وتنفق فقط على الرواتب والأجور، فللأسف المستشفيات مجرد مبان خاوية فقط. بعد مطالب مرضى ضمور العضلات بمراكز علاجية، وضعهم مازال سيئًا، فما الحل لإنقاذ 800 ألف مريض؟ بالفعل توفير المراكز لمرضى ضمور العضلات يعتبر حلمًا، لكن الأمر لا يتوقف على مرضى ضمور العضلات فقط، بل هناك أيضًا مرضى ضمور المخ وعددهم حوالي 30 ألف مريض جميعهم أطفال، إلى جانب مرضى التصلب المتعدد، نحن مطالبون بالنظر لهؤلاء المرضى بعين الاهتمام.