أثارت صفقات التسليح العسكرية التي أجراها الجيش المصري قبل عامين ردود أفعال واسعة و تكهنات أوسع بشأن عمليات التحديث تلك التي طالت اغلب افرع القوات المسلحة المصرية، و عملت علي توسيع المدي العملياتي لها. المراقب الجيد لتحركات الآلة العسكرية المصرية يعي جيداً أنها العملية الأوسع في تاريخها، للتحديث و للإرتقاء تجهيزياً و تقنياً بالمستوي القتالي. حيث حرصت العسكرية المصرية علي تنويع مصادر تسليحها بين الشرق و الغرب في العاميين الماضيين، و خاصًة بعد تجميد واشنطن " مؤقتاً " لحزمة المساعدات العسكرية المقدمة لمصر و التي تمثلت في تجميد تسليم مقاتلات " إف 16″ بلوك 52 و 10 مروحيات أباتشي بعد 30 يونيو. هنا كانت فرنسا أكبر موردي السلاح لمصر بحراً و جواً. تشكل التعاون العسكري بين مصر و فرنسا علي ثلاث محطات رئيسية صاغت تلك المراحل الشكل المبدئي و المستقبلي لصفقات التسليح الأخيرة. المحطة الأولي: أجرى وزير الدفاع، الفرنسي " جان-إيف لودريان"، زيارة للقاهرة في 16 و17 فبراير 2015، للتوقيع باسم فرنسا على اتفاقية تسليح استثنائية بالنسبة لصناعات الدفاع الفرنسية، ومنها أول عقد تصدير لطائرات الرافال.حضر السيسي مراسم التوقيع على عدد من الاتفاقيات في مجال التسليح بين الجانبين المصري والفرنسي والتي ستقوم بموجبها فرنسا بتوريد 24 طائرة مقاتلة من طراز "رافال"، تسلمت مصر الدفعة الأولى في 21 يوليو 2015، والثانية في 28 يناير 2106، علاوة على فرقاطة متعددة المهام من طراز "فريم" لمصر، تسلمتها مصر بالفعل في 23 يونيو 2015، فضلًا عن تزويد القوات المسلحة بالأسلحة والذخائر اللازمة للطائرات والفرقاطة. المحطة الثانية: عُقِدَ الاجتماع، الفرنسي المصري الثالث عشر بباريس في ديسمبر الماضي، وشارك فيه وفد مصري هام بقيادة الفريق صدقي صبحي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، الذي زار فرنسا بدعوة من نظيره الفرنسي، وأتاح هذا اللقاء السنوي التشاور في القضايا المشتركة، وبحث سبل مكافحة الإرهاب. وفي 10/10/2015 شهد السيسي مراسم التوقيع على خطاب للنوايا حول الأمن والدفاع بين وزارتيّ الدفاع المصرية والفرنسية، إضافة إلى عقد شراء حاملتيّ المروحيات من طراز "ميسترال". المحطة الثالثة: 12/3/2016 انطلقت فعاليات المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "رمسيس-2016″ والذي تشارك فيه عناصر من القوات الجوية والبحرية المصرية والفرنسية أمام سواحل مدينة الإسكندرية والمجال الجوي المصري، وذلك في إطار خطة التدريبات المشتركة للقوات المسلحة لكلا البلدين. لكن نهاية المرحلة الثالثة تمثلت في زيارة الرئيس الفرنسي " فرانسوا أولاند" لمصر اليوم، الأحد، ضمن جولته بالشرق الأوسط و التي تضمن الأردن و لبنان. حيث تحدتث التقارير الصحفية عن زيارة الرئيس الفرنسي و هدفها الأساسي و الذي تمحور طبقاً لتلك التقارير في تعزيز التعاون الأمني و إبرام العديد من صفقات التسليح. فقالت إذاعة صوت أمريكا، إن الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند يصل مصر اليوم الأحد، في زيارة تهدف إلى تعزيز التعاون الأمني وتوقيع صفقات سلاح مربحة، رغم الانتقادات الحادة من جانب منظمات حقوق الإنسان لمصر. أمّا من جهة أخري فقد أعلنت مجلة "التريبيون" الفرنسية، أن مصر و فرنسا ستوقعان عقوداً تسليحية جديدة خلال زيارة الرئيس الفرنسي و جاري التفاوض علي عقود أخري. يدفعنا ذلك إلي التساؤول عن طبيعة و ماهية الصفقات التسليحية الجديدة، و التي تعد بشكل أو بآخر إمتداد إضافي لصفقات التسليح السابقة التي تمت بين الجانبين، و هو ما ستوضحه نقاط التقرير التالية: 1. المجال التقني العسكري: لم تكن السابقة الاولي لمصر في المجال التقني العسكري مع فرنسا، حيث انطلق إلى الفضاء منذ عامين صاروخ سوياز الروسي انطلاقًا من قاعدة بايكونور في كازاخستان, حاملاً القمر الصناعي المصري الجديد إيجيبت سات 2, ليحل محل خلفه إيجيبت سات 1 الذي أنهى عمله في الفضاء عام 2010 بعد رحلة دامت ثلاث سنوات, بينما من المتوقع أن يبقى القمر الصناعي الجديد عاملاً في الفضاء لمدة تصل إلى 11 عامًا. وستستخدم هذه البيانات في العديد من المجالات من بينها المجال العسكري. إلي أن جاء الرئيس الفرنسي إلي مصر و أعاد معه تقنية عسكرية جديدة تتمثل في انظمة Airbus Space Systems ، و Thales Alenia Space، و هما شركتي صناعات فضائية ودفاعية أوروبية متعددة الجنسيات. تتخذ من تولوز في فرنسا مقرا لها. بحسب مجلة " التريبيون" الفرنسية فإن قيمة العقد ستبلغ 600 مليون دولار و انه تم اتمام التفاوض علي هذه الانظمة مع تأجيل قمر المراقبة و التجسس نظراً لعدم التوافق المالي، كما ذكرت المجلة أن الجانب الروسي و الكوري الجنوبي قدما عروضاً افضل مالياً من الجانب الفرنسي فيما يخص قمر التجسس و تقنياته. تنصب جهود الأبحاث التكنولوجية في حقل الاتصالات على هدف أساسي هو سلامة الاتصالات وتلقيها في اللحظات المطلوبة دون أي تحريف أو تشويش وتتطلب المعركة الحديثة عدداً كبيراً من الاتصالات في الوقت المناسب لكل منها، فالجندي يحتاج الى اتصال بالضابط الذي يقوده والسائق يحتاج الى تعليمات التحرك بعربته أو ضمن القوافل وقائد الدبابة أو العربة يحتاج الى اتصال مع العربات الاخرى والسفينة الحربية الى اتصال مع البوارج الاخرى والطائرات المقاتلة الصديقة ومراكز القيادات مجمل هذه الاتصالات توفرها انظمة عسكرية متطورة قد تكون ثابتة أو متحركة لكنها ضمن شبكات تسهل عمل القيادة والسيطرة. وتحقق دقة أكبر في الأوضاع التكتيكية وتزود الجميع بمعلومات شاملة من العدو أو لإفشالها بشكل عرضي فتؤدي الى مشكلة أمنية تصبح خطراً على أرواح العسكريين أو الوحدات القائمة بمهمات تكتيكية في حقل المعركة، الأمر الذي يفرض تزويد شبكات الاتصالات العسكرية والحكومية بأنظمة متطورة لحمايتها والحفاظ على سرية المعلومات المتبادلة، التكنولوجيا الحديثة أدخلت الى مختلف الأنظمة الدفاعية. و هو الأمر المنوط به لإدخال تلك التقنيات الي غرفة عمليات القوات المسلحة المصرية، مما يقلل الفارق بينها و بين منافسيها المتقدمين تقنياً في الإقليم. 2. الجانب البحري: أما المفاوضات البحرية التي ذكرتها مجلة "التربيون"، مستمرة مع شركة DCNS، و التي تعتبر من الشركات الرائدة في أوروبا لصناعة السفن و الغواصات. بحسب " التريبيون" الفرنسية فإن التفاوض جاري علي التعاقد لتوريد عدد 2 كورفيت جاويند 2500 و اللذان كانا متضمنين كخيار إضافي بالعقود السابقة و التي تم توقيعها في يونيو 2014 للحصول علي عدد 4 كورفيتات من نفس النوع + 2 اضافي، مع بناء 3 في مصر و هم ما يتم الأن، حيث بدأت بالأمس مراسم الاحتفال لبدء تقطيع أول صفيحة معدنية في ترسانة الأسكندرية البحرية ، لبناء أول كورفيت مصرى طراز جاويند 2500. و الذي يُعد نقل فرنسا رسمياً لتكنولوجيا تصنيعه داخل مصر. حيث قامت الشركة بإرسال فريق إلى الأسكندرية للإشراف على البناء و تقديم المعاونة الفنية ، كما تقوم الشركة بأعمال تدريب و تأهيل العاملين المصريين في فرنسا ، و ستقوم بنقل جميع المواصفات الفنية اللازمة لبناء السفن. جدير بالذكر أن العقد من المفترض ان يتضمن ايضا كورفيت Gowid 1000 للدورية الساحلية OPV Offshore Patrol Vessel، وسفينة دورية صغيرة طرتز P400 ، وستقدر قيمة العقود لهذه السفن ب550 مليون يورو يتم ضمانهم من قبل شركة " كوفاس Coface " للائتمان المالي . ومازالت مفاوضات تسليح الكورفيتات مستمرة وتبلغ قيمتها 300 – 400 مليون يورو . لكن يدفعنا هذا إلي التساؤل ما هو الكورفيت" Gowind " الشبحي و ماهي مواصفاته الفنية؟ هو الأخ الأصغر للمدمرة " فريم"، تعتبر السفن الحديثة من طراز Gowind التي تمثل فئة جديدة من السفن القادرة على ارتياد المحيطات والتي قامت DCNS بتصنيعها لتتناسب مع جميع العمليات الساحلية والبحرية ، بمثابة وسائل منقطعة النظير قادرة على انجاز مهام تتراوح بين محاربة القرصنة والسيطرة على البحر وحرمان العدو من استعماله. ذلك لأنها تمتلك منظومة شاملة لادارة مهام قتالية تناسب المهام الشاملة ذات مصادر التهديد المتعددة، بما في ذلك المهام القتالية المضادة للغواصات، الى جانب سونار مقطور ذي قدرة محسنة على التسلل والبقاء. مزود بأنظمة إلكترونية و دفاعية و هجومية معقدة، منها أنظمة لإدارة المعارك و الرصد و الاستشعار عن بعد، كما يتم تسليحه الاساسي بطوربيدات و صواريخ مضادة للسفن كصواريخ هاربون، و صواريخ للدفاع الجوي مثل إيستر 15، كما يملك الكورفيت مهبط للطائرات المروحية لا يتعدي وزنها ال 10 طن. و يمكنه إستيعاب طائرات بدون طيار لمهام الإستطلاع ك Schiebel Camcopter S-100، هذا فضلاً عن إستيعابه غواصات و زوارق حربية غير مأهوله. كما يوضح الفيديو التالي مواصفات الكورفيت Gowind و يستعرض مهامه و مناوراته. علي المدي البعيد ايضاً تأمل المؤسسة العسكرية المصرية في التعاقد علي فرقاطة فريم أخري، و عدد 2 حاملة طائرات اضافية من طراز "مسيترال" كما أعلنت المجلة الفرنسية حسب مصدر خاص لها، ليصل عدد حاملات الطائرات بالبحرية المصرية ل 4، ستخصص 2 من تلك الحاملات للبحر المتوسط و ال 2 الاخريين للبحر الاحمر و هذا يتماشي مع المحللين و المراقبين العسكريين حول اتجاه مصر لتكوين اسطولين بحريين بالبحر المتوسط و الاحمر، الجدير بالذكر أن توابع الاتفاق علي توريد حاملتي طائرات اضافتين من طراز " ميسترال" ستجعل من انشاء و استحداث قوة جديدة في الجيش المصري امراً محتملاً و هي قوة مشاة البحرية، نظراً لقدرة المسيترال علي نقل و حمل فرق مدرعة و فرق المشاة و إختصاصها بمهام الإنزال البحري. كما ستعزز قوة المؤسسة العسكرية المصرية بصفتها أولي قوي شرق المتوسط إمتلاكاً لحاملات الطائرات. و بالنظر إلي عدد الكورفيتات الحالية و التي يتم التفاوض عليها كما أشرنا سابقاً، تتزايد التكهنات بخصوص توريد العدد الإضافي من حاملة الطائرات "ميسترال" و ذلك لحماية الحاملات، التي تفتقر لأنظمة دفاعية شديدة التطور بهيكلها. مما يتطلب مزيد من الكورفيتات الشبحية الهجومية الثقيلة لحمايتها بحراً و جواً. 3. المجال الجوي. " التريبون" قالت أنه يجري حاليا التفاوض مع شركة Dassault لإتمام الحصول على 4 طائرات Dassault Falcon 7X الخاصة بنقل كبار القادة والمسؤولين الحكوميين لاسنبدال النسخ الامريكية المتقادمة الموجودة في الخدمة حاليا ، وتبلغ قيمة العقد 300 مليون يورو . ومن المفترض ان يتم توقيعه خلال الزيارة ، ولكن مازال غير مؤكد. و استحوذت مقاتلات Rafale علي نصيب من التفاوضات التي جرت، فسيتم طرح خيار الحصول على 12 مقاتلة من هذا النوع والتي تم تضمينها كعدد اضافي على العقد السابق توقيعه في فبراير 2015 الماضي ( 24 مقاتلة + 12 كخيار اضافي ). مقاتلات الرفال تُصنّف ك مقاتلات كل المهام، ما بين السيادة الجوية و القصف الجراحي التكتيكي و إغماد الدفاعات الجوية. تملك الرافال اجهزة حرب إلكترونية متطورة للغاية فهي مقاتلة الجيل الرابع و نصف ++ ذات حمولة تسليحية قدرها 9 طن من القنابل و الصواريخ. كما عاودت مروحيات NH90 الظهور و بقوة في التفاوضات التي جرت، حيث قدمت شركة " ايرباص " عروضاً للجانب المصري يتضمن الحصول على 24 مروحية منقسمين الى 12 مروحية NH90 NFH بحرية ، و12 مروحية NH90 TTH برية ، ولكن مازالت المفاوضات في بدايتها. يُذكر أن تلك المروحيات مُعدة خصيصاً في إصداراتها البحرية لمكافحة الغواصات كما لها سجال ناجح في ذلك الميدان. تنتهي صفقات الطائرات المؤكدة مع الجانب الفرنسي عند الطائرة بدون طيار طراز Patroller تم تصميمها و صناعتها عن طريق شركتين هم Sagem الفرنسية وStemme الألمانية و هي مبنية في الأصل علي تصميم الطائرة الألمانية الغير مأهولة S-15.، ستخدم قريبا في مصر لأول مرة ( وقعت الهيئة العربية للتصنيع عقدا لتجميع الطائرات مع الشركة الفرنسية ). لتلك الطائرة مدي تحليق لا يتجاوز ال 20 ساعة، بمدي 180 كلم و ممكن أن يصل ل 500 كلم يخزانات وقود إضافية، الباترولر هي طائرة بدون طيار متوسطة الارتفاع أول طيران لها كان في عام 2009 في فنلندا ثم تم عرضها بعد ذلك مباشرة في عرض باريس الجوي في يونيو 2009 الي ان أكتملت رحلة تجاربها في يوليو 2010 و دخلت الخدمة في وزارة الداخلية الفرنسية لأعمال المراقبة و الاستطلاع الجوي عن طريق التصوير. طرازات طائرة الباترولر : – الطراز R : تستخدم للمراقبة الأرضية و الطلعات الاستخباراتية لتحديد الأهداف و مراقبتها , ثم تقييم أضرار المعركة , يتم استخدام خزانين وقود أسفل الجناحين أثناء هذه المهام. – الطراز M : تستخدم في أعمال المراقبة البحرية تعمل في البحرية الفرنسية , تم تزويد هذه النسخة برادار دورية بحرية. – الطراز S : تستخدم في نطاق الدولة لمراقة الحدود , السواحل و مراقبة الطرق , أعمال البحث و الانقاذ و الحماية المدنية و البيئية. صرحت شركة ساجيم ان الطائرة في المستقبل ستحمل بعض التسليح مثل صاروخ الهيل فاير و قنابل الجو-أرض الموجهة بالليزر , ظهر بالفعل صورة لها مسلحة أثناء التجارب . تم توقيع عقد في 24 من سبتمبر بين الهيئة العربية للتصنيع و شركة ساجيم الفرنسية علي بيع عدد لم يتم الافصاح عنه من الطائرات , كما نص العقد علي تجميع الطائرة في مصنع الطائرات الخاص بالهيئة العربية للتصنيع. من المرجح أن تُستخدم هذه الطائرة في مهام المراقبة و الإستطلاع و الحرب الإلكترونية، و فتح قنوات اتصال بين الوحدات الأرضية في الميدان و إمدادهم بالبيانات. وجود تلك الطائرة و القطع الحربية الاخري الحديثة بحراً و جواً يعزز أهمية تشغيل نظام فضائي عسكري يحقق التكاملية و الإستفادة القصوي و التنسيق بين الوحدات العسكرية بالميدان الحربي. و هو ما يظهر في حرص المؤسسة العسكرية علي استقدام أنظمة دفاعية "تقنية فضائية".