حركات مشبوهة تشهدها الساحة الفلسطينية خلال الأيام الجارية مع الكيان الصهيوني، تتمحور حول ملفين بارزين، الأول، التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والكيان المحتل، والثاني يتعلق بالمبادرة الفرنسية لعقد لقاء بين الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إطار مؤتمر إقليمي يعقد بالعاصمة باريس يوليو القادم، بحسب ما نشرته القناة الإسرائيلية الثانية، وأحيطت الاجتماعات الفلسطينية الإسرائيلية التي عقدت خلال الأيام القليلة الماضية بالسرية والتكتم. كان وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، أجرى محادثات مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في العاصمة الأردنية عمان الأحد الماضي، بحثا فيها سبل إنهاء التوتر القائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين بالضفة الغربيةوالقدس والحرم الشريف، ولم يخلُ اللقاء من إنذار الوزير الأمريكي للجانب الفلسطيني من الإقدام على اتخاذ خطوة فعلية لتحديد العلاقة الأمنية مع إسرائيل، أو تصعيد الموقف في المناطق الفلسطينية، مطالبا بشكل واضح ابتعاد الفلسطينيين عن التوجه مجددا نحو مؤسسات الأممالمتحدة. وجدد كيري المطالبة بضبط النفس، ووقف استخدام العنف والخطاب المؤجج للمشاعر، وشدد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، جون كيربي، على التزام الولاياتالمتحدة بإيجاد حل دائم للمشكلة الشرق أوسطية على أساس التعايش بين دولتين – يهودية وفلسطينية، والعمل على تحقيق هذه الغاية مع جميع الأطراف، على حد زعمه. ووفقا لتصريحات الجانب الفلسطيني، اتصف اجتماع عباس مع كيري بالمطالبات المتواضعة، حيث أكد الرئيس الفلسطيني لوزير الخارجية الأمريكي، خلال الاجتماع سعي الفلسطينيين لعقد مؤتمر دولي للسلام، والسعي لإيجاد آلية على نمط 5+1 بهدف التوصل لحلول فعالة للقضية الفلسطينية، وطلب عباس من كيري التدخل الفوري لدى الكيان الصهيوني لإطلاق سراح الصحفي محمد القيق المضرب عن الطعام، والإفراج عن جثامين الفلسطينيين المحتجزة لدى الاحتلال. وفي هذا السياق، قال مراقبون إن الرئيس الفلسطيني لا يحتاج إلى ضغط أمريكي للتنازل عن اقتراح وقف التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني، فمحمود عباس قال يوم 23 يناير الماضي، إن التنسيق الأمني مع إسرائيل مستمر، رغم مطالبة العديد من الفصائل الفلسطينية بوقفه، كما أن صحيفة "معاريف" الإسرائيلية نقلت عن وزير الجيش الصهيوني، موشيه يعالون، قوله إن السلطة الفلسطينية ستندثر ولا يمكن لها أن تستمر على قيد الحياة دون مواصلة التنسيق الأمني مع إسرائيل. لقاءات فلسطينية إسرائيلية في يناير الماضي، أعلنت فرنسا عن نيتها طرح مبادرة لعقد لقاء بين الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي؛ في إطار مؤتمر إقليمي يعقد بالعاصمة باريس يوليو القادم، بحسب ما نشرته القناة الإسرائيلية الثانية. ويبدو أن اللقاءات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بدأت من الآن حتى قبل أن تُفَعل المبادرة الفرنسية، فالتقى وزير المالية، موشيه كحلون، عدة مرات مع نظيره الفلسطيني، شكري بشارة، خلال الأسابيع الأخيرة؛ لتجهيز خطة قال كحلون إنها تهدف لتعزيز المساعدات الاقتصادية للفلسطينيين، بحسب تقرير صدر عن القناة العاشرة الإسرائيلية، الأحد الماضي. الخطة الاقتصادية لم تكن وليدة اللحظة، لكنها نتاج سلسلة من اللقاءات بين مسؤولين رفيعين في وزارات المالية الإسرائيلية والفلسطينية، خلال الأشهر الأخيرة، بالرغم من الهبَّة الشعبية الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني، فبحسب القناة العاشرة، فإن اللقاء الثنائي الأخير بين المسؤولين الماليين تم الأسبوع الماضي. وتتمحور الخطة حول الصناعات المبنية على المعرفة، مثل الطب والتكنولوجيا، وتوسيع الاندماج الفلسطيني الإسرائيلي في قطاع البناء، وسيكون ذلك عبر دعوة أطباء فلسطينيين للتدرب في مستشفيات إسرائيلية، كما اقترح كحلون فرص دراسة وتدريب جديدة لرجال أعمال ومهندسين فلسطينيين في صناعة الهاي تيك الإسرائيلية، كما سيسمح لشركات ومقاولي البناء الفلسطينيين أيضاً بالعمل داخل الكيان. ومن المتوقع أن يقدم كحلون مجموعة المبادرات الفلسطينية الإسرائيلية الجديدة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليتم الموافقة عليها خلال الأيام القليلة المقبلة، بحسب تقرير القناة العاشرة. اللقاءات السابقة والتي مهدت لتوافقات فلسطينية إسرائيلية على الخطة الاقتصادية، كشفها أيضا كحلون في 16 يناير الماضي، حين أعلن عن لقاء في القدسالمحتلة جمعه بمسؤولين وصفهم برفيعي المستوى بالسلطة الفلسطينية للتباحث في سبل وقف الانتفاضة الفلسطينية، وأوضح أنه وضع شروطًا لتقديم تسهيلات اقتصادية للفلسطينيين في عدة مجالات، أهمها استنكار السلطة للعمليات التي ينفذها الفلسطينيون. وقال في لقاء مع القناة الثانية الصهيونية، إنه التقى في مكتبه مع وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة، ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ المقرب من رئيس السلطة وتحدثوا عن خطوات لتقديم تسهيلات اقتصادية للسلطة الفلسطينية، وذكر أن هذه الخطوات هدفها الحفاظ على أمن إسرائيل أولاً لتسهيل حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية. وقدما بشارة والشيخ عدة طلبات للجانب الصهيوني، منها زيادة تصاريح العمل للعمال الفلسطينيين لتقليل نسبة البطالة في الضفة الغربية، وتطوير البِنَى التحتية في المدن والقرى الفلسطينية، وبالمقابل طلب منهما أن تقوم السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس باستنكار العمليات التي ينفذها الفلسطينيون، وأن توقف السلطة تحريضها ضد الإسرائيليين. ويرى مراقبون أن دعم الكيان الصهيوني للاقتصاد الفلسطيني يأتي على شكل مقايضة مع السلطة الفلسطينية تضمن بموجبها السلطة أمن الكيان الصهيوني بتقليل عمليات الطعن والتنسيق الأمني والاستخباراتي بينهما، وفي المقابل تحصل السلطة على بعض الامتيازات الاقتصادية.