كشفت دراسة أجرتها الدكتورة نهال الموجي، الباحثة في قسم أمراض النبات بالمركز القومي للبحوث، عن إمكانية استبدال المبيدات بالأسبرين؛ لقدرته على تثبيط نمو المسببات المرضية للنباتات من آفات وفطريات ممرضة، كما يزيد من المقاومة الطبيعية للنباتات، فضلا عن انخفاض تكاليفه مقارنة بالمبيدات الكيماوية. ولفتت الدراسة إلى توجه عالمي لإيجاد بدائل آمنة للمبيدات على صحة الإنسان والبيئة، وفي نفس الوقت يمكن من خلالها حماية المحاصيل الزراعية من التدهور والإصابة بالأمراض والآفات التي تتراوح الخسائر الناجمة عنها ما بين 35 -50% من إجمالي الإنتاج الزراعي العالمي، مشيرة إلى إجراء العديد من التجارب التطبيقية لتقييم فاعلية الأسبرين في مكافحة مرض عفن الجذور وتبقع الأوراق؛ خاصة أنهما الأكثر انتشارا بين النباتات. وأوضحت الموجي في دراستها أن معاملة البذور بالأسبرين قبل زراعتها بتركيز 0.3 % متبوعا بثلاث رشات بالأسبرين بتركيز 50 مليموز «50 جزيئا في المليون» من بداية عمر ورقتين حقيقيتين، وترك عشرة أيام بين كل رشة وأخرى، يحقق أفضل النتائج في مقاومة المسببات المرضية، ويؤدي إلى انخفاض نسبة الإصابة المرضية بنحو 80% كحد أدنى في أسوأ الظروف الحقلية، مقارنة بالنباتات التي لم تعالج بالأسبرين، مؤكدة أن النسبة قابلة للزيادة مع تحسن الظروف الحقلية؛ من حيث توفر المناخ ودرجات الحرارة المناسبين لإتمام نضج النبات، وتوفير المياه والعناصر الغذائية في التربة بصورة قابلة لامتصاص النبات لها والاستفادة بها. ولتعظيم الاستفادة من الأسبرين، أكدت الدراسة إمكانية وضعه في التربة قبل زراعة البذور، ما يوفر حماية للنباتات لمدة تقارب ال90 يوما بنسبة 70%، خاصة أن المادة الفعالة للأسبرين تعد من الإفرازات الحيوية التي تنتجها الخلايا النباتية كنوع من المناعة الطبيعية ضد المسببات المرضية، ما يجعل النباتات تتمتع بصحة جيدة وقدرة كبرى على الاستفادة بالعناصر الغذائية الموجودة في التربة، وبالتالي تعمل على تحسن الجهاز المناعي الطبيعي للنبات، وقدرته على تحقيق مقاومة عالية للأمراض والآفات. وأشارت الدراسة إلى إمكانية معاملة النباتات بمحلول الأسبرين لمقاومة الأمراض بالرش؛ من أجل تقليل استخدام المبيدات الكيماوية بنحو 70% على الأقل، في محاولة لتلافي آثارها الضارة على صحة الإنسان والحيوان والبيئة؛ خاصة أن قرص الأسبرين الواحد الذي يتناوله الإنسان في صورته الدوائية عندما تتم إذابته في لتر ماء يكون تركيزه «ألف مليموز»، بينما التركيز المستخدم لمعالجة النباتات لا يتعدى 50 مليموز، ما يقلل من تركيزها عندما تصل للمستهلك. واختتمت الدراسة أن الرش يبدأ بعد 10 أيام من عمر النبات، الذي يحتاج 3 مرات بين كل مرة وأخرى 10 أيام، وبذلك تكون المرة الأخيرة وعمر النبات 40 يوما، بينما متوسط عمر النبات حوالي 160 يوما، أي يتبقى حوالي 120 يوما قبل الجني والحصاد، وتلك الفترة تكفي لكي يمتص النبات خلالها ما يحتاجه، كما أنها كافية لكي يتخلص النبات تماما من أي بقايا للأسبرين في أنسجته.