رغم تعدد الجهات الرقابية لسلامة الغذاء في مصر، إلا أنها تدار بعشوائية ودون تنسيق فيما بينها، ما أثر بالسلب على صناعة المواد الغذائية، وأصبحت هناك ضرورة ملحة لإنشاء هيئة سلامة معنية بالغذاء، خاصة أن مصر تعد الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم تصدر قرارا بإنشاء الهيئة رغم وجود كيان مؤسس لها تابع لوزارة الصناعة. يقول الدكتور نبيه عبد الحميد، مدير المركز المصري لسلامة الغذاء، إن هناك 12 جهة مسؤولة عن مراقبة الأغذية تعمل في جزر منعزلة، ولا يوجد تنسيق بينها، والأمر نفسه ينطبق على معامل تحاليل التغذية المنتشرة، في ظل غياب استراتيجية قومية لسلامة الغذاء، ما دفع خبراء الأغذية لاقتراح إنشاء هيئة سلامة الغذاء منذ عشر سنوات دون جدوى، فالكيان المؤسس موجود في وزارة الصناعة بانتظار قرار الخروج إلى النور؛ ليتولى صلاحيات تحمى سلامة الغذاء المصري. وأضاف عبد الحميد أن مصر الدولة العربية الوحيدة التي لا تمتلك هيئة لسلامة الغذاء، وهناك صعوبة في التعامل مع دول الاتحاد الأوروبي بمجال تصدير المنتجات الزراعية، التي تشترط الالتزام بالمعايير العالمية، منها تحقيق سلامة مياه الري، وأنواع الأسمدة المستخدمة، وجودة البذور، وفي حالة وجود ضرورة لاستخدام المبيدات، فلا يتم حصاده إلا بعد مرور 15 يوما حتى يختفي أي أثر للمبيد. وأوضح مدير المركز المصري لسلامة الأغذية، أن تعدد الأجهزة الرقابية المسؤولة عن سلامة الغذاء دون وجود اختصاصات محددة لكل جهة، فجر العديد من المشاكل، كإهدار الموارد البشرية والمالية؛ لتكرار أنشطة الرقابة من جهات مختلفة، ما يؤدى إلى زيادة التكاليف التي يتم إضافتها للسلعة الغذائية ويتحملها المستهلك في النهاية، بالإضافة إلى فتح ثغرات في نظام الرقابة لعدم وضوح الحدود الفاصلة بين اختصاصات الجهات المتعددة. تابع عبد الحميد أن تعدد الجهات الرقابية أدى إلى عدم قدرتها على توفير غذاء آمن؛ لاعتمادها على تشريعات قديمة غير مواكبة للتطور العلمي، واستخدام الطرق التقليدية في الرقابة ونقص المعدات، وعدم وجود برامج تدريبية متطورة، ما أدى إلى رفض بعض شحنات الأغذية المصرية عند فحصها بالخارج، رغم فحصها محلياً وإعطائها شهادات صحية، الأمر الذي سبب خسائر اقتصادية فادحة. وأكد الدكتور حسين منصور، رئيس هيئة سلامة الغذاء، أن تعدد الجهات الرقابية يمثل إهدارا للمال العام، ويؤدى إلى تضارب النتائج، وبالتالي المسؤوليات، ما أوجد ضرورة لتوحيد أنظمة الرقابة لضمان سلامة المنتج النهائي الذي يصل إلى المستهلك. واستطرد منصور أن هناك حوالي ألفي تشريع مسؤول عن تنظيم سلامة الغذاء، صدرت في أربعينات القرن الماضي، ما يجعلها غير مواكبة لتطور علوم وآليات الرقابة على سلامة الغذاء العالمية، مؤكدا أنه حتى اليوم، لم يوافق مجلس الوزراء على مشروع قانون إنشاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء؛ لمعارضة بعض المنتفعين في الجهات الحكومية التي تهدف إلى تحقيق منافع شخصية دون النظر إلى المصلحة العامة.