أزمة دبلوماسية جديدة بين إسرائيل والبرازيل، فجرها أحد مستوطني الضفة الغربية الذي عينته تل أبيب كسفير لها في البرازيل قبل أربع أشهر، وهنا ترددت البرازيل كثيرًا في القبول بتعيين داني ديان كسفير للكيان الصهيوني، بعد أن غادر السفير الإسرائيلي السابق رضا منصور برازيليا الأسبوع الماضي، وهو ما أثار قلق وحفيظة الكيان الصهيوني ودفعه إلى التشتت بين التراجع عن قرار التعيين أو الإصرار وتصعيد الأزمة مع البرازيل. رفض برازيلي أحجم مسؤولون في الحكومة البرازيلية عن التعليق على ما إذا كانت رئيسة البرازيل ديلما روسيف ستقبل ترشيح ديان من عدمه، لكن مسؤولًا رفيعًا في وزارة الخارجية قال: لا أعتقد أن ذلك سيحدث، وتابع أنه سيكون على إسرائيل اختيار سفير آخر إذ أن ديان، تسبب في زيادة تدهور العلاقات التي تضررت عام 2010، عندما قررت البرازيل الاعتراف بدولة فلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة التي احتلتها إسرائيل عام 1967 وأقامت عليها مستوطنات. أسباب الرفض البرازيلي توجهات ديان الذي كان يعمل كرئيس سابق لحركة الاستيطان اليهودي، وشغل مناصب عليا في قيادة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، تختلف تمامًا مع توجهات الحكومة البرازيلية التي تميل نحو اليسار، والتي تعتبر مثلها مثل معظم دول العالم أن المستوطنات الإسرائيلية غير مشروعة، وأعلنت ذلك في السنوات القليلة الماضية، مؤكدة دعمها لإقامة دولة للفلسطينيين، مما جعل ترشيح الكيان الصهيوني لديان، لم يلق الاستحسان البرازيلي. اختلاف التوجهات لم يكن السبب الوحيد لرفض البرازيل استقبال السفير الصهيوني في بلادها، بل جاء إعلان نتنياهو بتعيين ديان في رسالة قصيرة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر في 15 أغسطس الماضي، قبل إبلاغ البرازيل بالأمر رسميًّا، ليثير غضب الحكومة البرازيلية، التي وصفت الأمر بأنه عكس ما تقضي به الأعراف الدبلوماسية. غضب إسرائيلي تردد مسؤولو البرازيل في قبول داني ديان في بلادهم أغضب الكيان الصهيوني كثيرًا وأثار قلق الحكومة الإسرائيلية، من أن تشجع الأزمة الدبلوماسية بين البلدين في تكثيف النشاط المُعادي للاستيطان على الأراضي الفلسطينية، وأن تتزايد التحديات ضد إسرائيل في الساحة الدولية، خاصة مع انضمام معظم الدول الأوروبية للصف الفلسطيني، التي كان آخرها قرار الاتحاد الأوروبي بوسم منتجات المستوطنات الإسرائيلية، وما يحمله من تهديد لاقتصادها، كل ذلك دفع الحكومة الإسرائيلية إلى محاولات الضغط على البرازيل، من خلال تهديدها بتخفيض مستوى العلاقات الثنائية، حيث قالت: البرازيل تخاطر بخفض مستوى العلاقات الثنائية، إذا لم تقبل داني ديان خلفًا لرضا منصور. من جانبها؛ قالت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي تسيبي حوتوبيلي: إسرائيل ستضع العلاقات الدبلوماسية مع البرازيل عند المستوى الثاني، إذا لم يعتمد تعيين داني ديان، مؤكدة أن ديان لا يزال المرشح الوحيد للمنصب، وتابعت حوتوبيلي أن إسرائيل ستضغط على برازيليا من خلال الجالية اليهودية في البرازيل والمقربين من الرئيسة ديلما روسيف والمناشدات المباشرة من رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو. اتخذ ديان موقفًا هجوميًّا للدفاع عن تعيينه، قائلًا لوسائل إعلام إسرائيلية: حكومة نتنياهو لم تفعل ما يكفي للضغط على البرازيل لقبوله، مضيفًا أن عدم القيام بذلك قد يخلق سابقة تمنع المستوطنين من تمثيل إسرائيل في الخارج. محاولات ضغط لم يقتصر الغضب الإسرائيلي على التصريحات المعادية والمهددة للبرازيل، بل وصل الأمر إلى إعداد خطة للتصدي للرفض البرازيلي، ومن المقرر أن تُعرض هذه الخطة على رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو هذا الأسبوع، ومن بين بنود الخطة استدعاء السفير البرازيلي في تل أبيب لجلسة توضيح في الخارجية الإسرائيلية لنقل رفض إسرائيل «مماطلة الحكومة البرازيلية»، إلى جانب البدء بخطوات للضغط على نواب في البرلمان وعلى الجاليات اليهودية في البرازيل، التي تبلغ 120 ألف يهودي لدعم الموقف الإسرائيلي. من جهة أخرى حاول وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون في نوفمبر الماضي، التحدث مع وزير الدفاع البرازيلي السابق جاك فاغنر؛ لفحص الدوافع وراء تأجيل البرازيل لموافقتها على تعيين ديان، سفيرًا لإسرائيل في البرازيل، حيث يعتبر فاغنر أحد أكبر المؤيدين لإسرائيل في الحكومة البرازيلية، وهو ابن لعائلة يهودية هاجرت من بولندا، وعين في منصب رئيس ديوان الرئاسة بمستوى وزير، الأمر الذي جعله أحد أقوى الشخصيات في الدولة. هذه المحاولة الإسرائيلية هي الأخرى باءت بالفشل حيث قطع فاغنر الاتصالات مع إسرائيل، وتهرب من تلقي مكالمات يعالون الهاتفية، بعد أسبوعين من المحادثات بينهما، واتصل أحد مستشاري فاغنر بالسفارة الإسرائيلية في البرازيل، وقال: أوقفوا الاتصالات، نحن نعرف ماذا يريد يعالون، سنرد عليه عندما يكون هناك داع. توتر العلاقات التوتر بين البلدين لم يكن وليد اللحظة، بل بدأ منذ عام 2010 عندما اعترفت البرازيل بدولة فلسطين، ومن ثم زاد التوتر عندما قاد الرئيس البرازيلي السابق إيناسيو لولا دا سيلفا بلاده نحو التقارب مع إيران، إلَّا أن حدة التوتر تصاعدت بشكل كبير بين البلدين العام الماضي، عندما وصف متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية البرازيل بأنها قزم دبلوماسي، بعدما استدعت البرازيل سفيرها من إسرائيل؛ احتجاجًا على الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة والمعروف ب«حرب غزة» التي بدأت في يوليو عام 2014.