تعمير سيناء يتكلف 30 مليون دولار قيمة إنشاء السدود الركامية.. والدراسات بالأدراج منذ 1980 إثيوبيا ستخضع في النهاية للقانون الدولي وشروط اتفاقية 1990 المبرمة مع مصر يمثل ملف المياه وسد النهضة أهم الموضوعات التى تؤرق الشعب المصرى، خاصة بعد دخول مصر مرحلة الفقر المائى، ولجوء الكثير من المزارعين لرى الأراضي بمياه المصارف. "البديل" التقت الأستاذ الدكتور مجدي أبو ريان، الخبير المائي ورئيس جامعة المنصورة الأسبق، ورئيس جمعية تكنولوجيا المياه، ورئيس مركز أبحاث ومشروعات المياه "حياة"، لتحاوره حول السد ومخاطره على مصر، وآفاق الأزمة، وكيف يمكن لمصر التعامل مع الملف، وعن الحلول الآنية والعاجلة لمشكلة نقص المياه في ظل تزايد عدد السكان. ونحن على مشارف أزمة مياه، ما مدى خطورة سد النهضة على مصر؟ الخطر الحقيقي ليس في سد النهضة، فمصر دخلت مرحلة الفقر المائى بالفعل؛ لأن حصتها من مياه النيل هي 55.5 مليار متر مكعب، والاستهلاك الفعلي لمصر هو 71 مليار متر مكعب، ويتم تعويض الفارق من تدوير الصرف الصحي بواقع 2.6 مليار متر مكعب، إضافة إلى 4 مليارات متر مكعب من المياه الجوفية السطحية، وملياري متر من المياه الجوفية العميقة. والغريب أنه مع مرحلة الفقر المائي التي تعيشها الدولة، تعلن عن خطتها لاستثمار 4 ملايين فدان. الموضوع الأهم هو استراتيجية عام 2040 التي أعدها مجموعة من الزملاء المتخصصين بمركز بحوث المياه بالمنصورة. فعندما يزيد عدد السكان 20% عام 2040، ستبلغ احتياجاتنا المائية من 110 إلى 120 مليار متر مكعب. فماذا نفعل وحصة مصر 55.5 مليار متر مكعب مياه لا تكفيها حاليًّا؟ لدرجة أن أطراف محافظتي الدقهلية والشرقية تزرع الأرز والفاكهة بمياه الصرف الصحى؟ وهل سيزيد سد النهضة من الفقر المائي لمصر بعد إنشائه؟ سد النهضة جزء من الأزمة، ولا بد من حل مشكلة المياه بشكل متكامل، والتقديرات المبدئية تقول إن نصيب مصر سيقل 10 مليارات متر مكعب من المياه عند الانتهاء من بناء السد بشكله الذي يريده الإثيوبيون. وللأمانة التاريخية فإن مصر وافقت رسميًّا على بناء السد فى عام 1990، ولكن بشروط معينة، أهمها بندان أساسيان: الأول هو أن تكون فترة ملء الخزان 4 سنوات، ولكن أطماع إثيوبيا فى إنتاج كهرباء بمقدار 8000 ميجاوات يدفعها لتعجل بملئه في سنتين. وهذا يعني منع المياه عن مصر نهائيًّا. وتلك كارثة بكل المقاييس. كما أن ملء السد في سنتين يعرضه للانهيار، وتلك كارثة بيئية. والبند الثاني هو ارتفاع الخزان، فقد وافقنا على ارتفاع معين، بحيث لا يؤثر على الموارد المائية لمصر، وأن يُستخدَم الخزان فقط فى إنتاج الكهرباء، ولكن أطماع إثيوبيا في استخدام الخزان في الري إلى جانب توليد الكهرباء والري جعلها تخالف بنود الاتفاقية، وتزيد من ارتفاع السد، وهذه مشكلة ثانية. ولكن على المصريين أن يطمئنوا إلى أن إثيوبيا ستخضع في النهاية للقانون الدولي والاتفاقية التى أبرمت عام 90، ومصر حتى الآن تحترم القانون الدولي. وهل هناك حلول آنية يمكن أن تحمي مصر من الفقر المائي؟ نحن نريد زيادة 40 مليار متر مكعب من الماء بحلول عام 2040؛ حتى نهرب من الفقر والجوع المائي؛ ولهذا يجب توصيل كافة المعلومات والحقائق بشفافية إلى الرئيس؛ حتى يتم إصدار القرار السليم المبني على حقائق ووقائع مدروسة. وأهم الحلول هي البعد عن استخدام "الري بالغمر" واستبداله بنظام "الري بالرش"؛ لأننا نستهلك 42 مليار متر مكعب من الماء بالري بالغمر، ومن الممكن أن نستهلك 20 مليار فقط في الزراعة بنظام الري بالرش. أيضًا نستطيع توفير مليون ونصف مليون متر مكعب عن طريق استكشاف المياه الجوفية في الصحراء الغربية، واستكمال مشاريع أعالي النيل، مثل مشروع "قناة جونجلي"، الذى بدأناه منذ 20 عامًا، وللاسف تَوقَّف بعد الانتهاء من نصفه، وكان سيجلب لمصر 16 مليار متر مكعب من المياه. وهذا المشروع يمر بجنوب السودان، ومصر علاقاتها جيدة مع جنوب السودان. أما المشروع الأخير الذي يجلب 14 مليار متر مكعب من المياه مناصفة بين مصر والسودان فهو استكمال إنشاء بحيرة "بحر العرب" أو "بحر الغزال". كما يمكننا حصد 2 مليار متر مكعب سنويًّا، من خلال إنشاء خزانات لمياه الأمطار والسيول. ويكفي أن السيل الذي حدث في العريش أهدر 4 مليارات متر مكعب، تم تصريفها على البحر مباشرة دون استغلال. وكيف يمكن استغلال هذه السيول في حل أزمة المياه وتعمير سيناء؟ تعمير سيناء يعتمد على الأودية، ويمكن إنشاء سدود ركامية. والأبحاث متواجدة بأدراج وزارة الزراعة منذ سنوات، والوزير حسام مغازي أقام سدًّا اعتمد فيه على وادي "وتير"، وهذه بداية جيدة. وأقول إن سيناء ستُعمَّر بالسدود الركامية، وعددها 30 سدًّا، لن تكلف الدولة سوى 30 مليون دولار فقط. والدراسة موجودة منذ عام 1980، والتجربة ناجحة في المغرب، التى لا تمتلك أنهارًا، وأقامت بحيرات من خلال الوديان التى نقاء المياه بها أفضل بكثير من نقاء مياه النيل. كما أن تكلفة إنشاء السدود الركامية أرخص كثيرًا من تحلية مياه البحر.