لم تفلح الإجراءات الأمنية الصهيونية المتشددة ولا التهديدات الحكومة في إحباط الهبّة الفلسطينية الشعبية، بل زادتها صمودا وإصرارا، فأخذت عمليات المقاومة الفردية تزداد وتتصاعد سواء طعن أو دهس أو إلقاء حجارة خلال مواجهات، وهو ما يؤكد فشل أجهزة الاستخبارات الصهيونية في إيقاف أو التنبؤ بعمليات المقاومة، وسط فشل آخر من جانب الأطراف الدولية في تهدئة الأوضاع. الحصيلة ترتفع سقط شهيد فلسطيني جديد اليوم الخميس، ليرفع حصيلة الشهداء منذ بداية الهبة الشعبية إلى 100 شخص، حيث استشهد شاب فلسطيني يدعى "يحيى يسري طه" ويبلغ من العمر 21 عامًا برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال المواجهات في بلدة قطنه شمال غربي القدسالمحتلة، عندما اقتحم جنود الاحتلال البلدة بمئات العناصر واطلق الرصاص الحي على الشباب فيها. قالت وزارة الصحة الفلسطينية، إن الشاب "طه" وصل المستشفى مستشهدًا نتيجة اصابته بعيار ناري في الرأس، وجاء ذلك غداة استشهاد شابين الأول برصاص الاحتلال وهو الشاب "محمد الشوبكي" البالغ من العمر 19 عامًا وهو من سكان مخيم الفوار، بعدما نفذ عملية طعن مستوطن وإصابه بجروح بالغة عند مفترق المخيم جنوب الخليل، واستشهاد الفتى "ابراهيم عبد الحليم داوود"، وعمره 16 عامًا، وقد استشهد بعدما كان اصيب برصاصة في القلب قبل اسبوعين خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الاسرائيلي، ليرتفع بذلك حصيلة الشهداء منذ مطلع الشهر الماضي إلى 100 شهيد، بينهم 18 في قطاع غزة، وواحد من النقب، ومن بين الشهداء أيضًا 22 طفلاً وطفلة و4 سيدات. دعوات لإشعال المواجهات مع ارتفاع حصيلة شهداء الهبة الفلسطينية، ارتفعت أيضًا الدعوات لمواجهات مع الكيان الصهيوني، حيث دعت حركة "حماس" في الضفة الغربيةالمحتلة، "كافة أبناء الشعب الفلسطيني المجاهد إلى إشعال المواجهات الغاضبة في وجه الاحتلال بجمعة غضب جديدة 27-11، والخروج في المظاهرات والمسيرات التي ستنطلق عقب صلاة الجمعة من مختلف أنحاء الضفة. وشددت الحركة على "ضرورة مضاعفة الضغط وتوسيع المواجهات أيام الجمع التي تعدّ أعمدة الانتفاضة وأركان مقاومتها الباسلة"، داعية "أبناء شعبنا وفصائله الحية لتصعيد المقاومة بكافة الأشكال والأدوات، حتى يندحر الاحتلال عن أرضنا المباركة، وتتحقق كافة مطالب الشعب بالحرية والاستقلال"، وقالت الحركة إن مواصلة الاحتلال احتجاز جثامين الشهداء، واستمرار هجومه على المسجد الأقصى، وتعديه على المصلين والمرابطات، يستدعي تحركًا شعبيًّا واسعًا ومقاومة صلبة للضغط على الاحتلال، وتشتيت قواه الأمنية والعسكرية في مختلف محافظات الضفة، وأكدت "حماس" على أن "الوفاء لدماء الشهداء الأبرار، سيبقى عهدًا في أعناق المقاومين ما دام في الشعب الفلسطيني قلب ينبض"، مذكرة بأن العمليات البطولية التي آلمت المحتل ولا تزال هي ما يرسم طريق الحرية التي ينشدها الشهداء الأبطال. مواقف تهدئة متخاذلة تأتي الدعوات الدولية لتهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية متخاذلة وضعيفة، فلايزال الجانب الأمريكي يدعم الكيان الصهيوني كعادته، فلم ينتظر وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" أن تطأ قدمه أرض رام الله ليعلن دعمه اللامحدود لكيان الاحتلال وإدانته للمقاومة الفلسطينية، حيث أكد "كيري" دعم الولاياتالمتحدة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، معربًا عن استيائه إزاء موجة الهجمات الفلسطينية، وبحث مع زعماء الطرفين سبل الحد من اعمال العنف. في الوقت ذاته استقبل رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" في رام الله، وطالب "عباس" الإدارة الأمريكية بالضغط على كيان الاحتلال لوقف اعتداءاته على الفلسطينيين. الزيارة التي جاءت بعد نحو شهرين من أعمال عنف وانتهاكات لجيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، علق عليها الفلسطينيون الكثير من الآمال في تهدئة الأوضاع، لكنها أحبطت هذه الأمال وأكدت على دعم الجانب الأمريكي الغير مشروط للكيان الصهيوني، فوجد الفلسطينيون أن "كيري" جاء رام الله ليتحدث بلسان الاحتلال ليس أكثر، وهو ما دفعهم إلى التظاهر ضد زيارته التي لم تأت بجديد ليظهروا له أنه "شخص غير مرغوب فيه"، حيث رفعت الفصائل الفلسطينية شعارات تطالب الإدارة الأمريكية بالتوقف عن لعب دور الوسيط المنحاز، والذي يحمل البشرى للاحتلال ويلوح بالعقاب للفلسطينيين، وقال الأمين العام للمبادرة الوطنية "مصطفى البرغوثي"، "لا أحد يوقف الانتفاضة إلا الشعب الفلسطيني نفسه"، مؤكدًا أن "هذه الانتفاضة قامت من أجل الحرية، ولن تهدأ إلا بطريقة واحدة، أن تجبر الولاياتالمتحدة الكيان الإسرائيلي على إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان والإفراج عن الأسرى والأسيرات". نشاط الدبلوماسية الفلسطينية يتواصل من ناحية أخرى لاتزال الدبلوماسية الفلسطينية تنشط بقوة في الأممالمتحدة في إطار محاولاتها المستمرة لتدويل القضية الفلسطينية، حيث قالت البعثة الدائمة لدولة فلسطين لدى الأممالمتحدة، إن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت بأغلبية ساحقة، خمسة قرارات تتعلق بفلسطين، وألقى المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأممالمتحدة السفير "رياض منصور"، كلمة عقب التصويت عبر فيها عن شكر وتقدير فلسطين للدول التي صوتت لصالح القرارات وللدول التي تبنتها، وذكر أن هذا التصويت، وبأغلبية ساحقة، يؤكد مجددًا المواقف المبدئية القوية للمجتمع الدولي إزاء حقوق الشعب الفلسطيني، بما فيها حقه في تقرير المصير، وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، ويبعث برسالة قوية تشد من عضد الشعب الفلسطيني في نضاله المستمر من أجل إنهاء الاحتلال وتحقيق استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدسالشرقية وانقاذ حل الدولتين.