جنون اعتقاد «الاصطفاء الإلهى» والقتل باسم الدين نهج مشترك المظلومية التاريخية وقود كسب التعاطف.. والاختراق الناعم وسيلة موحدة الاقتصاد السرى والتمويل الخفى أساس تشكيل الكيانين تفخيخ العقول وتكوين مؤسسات موازية طرق شيطانية على امتداد التاريخ، لم تكن الجماعات ذات الأيديولوجيات المغلقة وليدة بيئة واحدة، لكنها تتشابه غالبا فى المسارات والفكر والمنهج مهما اختلفت الأوطان والعصور، ومن أبرز تلك الجماعات التى أثارت الجدل وأثرت فى مسار الأحداث السياسية والاجتماعية، جماعة الإخوان المسلمين والتيارات اليهودية المتشددة.. اقرأ أيضًا| a href="https://akhbarelyom.com/news/newdetails/4733069/1/%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%B9%D8%AF-%D9%86%D9%81%D9%88%D8%B0-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%B3%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A--%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%AD%D8%B0" title="تصاعد نفوذ اليسار البريطاني .. "أماميان" يحذر من "تحولات تهدد القيم التقليدية""تصاعد نفوذ اليسار البريطاني .. "أماميان" يحذر من "تحولات تهدد القيم التقليدية" فبالرغم من التباين الظاهرى فى الدين والهوية، فإن القواسم المشتركة بينهما تثير الدهشة: من فكرة «الاختيار الإلهي»و«الطائفة المنقذة»، إلى الاعتماد على التنظيم السري، واستغلال الدين لتحقيق النفوذ السياسي، واختراق مؤسسات الدولة والمجتمع لبناء كيان موازٍ يخدم مصالح الجماعة لا الوطن. الأخبار ناقشت مع الخبراء والمختصين وجهة التشابه بين الإخوان والصهاينة فى محاولة لفهم كيف التقت الأهداف وتطابقت الأساليب رغم اختلاف العقيدة. فى البداية يقول دكتور محمد وزان خبير الشئون الإسرائيلية والدراسات السياسية، من الخطأ اختزال المقارنة بين التيار الصهيونى وجماعة الإخوان فى بعدها العقائدى أو الدينى فهما حركتان مختلفتان جذريًا فى المنطلقات والمرجعيات. ومع ذلك، فإن القراءة الموضوعية تكشف عن تشابهٍ لافت فى البنية التنظيمية والأدوات التعبوية وأسلوب اختراق المجتمع، وهى عناصر كفيلة بتفسير طبيعة الخطر الذى تمثله مثل هذه التنظيمات على كيان الدولة الوطنية الحديثة. اقرأ أيضًا| «البيت الأبيض» ينشر تعهد «ترامب» بتصنيف الإخوان جماعة إرهابية وأضاف وزان إن الصهيونية ظهرت فى أوروبا أواخر القرن التاسع عشر ردًّا على أزمات الهوية والاضطهاد ومعاداة السامية، فتبنت خطابا يعد بإقامة وطن قومى لليهود وبعدها بنحو نصف قرن، نشأت جماعة الإخوان المسلمين فى مصر عام 1928 فى لحظة مشابهة من التصدّع الاجتماعى والاستعمار الأجنبي، رافعة شعار «الإسلام هو الحل» لتقدّم مشروعًا إصلاحيًا شاملاً يطمح إلى إعادة صياغة المجتمع والدولة. كلا المشروعين ولد فى ظرف تبنى فيه فكرة «الخلاص الجماعي» من خلال إعادة بناء هوية جديدة، سواء قومية عند الصهاينة، أو دينية شمولية عند الإخوان. بالاضافة إلى بناء مجتمع موازٍ داخل الدولة فى فلسطين ما قبل 1948، أنشأ «لييشوف»الصهيونى مؤسساتٍ كاملة مثل النقابات العمالية (الهستدروت)، ومدارس، وجمعيات إسكان، وجماعات أجهزة الدفاع (الهاجاناه)، ومجالس محلية تشبه الوزارات المصغّرة. أما جماعة الإخوان فقد بنت فى مصر خلال الثلاثينيات والأربعينيات شبكة واسعة من المدارس والمستوصفات والجمعيات الخيرية التى أدت وظيفة الدولة فى بعض المناطق، وهو ما منحها شرعية اجتماعية وشعبية مكنتها والنتيجة هنا واحدة بين الصهيونية والإخوان وهى قيام بنية مؤسسية موازية تُنافس الدولة وتستمد شرعيتها من الخدمة الاجتماعية لا من القانون. أما عن التنظيم المنضبط والطليعة المؤدلجة اعتمد التيار الصهيونى مبكرًا على هياكل انضباطية صارمة، من مؤتمر بازل إلى المنظمات شبه العسكرية السرية التى شكّلت لاحقًا نواة الجيش الإسرائيلي. والإخوان بدورهم صاغوا نموذجًا تنظيميًا مغلقًا، قائمًا على «الاسرار» والخلايا الصغيرة تحت إشراف مباشر من القيادة، مع جهاز خاص سرى تأسس فى الأربعينيات، فكلاهما آمن بفكرة «الطليعة الملتزمة» القادرة على التضحية وتحمل كلفة الصدام من أجل تحقيق المشروع الأكبر. وأكد وزان أن هناك تشابها بين الازدواج بين الدعوة والسياسة فلم تكن الصهيونية حركة سياسية بحتة، بل مشروعًا ثقافيًا واقتصاديًا وتعليميًا متكاملًا سعى لتشكيل «إنسان عبرى جديد» ، لم يكتفِ الإخوان بالدعوة الدينية، بل تحركوا فى النقابات، والبرلمان، والجمعيات الخدمية، وحتى المجال الاقتصادي. وأوضح أن الصهيونية استخدمت مأساة الاضطهاد الأوروبى لتبرير إقامة دولة على حساب شعب آخر، فيما استخدم الإخوان خطاب «الاستضعاف» لتبرير الصدام مع الدولة تارة، والمهادنة المؤقتة تارة أخرى. فى الحالتين، تحولت المظلومية إلى أداةٍ سياسية، تمنح التنظيم قدرة على إعادة إنتاج ذاته رغم الفشل أو الرفض الشعبي. وأعرب خبير الشئون الإسرائيلية أن المشكلة ليست فى وجود فكرٍ ديني، بل فى تحول الفكر إلى تنظيم مغلق يملك أذرعًا اقتصادية واجتماعية موازية، ويضع ولاء التنظيم فوق ولاء الدولة. فكما شكّلت الصهيونية فى زمنها تهديدًا للوجود العربى عبر السيطرة على الأرض والموارد، شكّلت جماعة الإخوان تهديدًا داخليًا للنظام الوطنى المصرى عبر محاولات اختراق مؤسسات الدولة وإضعاف ثقة المواطنين فيها. ومن هنا كان الموقف المصرى حاسمًا: لا شرعية إلا لشرعية الدولة، ولا سلطة فوق سيادة القانون . أما عمرو فاروق، الباحث فى شئون جماعات الإسلام السياسى وقضايا الأمن الإقليمي، أن وجه الشبه بين كل من جماعة الإخوان واليهودية الصهيونية، يرتكز فى أن كلا منهما حولا العقيدة الدينية إلى إطار أيديولوجى قائم على توجهات سياسية مرتبط بالمشروع التوسعى سواء من خلال بناء الدولة اليهودية «إسرائيل الكبرى»، أو إقامة «الخلافة الإسلامية»، القائم على مظلة «الأممية الأصولية». فى عملية خلعت المذهب الدينى من جوانبه الروحية والروحانية، ودفعت به نحو الجمود والهيمنة السياسية. وأشار فاروق، إلى أن جماعة الإخوان واليهودية الصهيونية، تبنى كل منهما مفهوم عسكرة الدين، أى توظيف «القوة» من أجل بناء الدولة، ومن ثم اشتركا فى صناعة الميليشيا المسلحة التى ترفع شعار القتال من أجل الدين، فى خداع لاتباعهما، وتزييف للحقائق، ومن ثم أخرجت الجماعة ما عرف ب«فقه التنظيم» والجماعة، وحولوا السيرة النبوية لمنهج حركى عسكرى مثلما فعل منير الغضبان فى مخطوطته التى يتم تدريسها للقواعد التنظيمية. وأكد فاروق، أن الإخوان واليهودية الصهيونية، كل منهما احتكر الحديث باسم الله، فضلا عن أن كلا منهما تبنى فكرة الاصطفاء والاختيار الإلهي، فى تماهى مع تحويل الانتماء إلى اليهودية إلى «عرق قومي» بينما جماعة الإخوان ارتسم خطابها بالنزعة الاستعلائية فى تماهٍ مع الاصطفاء والاختيار الإلهى والارتقاء عمن حولها سواء الجمهور العام أو ابناء الحركات الأصولية الأخرى، وفى مقابل ذلك نجد أن أدبياتهم الفكرية حملت نوعا من تحقير الآخر، أو تجهيله عقائديًا ودينيًا، مثلما طرح سيد قطب فى كتابه «فى ظلال القرآن»، وكتاب «معالم فى الطريق». ويؤكد الدكتور أحمد فؤاد أنور أستاذ الدراسات العبرية بجامعة الإسكندرية وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية إنه رغم اختلاف العقيدة والبيئة، فإن الفكر الإخوانى والفكر الصهيونى يلتقيان عند جوهر واحد وهو فكرة «الاختيار الإلهى والفرقة الناجية» التى ترى نفسها فوق المجتمعات الأخرى، وتحتكر طريق الخلاص والهداية. ففى حين يعتقد الصهاينة أنهم «شعب الله المختار»، يتبنى الإخوان تصوراً مشابهاً بأنهم «جماعة المسلمين الحقيقية» التى تمتلك وحدها الفهم الصحيح للإسلام، ومن ثم تجيز لنفسها الوصاية على الأمة، والتدخل فى شئون الدول والمجتمعات. موضحا أن كلا الفكرين يعتمد على العقيدة المغلقة والتنظيم السري، ويستخدم الدين كوسيلة للنفوذ لا كغاية للتهذيب، فالصهيونية توظف التوراة لتبرير التوسع والسيطرة، والإخوان يوظفون النصوص الإسلامية لتبرير الوصول إلى الحكم وتكفير خصومهم ،كما أن كليهما يؤمن بفكرة الدولة العالمية أو الكيان الأممى الذى يتجاوز حدود الوطن. مشيرا إلى التقاء السياسات التنفيذية للجماعة والصهيونية أيضاً فى اختراق مؤسسات الدولة والمجتمع، فالصهيونية بنت نفوذها فى الاقتصاد والإعلام، والإخوان عملوا على التغلغل فى النقابات، والتعليم، والمنابر الدينية ، وفى الحالتين، الهدف واحد وهو التحكم فى الوعى وصناعة أجيال تدين بالولاء للفكرة لا للوطن. كما تميزت هذه التنظيمات بالعنف وبتجاوز القوانين والحدود الدولية، مستغلة الدين كشعار سياسي، تماماً كما تفعل الصهيونية التى توظف العقيدة الدينية لتحقيق أهداف توسعية. ويضيف الدكتور أنور أن أخطر مايجمعهما هو استهداف الجيوش العربية فكما تفعل الصهيونية ذلك فعل «الإخوان المسلمين» ووجهوا أسلحتهم نحو الداخل العربي، مساهمةً فى تفكيك الصف الوطنى وتشتيت الجهود التحررية. وأشار أنور إلى أن بعض الفصائل والأحزاب الإسلامية هى أدوات تنفيذية استخدمت لإضعاف الدولة والمجتمع المدني، ومن ثم لخدمة أهداف استراتيجية تتقاطع أحيانًا مع المصالح الإسرائيلية أو مصالح قوى خارجية. فالنموذج الذى اتبعته مجموعات مثل الإخوان اعتمد على اختراق مؤسسات الدولة (نقابات، مدارس، منابر إعلامية) وبناء شبكة اجتماعية وسياسية تمنحها قدرة على التأثير ورسم أجندة بديلة عن الدولة الرسمية، وهو ما وثقته دراسات وتحليلات عن تاريخ وتوسّع الحركة وممارساتها الاجتماعية والسياسية. وأضاف أنور على المستوى التكتيكي، استخدمت بعض التنظيمات العنف الداخلى أو التحريض السياسى لإشغال الأجهزة الأمنية وملء فراغات السلطة، بينما سعت مجموعات متطرفة أخرى إلى جذب الانتباه بالإرهاب العابر للحدود لفرض واقع أمنى جديد وهذه الغاية تجمع الإخوان والصهيونية فكلاهما متفق على أهمية تدمير الدول العربية من الداخل.