لاتزال المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال مستمرة، ولا تزال الأخيرة تُصعد دائمًا من انتهاكاتها تجاه الفلسطينيين، على اعتبار أن ذلك شكل من أشكال العقاب الذي تبني عليه أمل إحباط الهبّة الفلسطينية، لكن النتائج ترتد على الكيان الصهيوني بالعكس، فمع تصاعد الانتهاكات الصهيونية تشتعل المقاومة الفلسطينية وتزداد إصرارًا. اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال قدُرت بحوالي 1000 جندي، مخيم "قلنديا" عند الساعة الثانية فجر اليوم الاثنين، من جميع مداخله بعد إغلاق كل الطرق المؤدية إليه، ونشرت قوات الاحتلال قناصتها على أسطح البنايات ما أدى إلى شل الحركة بالكامل داخل المخيم، كما انتشرت في حاراته وحاصرت منزل الأسير "محمد أبو شاهين" وسط المخيم، وأجبرت سكان المنطقة بالكامل على مغادرة منازلهم، قبل أن تقوم بزرع المتفجرات بكل أنحائه وتفجير الطابق العلوي للمنزل بالكامل. https://www.youtube.com/watch?v=Ffca0ICfSgQ عملية المداهمة المستفزة للمخيم ومنزل الأسير أثارت امتعاض وغضب الفلسطينيين هناك، حيث اندلعت مواجهات، وسمعت أصوات اشتباكات مسلحة بين الشبان وقوات الاحتلال، استشهد خلالها شابين وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، "أحمد أبو العيش" 28 عامًا، و"ليث أسعد مناصره" 21 عامًا، وأصيب خلالها العشرات معظمهم بالرصاص الحي والمطاطي، كما أُصيب العشرات بحالات اختناق بعد إمطار الجنود المخيم بالقنابل الغاز المسيل للدموع لتأمين عملية انسحاب قواته بعد عملية تفجير المنزل، كما منعت قوات الاحتلال الإسعاف وطواقم الهلال الأحمر من دخول المخيم خلال المواجهات، واعتدت على الطواقم الطبية وقامت باحتجاز مركباتها. دانت الرئاسة الفلسطينية، الجريمة الجديدة التي ارتكبها جيش الاحتلال في مخيم قلنديا شمال القدس، مؤكدة أن سياسة إسرائيل، "ستشعل حرباً دينية"، وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، "نبيل أبو ردينة"، إن "حكومة الاحتلال الإسرائيلي ما زالت تصر على المضي بذات السياسة، من عمليات القتل والاعدامات الميدانية، وإنزال أشد العقوبات الجماعية، بما يتناقض مع الشرعية والقوانين الدولية الانسانية". من جانبها اعتبر بيان حركة "حماس"، "مجزرة قلنديا التي ارتكبها الاحتلال اليوم مثالاً للإرهاب الإسرائيلي، الذي يمثل ذروة الإرهاب والشر في العالم"، ودعت الحركة المجتمع الدولي، إلى التصدي للانتهاكات الإسرائيلية اليومية المستمرة بحق الفلسطينيين. من جهتها، قالت حركة الجهاد الإسلامي، إن "مجزرة قلنديا"، مثال حي على "الإرهاب الإسرائيلي"، وأضافت "جرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين، شاهد جديد على الإرهاب الذي يُغذي كل الشرور التي تصيب العالم"، أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فطالبت المجتمع الدولي، بأن يتصدى لما وصفته ب"أبشع أنواع الإرهاب في العالم"، وأضافت أن "مجزرة قلنديا، حلقة جديدة في مسلسل الإرهاب الإسرائيلي، وعلى العالم أن يعمل على إنقاذ الأبرياء في فلسطين، وأن يتوقف عن سياسة الكيل بمكيالين". يأتي اقتحام المخيم بعد أيام من عملية فلسطينية تشبه كثيرًا عملية "إيتمار" التي تمت في مدينة الخليل مع بداية الهبة الفلسطينية، حيث نفذ مسلحون فلسطينيون كمين محكم لسيارة مستوطنين إسرائيليين قرب مستوطنة "عتنيئيل" جنوبي شرق المدينة، وتجاوزت السيارة الفلسطينية سيارة المستوطنين، وأطلقت النيران بكثافة عليها، فيما نزل أحد المهاجمين من السيارة وأجهز على اثنين منهم، من دون أن يمسوا بثلاث بنات صغيرات وفتى إسرائيلي وأمه، ثم غادروا مكان العملية. في ظل تصاعد المواجهات بين الشباب الفلسطيني والقوات الإسرائيلية وعجز الأخيرة عن التصدي للهجمات الفلسطينية أو استيعابها، كشفت نتائج استطلاع للرأي العام أجراه المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي، أن أغلبية الفلسطينيين يؤيدون اندلاع انتفاضة ثالثة. وفي توصيف الأحداث الجارية في الأراضي الفلسطينية، قالت النسبة الأكبر التي تصل إلى 50% أنه حراك شعبي ومقدمة لإنتفاضة ثالثة، فيما عدّها نحو 32% انتفاضة ثالثة بالفعل، بينما اعتبرت نسبة 15% من المستطلعين أنها مواجهات عابرة سرعان ما تختفي. ورداً على سؤال حول الموقف من اندلاع انتفاضة ثالثة، أبدى أكثر من 50% تأييدهم لها، وذلك في زيادة ملحوظة تقدر ب20% عن استطلاعات سابقة، وبشأن طبيعة الانتفاضة إذا ما اندلعت، فإن 42% يؤيدون ان تكون مسلحة، مقابل نحو 30% يريدونها شعبية سلمية، بينما قال نحو 29% أنهم لا يؤيدون انتفاضة لا سلمية ولا مسلحة.