مقالات الثورة وميدان التحرير (45) تخيلت ليلة عيد ميلاد السيد المسيح بالتقويم القبطي لهذا العام الشيخ ” عماد ” يتقدم الحضور في الكاتدرائية المرقصية بالعباسية . والشيخ “عماد عفت” من شهداء مجزرة شارعي قصر العيني و مجلس الشعب شهر ديسمبر 2011. ودمه ودماء شهداء هذه المجزرة مازال ساخنا . أما تقرير الطب الشرعي ، الذي عاد إلى سابق سيرته أيام “السباعي” إياه مع استشهاد خالد سعيد ، فمازال معلقا على إرادة سياسية حاكمة لا تريد إدانة القتلة ورعاتهم في المجلس العسكري وأجهزة أمنه . تخيلت الشهيد الشيخ عماد هذه المرة عندما يذكر البابا العجوز بصوته الواهن اسمه ضمن قائمة المشكورين الحضور للتهنئة بعيد الميلاد فوجدته يلقى أحر وأصدق تصفيق تطرب له جدران الكاتدرائية .تصفيق لا يمكن مقارنة حرارته وصدقه بما كان على مدى السنوات الكابوسية السابقة لثورة 25 يناير لجمال مبارك و أحمد نظيف و حبيب العادلي و السفيرة الأمريكية. ورأيت الشيخ ” عماد” يتقدم إلى قدس الكنيسة . يتناول قطعة خبز قربان ويناولها الى شقيقه الشهيد ” مينا دنيال “. يتقاسمان الخبرة بالهناء والشفاء . يبتسمان وهما ينظران إلى أيقونة السيدة مريم تحمل عيسى يسوع طفلا مبتسما متورد الوجه. ويتبادلان النكات عن أوهام سلطة القتل والكذب في شعبية ميدان العباسية و من قبل فقاعات “روكسي” و ” مصطفي محمود” . وينحى الشيخ ” عماد” صحيفة أكاذيب تكتب عن ” مصر المنقسمة بين التحرير والعباسية ” . فيلتقط ” مينا” أوراقها البائسة ويضعها في صندوق قمامة الى جانب جدار الكاتدرائية. ويخرجان مع أول ضوء نهار يوم العيد .يجلسان لإحتساء شاي ساخن بالحليب في مقهي “سطوحى “بالميدان . يتجاذبان حديث الذكريات القريبة عن كل شهداء الثورة والذكريات البعيدة عن كل شهداء الحرية والعدل في المسيحية والإسلام . يتأبط “مينا ” ذراع ” عماد ” ويسيران عكس حركة السيارات المسرعة في ساعات النهار الأولى بإتجاه ” نجف” لتناول سندوتشات الفول والطعمية . وبعدها يستقلان المترو من محطة ” غمرة ” الى ميدان التحرير . يتفقدان جنباته . ويضع “مينا ” وردة حمراء لا أعرف من أين أتى بها أو أتته على موضع إستشهاد رفيقه ” عماد ” هناك عند مدخل شارع القصر العيني . ويتأبط الشيخ عماد ذراع رفيقه ويتجه به الى موضع إستشهاد “مينا” قرب ” ماسبيرو” ويفعل الشئ نفسه . وتنبت حول الوردتين الحمراوين بساتين بكل الألوان تزدهر فيها وجوه كل الشهداء . يصادفهما عند صرة الميدان ” الكعكة الحجرية ” عابر سبيل يبحث عن عمل منذ سنوات. يسألهما الدعاء والبركة . ويخرج المعتصمون من الخيام يلوحون لهما ويتبادلون معهما تحيات الصباح . ويبكى أب لشهيد بلا قصاص على كتف الشيخ ” عماد ” ثم ينتقل الى كتف “مينا “. ويتواعد الثلاثة على اللقاء بالميدان يوم 25 يناير 2012 . كارم يحيى صحفي بالأهرام 7 يناير 2012