كتب: محمد يحيي وشيماء حمدي مازالت مئات المقترحات والوعود الخاصة بإصدار قوانين حرية تداول المعلومات والبيانات حبيسة الأدراج في ملفات الحكومة المصرية، منذ ما قبل ثورتي 25 يناير و30 يونيو، ومضت خمس سنوات، ولازالت الدولة تتعهد بترسيخ آلية لتداول المعلومات، لكن الواقع يقول إن الدولة المصرية لا تملك أي قانون يضمن توفير المعلومة للجمهور أو لأعضاء الحكومة أنفسهم، أو حتى للصحفيين والباحثين، للحد دون التضارب الحكومي في البيانات الرسمية للوزارات خاصة الحقيبة الاقتصادية الخاصة بإحصائيات البطالة والتضخم والنمو الاقتصادي. وعقدت الحكومة عددا من جلسات الاستماع لإصدار قانون للمعلومات، لتخرج بمسودة نهائية لمشروع القانون في فبراير 2013، لم تقره حتى الآن سلطة التشريع في رئاسة الجمهورية، رغم مطالب خبراء الحكومة، بالإسراع في حسم القانون لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والمطلوبة والحد من الفساد المعيق لها. وقالت الدكتورة هدي المنشاوي، مدير إدارة البحوث والتحليل الفني للمجموعة المصرية للأوراق المالية، إن عدم توفير المعلومات وإتاحتها سواء للجمهور أو لدوائر صناعة القرار المختلفة، يؤدي لوجود معاناة لدى الباحثين في دعم أبحاثهم الاقتصادية أو ذات الأبعاد العلمية الدقيقة. وذكرت "المنشاوي" أنه بالفعل تم اقتراح قانون ينظم تداول المعلومات، لكن المشروع الخاص به مازال حبيس الأدراج ولم يخرج للنور بعد، ويهدد حجب المعلومة في انتشار الفساد المؤسسي الموجود بالجهاز الحكومي، لافتة إلى أن شفافية المعلومة يؤدي لاتخاذ قرارات سليمة تنعكس على قطاعات الدولة خصوصا الاقتصادية منها، وينعكس في النهاية على مستوى معيشة المواطن، وضخ مزيد من المشروعات الاستثمارية وتقليل معدلات البطالة وغيرها، ويوفر بيئة مناسبة للاستثمار. واعتبرت "المنشاوي" أن بعض المسئولين لديهم هاجس يقول لهم إن توفير أية معلومة ستكون بمثابة قرينة ضدهم، فيحجبونها خشية عدم ظهور تقصيرهم أو سوء إدارتهم، وبالتالي يهربون من أية مسئولية قانونية أو السلطات الرقابية والإعلام. من جانبها، قالت الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة المصرفية، إن الفترة الراهنة بحاجة لإطار تشريعي ينظم تداول المعلومات بما يدعم الاقتصاد القومي، ويؤدي لمزيد من تقريب وجهات النظر داخل الجهاز الحكومي. وأضافت "فهمي" أنه لا يعقل بأي حال من الأحوال وجود تضارب فيما تصدره الحكومة من بيانات ومؤشرات للتنمية الاقتصادية ويتعلق بمعدلات البطالة أو الفقر أو النمو الاقتصادي وكذلك نسب التضخم وزيادات الأسعار، مؤكدة أن كل جهة حكومية تصدر رقمًا أو نسبة مختلفة عن الأخرى، الأمر الذي يؤثر على مصداقية مصر في الخارج خصوصا لدى المؤسسات المالية والاستثمارية. وأشارت "فهمي" إلى أن الوقت حان لإعطاء المواطن أبسط حقوقه في توفير المعلومة السليمة والواضحة ولا تحتمل الالتباس وفقًا لمصادر موثقة، مؤكدة أن البرلمان المقبل عليه القيام بذلك الدور المهم إذا كانت هناك رغبة حقيقية للإصلاح الاقتصادي. وفى نفس السياق، أكد الدكتور حسام عيسي، أستاذ القانون بجامعة عين شمس، أن هناك حاجة ملحة لإصدار تشريع ينظم عملية التضارب في المعلومات التي تصدرها الحكومة باعتباره حقًا دستوريًا لكافة المواطنين، مشيرًا إلى أن الوضع لم يعد محتملًا لحجب أية معلومات عن الجمهور تحت مسمى "الإفصاح عنها يضر بمقتضيات الأمن القومي للبلاد". وتابع "عيسي" أنه ينبغي أن يتوافر في التشريع المقرر طرحه معايير لتوضيح مفهوم الأمن القومي للإفصاح عن المعلومة، وتوقيتا زمنيا للإعلان عنها، مؤكدا أن توفير المعلومة حق لكل المواطنين. وطالب "عيسي" بضرورة أن تسعى الحكومة لتقريب وجهات النظر مع المجتمع المدني لوضع ذلك القانون لدعم قطاعي البحث العلمي والاقتصاد في ذلك الخصوص.