المستهلك الحلقة الأضعف.. والحكومة لا تضع المواطنين في اعتبارها الدولار.. والوقود.. مبررات التجار الجاهزة للتلاعب في الأسواق قلة العمالة في العيد والعطلات سبب ارتفاع أسعار الخضروات خبراء: مصر "سوبر ماركت" كبير للبضائع المستوردة.. والإنتاج هو الحل يكاد بعض المسؤولين في مصر يتعاملون مع محدودي الدخل بمنطق "للفقير رب اسمه الكريم"، وهم غالبا لا ينظرون إلى الواقعين بين مطرقة ارتفاع الأسعار وسندان قلة المرتبات التي لم تعد تكفي متطلبات الحياة التي أصبحت تشكل عبئا كبيرا على كاهل المواطنين، وأصبح شراء احتياجات الأسرة مهمة صعبة. أسعار الخضروات ارتفعت بشكل ملحوظ، ووصلت الطماطم إلى 6 جنيهات، والفاصوليا تتراوح بين 7 و10، والكوسة بين 2 إلى 3 جنيهات ونصف، أما البطاطس وصلت إلى 2.25 جنيه للكيلو، والليمون من 3 إلى 5 جنيهات، والخيار 2.5، والفلفل البلدي بين 2 إلى 3 جنيهات، والثوم البلدي من 5 إلى 7 جنيهات. ويؤثر ارتفاع أسعار الخضروات علي الفقراء ومحدودي الدخل، في ظل عدم تدخل الحكومة للسيطرة علي الأسواق مراعاة لمصالح الطبقات الأدنى من الشعب التي تعاني من زيادة الأسعار وارتفاع متطلبات الحياة اليومية. وقال حمدي الجمل، الخبير الاقتصادي، إن سبب ارتفاع أسعار الخضار هو الأعياد والعطلات لأن معظم العاملين يذهبون إلي بلادهم، ويتركون عملهم وتكون تكلفة العمالة في العطلات مرتفعة بالإضافة إلي ارتفاع تكلفة النقل، وتاجر الجملة هو المستفيد الأول وهو الحلقة الأهم والأقوى، أما الفلاح والمزارع هو الحلقة الخاسرة، أما تاجر التجزئة فلا رقيب عليه لذلك ترتفع الأسعار. وأوضح أنه بنظرة سريعة إلى أسواق الخضار الآن سنجد عدد البائعين أقل من الأيام العادية بسبب إجازة العيد، وعلينا الانتظار إلى الأسبوع المقبل حتى تعود الأسعار إلي ما كانت عليه، فما يحدث الآن ليس ندرة في الإنتاج بل هو ندرة في الأيدي العاملة. وأكد أن ارتفاع أسعار اللحوم والأرز يحددها المستورد، ولذلك عندما تزيد الأسعار لا تعود مرة أخري، فيجب علي مصر أن تعود من مستهلك إلى منتج، لأننا أصبحنا الآن سوبر ماركت كبير لكل البضائع العالمية، ويجب العودة إلى الإنتاج. وتقول سعاد الديب، رئيسة جمعية حقوق المستهلك، إن الأسعار تفرض علي المواطن نتيجة استغلال الظروف، ولا توجد معايير لزيادة الأسعار التي نراها من فترة إلى أخري، مشيرة إلى أن ارتفاع أسعار الخضروات جاء نتيجة استغلال مناسبة العيد. وأضافت أنه لا توجد رقابة على الأسعار من قبل الحكومة، فلا توجد معايير لقياس ارتفاع الأسعار، والسوق لمن يمتلكه، ولذلك لابد أن يكون هناك جهاز لمراقبة الأسعار والزيادة التي تحدث دون معايير. وأكدت أن المبررات التي تقال دائما للمستهلك عند السؤال عن زيادة الأسعار هي "الدولار سعره زاد أو البنزين زاد"، موضحه أنه يجب أن تكون هناك بورصة أسبوعية لأسعار الخضروات حتى لا يقع المواطن فريسة لاستغلال البائعين. وتابعت: الأسعار عندما تزيد لا تعود مرة أخري إلى طبيعتها حتى مع انتهاء المبرر الذي يتحججون به، فالمنظومة من طرف واحد، وهناك من يمتلك ومن يتحكم في السوق، والحكومة لا تري الفقراء ومحدودي الدخل ودائما هم الضحية لأنهم آخر حلقات السلسلة وأضعفها. وأكد رائد سلامة، الخبير الاقتصادي، أننا لو نظرنا للمسألة بشكل كلي لعرفنا أساس المشكلة وهي أن سياسات مبارك فيما يتعلق بدور الدولة مازالت قائمة، الانحيازات الاجتماعية للدولة مازالت لصالح الأغنياء، فالدولة المصرية لا تأخذ في حساباتها محدودي ومعدومي الدخل، وهو ما يتماشي ويتطابق حرفيا مع رؤى المقرضين الدوليين وبالتحديد صندوق النقد الدولي. وأشار إلى أن انسحاب الدولة من أداء دورها الاجتماعي هو سبب ما تعاني منه الأسواق من انفلات في أسعار السلع بشكل جنوني لن يستطيع الفقراء احتماله، وهو ما سيتسبب في مزيد من الاختلالات الاجتماعية إن لم تتدخل الدولة بآليات عمل جديدة لصالح الفقراء وأضاف أن هذه الآليات لا تقتصر فقط على الرقابة على الأسواق حيث أدرك التجار توجهات الدولة المنسحبة تماما من دورها الرقابي فأشعلوا الأسعار، ولكن تلك الآليات تشمل أيضا أن تلعب الدولة دور التاجر المرجح وتقوم بالتدخل لدعم الأسواق وضبط الأسعار من خلال طرح سلع بأسعار في متناول المواطن البسيط، وتقوم هي بإنتاجها بهوامش ربحية مقبولة. وأوضح أن هذا الأمر لن يتحقق إلا إذا توافرت النية لتحقيق الاستقلال الوطني من خلال الابتعاد عن الاقتراض وتعليمات صندوق النقد الدولي وضبط الاستيراد السفيه الذي هو بالفعل "كعب أخيل"، وكبح جماح التضخم من خلال موارد حقيقية لا من خلال التسول من الخليج الذي تعاني ماليته بسبب انخفاض أسعار النفط، وهو ما سيؤثر سلبا علي مركز العملة الذي يتم الاستيراد من خلاله وتكف عن الاقتراض من الغرب. وأكد: إذا لم يتم التخطيط لعمل منظومة تصنيع كبرى وتطوير الزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وإطلاق الحريات السياسية مع تطبيق صارم للقانون فيما يتعلق بالاحتكار والتلاعب في الأسعار فسيظل لصوص المال العام وسماسرة الاستيراد يتحكمون بالأسواق وسيظل المواطن الفقير يعاني، لابد ببساطة من تغيير هوية وشكل الاقتصاد المصري الذي تجاوز حتى النمط النيوليبرالي إلى نمط منفلت بلا سيطرة. من جانبه، أوضح محمود العسقلاني، رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء"، أننا الآن في فاصل العروة، ولهذا تزيد الأسعار ويمكن التغلب على هذا، ولكن صادف أن الجمعيات الاستهلاكية كانت مغلقة بسبب إجازة العيد. وأضاف أن جمعية مواطنون ضد الغلاء اقترحت علي وزير الزراعة السابق إعطاءها 10 آلاف فدان تحت رقابة الدولة لزراعة الخضروات، والناتج من هذه الأرض يذهب من المنتج إلى المستهلك مباشرة ولكننا لم نجد ردا، وسنجدد طلبنا إلى وزير الزراعة الحالي، لكي نتفادى "العروة" القادمة ونتجنب زيادة الأسعار.