تشهد العلاقات الموريتانية المغربية تطورًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، لاسيما مع خروج معلومات من مصادر صحافية موريتانية تؤكد أن العلاقات مع المغرب التي تعتبر شبه مجمدة منذ فترة طويلة، تشهد تحسنًا كبيرًا في مستويات عدة، حيث نقلت وكالة «الطوارئ» الموريتانية،عن مصادر وصفتها بالمطلعة «أن يظهر تحسن كبير في العلاقات الموريتانية المغربية عما قريب، وذلك انعكاسًا لزيارة أنهتها للتو حرم الرئيس الموريتاني واستقبلت خلالها بحفاوة كبيرة من طرف الرسميين المغاربة»، وتوقعت مصادر وكالة «الطوارئ «أن تعين موريتانيا خلال الأيام المقبلة سفيرًا جديدًا لها في الرباط ضمن هذا التوجه الجديد نحو إذابة الجليد في العلاقات». ولطالما تواجه الدلوماسية الموريتانية منذ استقلال الدولة صعوبات، تمثلت في ضرورة أن يعقب قراراتها وتحركاتها قراءتان سياسيَّتان، مغربية وجزائرية، ولذلك فإن الأداء الدبلوماسي الموريتاني محكوم بمراعاة ردَّات فعل كلا الدولتين، وقد مرَّت العلاقة المغربية الموريتانية بتحولات عديدة تتراوح بين رغبة المغرب في نسج تحالف دائم معها، والاحتواء أحيانًا أخرى حين تعثُّر استراتيجية التحالف، وبسبب عدم الاستقرار في العلاقة، فقد اتجه المغرب إلى بناء تحالفات استراتيجية تمثِّل خيارًا للضغط على موريتانيا، مع دول تقع في حزام موريتانيا الجغرافي مثل مالي والسنغال. تمثِّل موريتانيا عنصر ارتكاز في إنجاح سياسات الجزائر تجاه المغرب، سواء في ملف الصحراء الغربية أو في سعي الجزائر لتحقيق استراتيجيتها في منطقة الصحراء والساحل لتطويق المغرب في ذلك الاتجاه، وبعد حوالي ثلاثة أعوام من تنسيق جيد مع الجزائر ترجع موريتانيا لتقترب من المغرب بعد الأزمة الدبلوماسية الأخيرة مع الجزائر. وعلى خلفية نزاع الصحراء الغربية، التي هي أساس الخلاف بين الجزائروالرباط، عارض المغرب تولي موريتانيا كرسيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بحكم أن موريتانيا تعترف بما يسمى "الجمهورية العربية الصحراوية" التي أعلنتها "جبهة البوليساريو"، من جانب واحد، منتقدًا استمرار نواكشوط تبني موقفًا غامضًا في نزاع الصحراء بالميل إلى الجزائر و"البوليساريو" عند كل طارئ دبلوماسي وإن كان بسيطًا. نتج من استمرار التوتر بين الطرفين تعزيز للعلاقات الموريتانية الجزائرية في السنوات الأخيرة عبر تنسيقهما المشترك في العديد من الملفات الإقليمية والقارية، غير أن الشهور الأخيرة شهدت بعض المواقف والتحركات الموريتانية التي اعتبرت، من قِبَل المراقبين، دليلًا على نوع من الدفء في العلاقات مع المغرب، من بينها زيارة رئيس الحزب الحاكم، سيدي محمد ولد محمد، إلى الرباط، واستقباله هناك بحفاوة كبيرة. ويعتبر المراقبون أن خلو منصب السفير في السفارة الموريتانية بالرباط منذ سنتين دليل على جمود العلاقات بين نوكشوط والرباط، مضيفين أن إذا تحققت زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس لموريتانيا خلال نوفمبر المقبل لحضور احتفالات موريتانيا بالذكرى 55 لعيد الاستقلال الوطني المقررة إحياؤها هذا العام بزخم كبير بمدينة نواذيبو سيتبخر هذا الجمود، وستشهد العلاقة تحسنًا متسارعًا في وقت قريب. وكان الاعتقاد السائد لدى الكثيرين في المغرب، كما في موريتانيا، هو أن وصول الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز للحكم سنة 2009، سيؤدي إلى تطور كبير في العلاقات الموريتانية المغربية، بالنظر لأصوله المغربية ولكون زوجته ذات التأثير الكبير مغربية أيضًا، وتزايد هذا الاعتقاد بمتابعة ولد عبد العزيز ما بين 1977 و1980 لتدريبات في الأكاديمية العسكرية الملكية في مكناس، ثم عودته إلى المغرب سنة 1993 ليتابع لمدة سنتين تكوينًا عسكريًّا عاليًا آخر. وتؤكد صحيفة «هسبرس» الإلكترونية المغربية «أن سوء الفهم الكبير الذي وقع في طريق العلاقات بين الرباطونواكشوط بدأ صغيرًا ليكبر مع مرور الأيام مثل كرة ثلج متدحرجة»، فقد بدأت الحكاية، حسب «هسبرس» عندما طلب عبد العزيز التوجه إلى المغرب كأول بلد يزوره بعد توليه الرئاسة في يوليو 2009، غير أن الرباط اعتذرت عن الموعد المحدد، وتكرس سوء الفهم بعدما تم تحديد موعد ثان لزيارة الرئيس الموريتاني للمغرب، لكن هذه المرة كانت نواكشوط هي من اعتذرت عن قيام الرئيس بالزيارة بحجة أن الوقت «غير مناسب» لأجندة الرئيس والأنكى أن عبد العزيز زار الجزائر في التوقيت نفسه، الجارة الشقيقة اللدود للمغرب. وتعاطت نواكشوط باستياء مع الإلغاء الأول لزيارة الرئيس ولد عبد العزيز إلى الرباط، وهو ما عززته وقائع أخرى، منها طرد موريتانيا لمراسل وكالة الأنباء المغربية عبد الحفيظ البقالي في ديسمبر في 2011 واتهامه بممارسة أدوار خارجه عن مهامه الإعلامية.