المصرف به صرف صحي وزراعي ونفايات مصنع سكر أبوقرقاص الحيوانات النافقة والقمامة تنتشر على الجانبين بطول 10كم تلوث المياه يتلف الزراعة.. ويسبب أمراض الكلى والكبد المحافظ: اجتماعات موسعة برؤساء المدن.. وخبير ألماني لحل المشكلة رغم وطأة إحساس المصريين بالخطر إزاء سد النهضة الذي تسابق إثيوبيا الزمن لاستكمال إنشائه عند منابع النيل، ورغم الخوف من تعرض شريان الحياة في مصر للتهديد، لا تزال مصر تمارس الإهمال وسوء معاملة النهر عمدا، ولا يزال مصرف "المحيط" يصب صرفه الصناعي والزراعي والصحي في النيل مباشرة، عند قرية إطسا، مركز سمالوط، بمحافظة المنيا، ويعاني الأهالي من تلوث المياه، وما تسببه من انتشار للأمراض والأوبئة التي تلاحقهم، فضلا عن الروائح الكريهة. "البديل" رصدت الحالة بعد أن تلقت العديد من الشكاوى التي وصفت الأوضاع ب"الكارثة" في قرية إطسا على بعد 20 كم من مركز سمالوط، حيث يلتقي مصرف المحيط ونهر النيل، ويصب مياهه المحملة بفضلات الصرف الصحي الناتجة عن بالوعات الصرف المنزلية، والصرف الصناعي الناتجة عن مصنع سكر أبوقرقاص، بجانب الصرف الزراعي ومخلفاته، في مياه نهر الينل مباشرة، وقد تغير لون مياه النهر في تلك المنطقة. الروائح الكريهة أول ما يلاحظه الوافد قبل دخول القرية، على بعد خطوات من بداية المصرف الذي يمتد بطول 10كم، وعلى امتداده توجد الجيفة والميتة وفضلات الصرف والقمامة المنتشرة على جانبيه، وخلف جدران المنازل ترقد الأبدان وقد أصابتها الأمراض والأوبئة، ومع نهاية المصرف تصطدم الأعين بمشهد صب أطنان المخلفات من فضلات الصرف بأنواعه في النيل وعلى مدار اليوم دون توقف ولو لدقيقة واحدة. كارثة أخرى كشفتها "البديل" تمثلت في قرب محطات رفع مياه الشرب بالقرية من مصب المصرف وهو موقع صب المخلفات بالنيل، ما يعني أن مياه الشرب التي ترفعها الشبكة للمواطنين محملة بكوارث صحية ناجمة عن اختلاط مياه المصرف بمياه النيل. وكشف مستند حصلت عليه "البديل" من رئيس حماية النيل بالمنيا أن مصرف المحيط الممتد بطول مراكز المنيا وسمالوط وأبو قرقاص وملوي وديرمواس، يصب 9 آلاف متر مكعب يوميًا من مياهه الملوثة في النيل، كما رصدت "البديل" سيارات تابعة للوحدة المحلية بالمنيا تلقي مخلفاتها داخل المصرف. وقال رئيس حماية النيل بالمنيا، المهندس حمدي محمد، إن المصرف محمل بنفايات ومخلفات الصرف الصناعي الناجمة عن مصرف سكر أبوقرقاص ويصبها في النيل مباشرة مع بقية المخلفات، ما يعد كارثة كبرى تصيب نهر النيل. وكشفت تقارير صحية عن زيادة نسب الحديد والمنجنيز ووجود رواسب صفراء وعكار زائد عن المعدلات الطبيعية بالمصرف، وأنه سبب تلوث مياه النيل، المصدر الرئيسي للشرب وري الزراعات، كما كشفت عدة تقارير أخرى تلوث مياه الشرب بسبب مصرف المحيط، وذلك في أماكن تواجد المصرف. قرية إطسا التي يقطنها قرابة 28 ألف نسمة، اشتكى أهلها انتشار أمراض التهاب الكبد الوبائي والفشل الكلوي، وكذا الروائح الكريهة، وطالبوا بسرعة إيجاد حلول لما وصفوه بالطامة الكبرى. جمعية التوحيد للتنمية وحماية البيئة بإطسا، قطعت شوطا كبيرا على مدار 6 سنوات من أجل إيجاد حلول لمشكلة المصرف، قدمت خلالها تقارير موثقة ومعتمدة تتضمن مدى خطورة المصرف وما يسببه من أضرار للبشر والنبات والمياه ونهر النيل، وقال الدكتور عثمان علي محمد، من أبناء إطسا، إن أكثر من 400 حالة بقريته مصابة بأمراض الفشل الكلوي والتهاب الكبد الوبائي، كما أن الزراعات الواقعة قرب المصرف غالبا ما تلاحقها الحشرات الضارة، مضيفا أنهم يترددون من حين لآخر على مكاتب المسؤولين والجهات المعنية لعرض المشكلة، ولكن ذهبت كل جهودهم بلا جدوى برغم تقديمهم عدة اقتراحات. المقترح الذي قدمه رئيس الجمعية بالتعاون مع مختصين يقضي بتفريغ مخلفات المصرف في الصحراء الغربية، وبعد تفريغ المصرف من مخلفاته يتم غلقه من ناحية المصب كي لا يصب مخلفاته بالنيل. الدكتور محمود منصور، كلية الزراعة جامعة المنيا، قال إن الصرف الصناعي يصيب الزراعات بالضرر كونها تمتص العناصر الضارة التي تسبب الأمراض السرطانية للزراعات. وقال مدير مديرية الزراعة بالمنيا، الدكتور حسن الفولي، إن مياه الصرف التي تتم معالجتها غير صالحة للزراعة، وإن مصرف المحيط مخصص لتجميع الصرف المغطى من الأراضي الزراعية للحفاظ على جودة الأراضي، معتبرًا إلقاء مخلفات الصرف الصناعي والصحي أمرًا خطيرًا؛ لكون المصرف ينتهي عند مجرى النيل، ويصب جميع المخلفات به. من جانبه، تقدم مينا سمير بشرى، ناشط سياسي وموظف بشركة كهرباء المنيا، ببلاغ رقم 1282/ 2014 ضد كل من محافظ المنيا، ورئيس شركة مياه الشرب بالمحافظة، يتهمهما بالتسبب في كوارث صحية نتيجة إهمال مصرف المحيط الذي يصب مياهه الملوثة مباشرة في نهر النيل. وقال عدد من الصيادين بقرية إطسا إن الأسماك التي يصطادونها من النيل غالبا ما يكون لونها مائلا للون الأخضر، ويعزف المواطنون عن شرائها بسبب تغير لون مياه النيل بالقرية، كما أن "الطُعم" المستخرج من الطبقة الطينية والمستخدم في صيد الأسماك لونه يميل للأخضر بدلا من اللون الأحمر المتعارف عيله. اللواء صلاح الدين زيادة، محافظ المنيا، قال إن المحافظة بدأت اتخاذ خطوات حقيقية لحل مشكلة المصرف من خلال أحد الخبراء الألمان المتخصصين في مشاكل المياه في العالم،موضحا أنه عقد اجتماعا موسعا بحضور جميع رؤساء المدن التي يمر بها المصرف ومسؤولي مديرية الري والزراعة، ومصنع السكر بأبوقرقاص، واستعرض الخرائط الخاصة بالمصرف وامتداده وكافة التفاصيل التي تتعلق بالمشكلة، وسوف يتفقد الخبير الألماني موقع المصرف لعمل دراسة عملية بالمكان.