تصوير : محمد حكيم أصبح تلوث الأراضي الزراعية في محافظة المنيا كارثة تصب مخلفاتها في شتى المحاصيل الزراعية، حتى إن بعض المزارعين والفلاحين لا يأكلون تلك المحاصيل، فالترع والمصارف التي تروي أراضيهم باتت مستنقعًا للقمامة والحشرات ومخلفات الصرف الزراعي والصناعي التي سدت مجرى المياه بداخلها، وجسد مصرف المحيط شاهد لتلوث الزراعات. فمصرف المحيط الممتد بطول مراكز المنيا وسمالوط وأبو قرقاص وملوي وديرمواس، والذي يصب 9 آلاف متر مكعب يوميًا من مياه الصرف يعتمد عليها آلاف المزارعين في عملية الري، بات مستنقعًا ليس فقط للمخلفات والقمامة، بل للميتة والجيفة، ولم تغب الروائح الكريهة الناجمة عن المصرف عن الأهالي، حيث يستنشقها جموع أهالي قرى غرب المنيا خلال مرورهم بالمصرف ذهابًا وإيابًا. وكشفت تقارير صحية عن زيادة نسب الحديد والمنجنيز ووجود رواسب صفراء وعكار زائد عن المعدلات الطبيعية بالمصرف، وأنه مصدر لتلوث مياه النيل، المصدر الرئيسي للشرب وري الزراعات. كما رصدت "البديل" سيارات تابعة للوحدة المحلية بالمنيا وقت قيامها بصب مخلفاتها داخل المصرف، إضافة لإلقاء الأهالي فضلاتهم به، وكذا الكلاب والمواشي والقطط والحمير الميتة وجميع الحيوانات النافقة بداخله، كما يستقبل المصرف طوال اليوم مخلفات الصرف الزراعي والصناعي، حتى تحول لبركة ومستنقع كبير من لمخلفات التي ردمت المياه في بعض من أجزاء المصرف. وتقدم مينا سمير بشري ناشط سياسي وموظف بشركة كهرباء المنيا ببلاغ رقم "1282/ 2014″ ضد كل من محافظ المنيا اللواء صلاح زيادة، ورئيس شركة مياه الشرب بالمحافظة المهندس إبراهيم خالد، يتهمهما بالتسبب في كوارث صحية نتيجة إهمال مصرف المحيط الذي يصب مياهه الملوثة بطريقة مباشرة في نهر النيل. وفي يوم 17 من نوفمبر الماضي شكلت المحافظة لجنة عاجلة برئاسة السكرتير العام للمحافظة، ضمت مسئولي الزراعة والري والصحة والبيئة؛ لعمل دراسة متكاملة وشاملة؛ لوضع حلول لمصرف المحيط، وهو المصرف الأساسي بطول المحافظة، ويترقب الأهالي تنفيذ وعود المحافظة، في حال الإبقاء على المحافظ الحالي صلاح زيادة أو تغييره، خاصة وأن محصلة اجتماعات عدة سابقة كانت "صفر"؛ لأن محطة الصرف الصحي البديلة التي تنفذها الهيئة القومية لمياه الشرب بالصحراء الغربية بمركز المنيا تستلزم مخصصات مالية هائلة. واكتفت الجهات المشرفة على نهر النيل، وهي حماية النيل وإدارتا الصرف وحماية البيئة، بتحرير محاضر على الورق فقط ضد محطة الصرف الصحي بمدينة المنيا، رغم أن هناك 4 محطات معالجة ضمن 11 محطة بالمنيا تصرف أكثر من 60 ألف متر مكعب من المياه على مصرف المحيط عند قرية "تلة" مباشرة. ولم ينكر عدد من مزارعي القرى المطلة على المصرف أنهم يستخدمون مياه المصرف في ري أراضيهم الزراعية، مؤكدين أنهم لا يأكلون محاصيلها؛ خشية الأمراض، وأضافوا أن خطورة المصرف امتدت لمياه الشرب وليس فقط لري الأراضي الزراعية، وأنهم لا يطمئنون لمياه الشرب لتغيُّر طعمها، كما أن لونها يميل للاصفرار، وتظهر العكارة عليها بشكل واضح؛ ما أصاب العديد منهم بأمراض فيروس "سي" والفشل الكلوي، حتى إن بعضهم يلجأ للطلمبات الحبشية رغم زيادة نسب الحديد والمنجنيز والأملاح بها. وأوضح رئيس الاتحاد العام للفلاحين عماد عبيد ل "البديل" أن بعض الفلاحين يلجؤون بالمخالفة لمياه المصرف، خاصة وقت ندرة المياه، حيث إن مياه المصرف غير مخصصة لري الزراعات. وقال مدير مديرية الزراعة بالمنيا الدكتور حسن الفولي إن مياه الصرف التي تتم معالجتها غير صالحة للزراعة، وإن مصرف المحيط مخصص لتجميع الصرف المغطى من الأراضي الزراعية؛ للحفاظ على جودة الأراضي، معتبرًا إلقاء مخلفات الصرف الصناعي والصحي أمرًا خطيرًا؛ لكون المصرف ينتهي عند مجرى النيل، ويصب جميع المخلفات به. ولأن مياه النيل المصدر الرئيسي لري الأراضي الزراعي، سواء بطرق مباشرة أو من خلال روافد النهر المتمثلة في المصارف والترع، ولأن مصرف المحيط يصب مياهه في نهر النيل عند قرية "إطسا" بمركز سمالوط؛ فإن ذلك مؤشر ودليل على تلوث الأراضي الزراعي.