دون شموع أو إعلانات احتفالية، أحيا مسرح أوبرا ملك ذكري شهداء المسرح المصري في 5 سبتمبر، خلال ختام مهرجان كيميت للممثل الواحد السبت الماضي، وسط حشد هائل من الشباب من الهواة وعشاق الفن ربما لم يعرف أو يسمع أغلبهم سابقًا بما حدث قبل عشر سنوات في حريق مسرح بني سويف، والذي فقدنا على إثره 52 مسرحيًا محترقين فيه قبل هذه الليلة، التي وقفوا فيها حدادًا على أرواح شهداء المسرح المصري. اختار مسرح ملك، إحياء الذكري بإنارة المسرح واحتضان الشباب فكانوا هم الاحتفال الحقيقي بفتح أبواب المسرح لأجيال جديدة من الموهوبين ومساعدتهم على اكتشاف دور وقيمة المسرح في المجتمع. المخرج أحمد السيد- مدير مسرح ملك، قال إنهم اختاروا في إدارة مهرجان كيميت التي تضم معه مديريه المخرجان محمد مبروك ومنار زين أن يقام المهرجان من 2 إلى 5 سبتمبر ليكون الاحتفاء بذكري شهدائنا في ختامه بتقديم المزيد من الفنانين والمبدعين من المواهب الشابة للحركة الفنية. بدأ فعاليات ختام المهرجان بكلمة لمدير المسرح الذي جلس على خشبته ليحكي للشباب في كلمة مرتجلة حميمية قصة من قضوا في حريق سبتمبر، حدثهم عن أصدقاء وأخوة وأحبة ربما لا يعرف معظم الحضور عنهم شيئا مسبقًا، قال إنهم عشقوا المسرح وأرادوا دعم شباب مثلهم وتجمعوا من كل محافظات مصر في مهرجان نوادي المسرح، المنفذ الرئيسي في هيئة قصور الثقافة للشباب الموهوب، ورغم فداحة المأساة وأعداد الضحايا لم ينالوا حقهم أو تجري محاسبة حقيقية للمسؤولين عما حدث. وأضاف: كنا كل عام نضئ لهم الشموع لكننا أردنا هذا العام أن نؤكد على القيم التي آمنوا بها بشكل عملي، فالمسرح لا يمنح الفنانين مالًا كثيرًا، لكنهم يكتسبون ويتعلمون فيه المبادئ والقيم، ويقدمون هموم كل فئات الشعب، محققين فيه القدرة على التواصل، وأردنا أن يكون الختام معكم كتحية يقدمها كل منكم لذكراهم من خلال الأعمال الفنية التي شاركتم بها كاحتفاء بمن رحلوا على خشبة المسرح الذي قضوا حياتهم عاشقين له ورحلوا فيه". يذكر أن المخرج أحمد السيد، عندما تولى إدارة مسرح أأوبرا ملك، أراد أن يطلق عليه مسرح شهداء 5 سبتمبر، إلا أنه لم تتم الموافقة عليه، لعدم إهدار حق وذكرى المطربة "ملك" التي أنشأت المسرح وحمل اسمها ليصير جزءًا من تاريخ المسرح المصري في النصف الأول من القرن العشرين، ورغم استمرار المطالبة بتخصيص مسرح باسم شهداء 5 سبتمبر لم يتم ذلك لا في ملك ولا غيره. بدأت فعاليات حفل الختام بأغنية للمطربة الشابة رحاب حسن، الفائزة بجائزة المهرجان الدورة الماضية، تحكي كلماتها عما حدث في 5 سبتمبر، وتجدد العهد للأساتذة والأحبة الراحلين، على استكمال رسالتهم ليصبح المسرح لكل الناس في كل مكان، الأغنية كلمات وألحان وتوزيع محمد مصطفى. مدير المهرجان- المخرجة منار زين، قالت ل«البديل»: بلغ عدد المشاركين بالمهرجان 118 متسابق، اختيروا من 308 تقدموا للمشاركة وفقًا لمدي جديتهم والتزامهم، وتقوم فكرة مهرجان عروض الممثل الواحد على إتاحة الفرصة لكل الشباب للتعبير، لذلك شهدت المسابقة مواهب متميزة وآخرين لا يتمتعون بالموهبة، لكن هذا لا يلغي حقهم في التعبير والمحاولة"، وأضافت أنها سعيدة بمشاركة بعض من المشاركين بالدورة الأولى العام الماضي، وعادوا للمشاركة هذا العام بعد تطوير موهبتهم ومنهم إحدى الفائزات في هذه الدورة، وهو ما يؤكد صحة قرار إدارة المهرجان بعدم تشكيل لجنة مشاهدة لفلترة المتسابقين، لأن مثل تلك الموهبة التي استطاعت أن تجد طريقها بعد فشلها العام الماضي، ما كانت لتجد فرصة أمام لجنة المشاهدة من البداية. فيما أشار المخرج محمد مبروك- مدير المهرجان، إلى صعوبات توفير الإمكانيات الفنية والبشرية في ظل عدم وجود ميزانية، وقال ل«البديل»: نعتمد على فريق من الشباب المتطوعين شاركوا في تنظيم المهرجان ومساعدة المتسابقين وشهدت هذه الدورة مشاركين في مواهب مختلفة من الغناء والتمثيل، الماريونت، الهيلا هوب، تأليف وإلقاء الشعر، إلي المايم، الحكي، رقص التكسير "بوبينج دانس"، والبيت بوكس". على مدار 3 أيام احتشد الشباب أمام المسرح الذي صار منفذ شبه وحيد في مسرح الدولة لاحتضان مواهب الشباب، اختار منظمو المهرجان تيمة "طاقات الشباب المهدرة" وسألوا عن الحلول، فاحتشد الشباب ولم يتوان عن المشاركة، في بادرة إيجابية واحدة تقف أمام طوفان من المؤسسات التي تتبارى في إهدار طاقات الشباب وإحباطه، سواء في منظومة التعليم، بمراحلها المختلفة، أو المؤسسات المنوط بها تفعيل الأنشطة واحتضان المهارات والمواهب في مراكز وزارة الشباب، ومواقع هيئة قصور الثقافة والجامعات والمعاهد حيث يعانون من سيطرة الموظفين الذين يجعلون إقامة الأنشطة حلمًا بعيد المنال. وعلى عكس مما نشهده أحيانا من إحباط ممن لم يفوزوا بالجوائز ملآ الشباب مسرح ملك مرحا وتفاؤل وبهجة سواء من فاز أو لم يفز، احتفوا بالجميع وكانت فرحتهم الكبيرة بالجوائز المادية الرمزية تليق بمن يستقبل كلمات الثناء الأولى في بداية المشوار. ربما لا يكون ما يقدمه مسرح ملك هو أعظم الفرص التي تأخذهم لطريق الشهرة التي يحلم بها الكثير منهم، لكنه قدم لهم الاحتضان والاحترام الذي يحتاجونه وكان في حرص فريق المهرجان المتفاني الذي يعمل منذ العام الماضي في أوضاع مادية مزرية تطوعا، على التأكيد للشباب أن هذا مهرجانهم ومكانهم ما جعل أعداد منهم تتطوع لتنظيم المهرجان لأنهم صدقوا واحترموا القائمين عليه وبالتأكيد لن يجدوا في مكان آخر مدير مسرح يجلس بينهم على الأرض وسط الزحام. المخرج أحمد السيد، قال إن مسرح ملك يستعد لفترة نشاط ستشمل استكمال سلسلة مهرجانات كيميت، فيبدأ الشهر القادم " كيميت لعروض ال20 دقيقة"، ويليه مهرجان الدعم الفني وهو مشروع جديد يتم فيه تقديم ثلاثة ليال عرض للفرق المشاركة إضافة إلى دعم مالي، وأضاف أن العروض والمشروعات المشاركة في المهرجانات التي ينظمها ملك من خلال مؤسسة كيميت للتنمية الثقافية تتبني فكرة أن تكون عروض تمسنا وتنطلق من واقعنا. وبعيدا عن المهرجانات، قال «السيد» إن مسرح أوبرا ملك يشهد حاليًا تأسيس عدة فرق شبابية تمثل ورش التدريب المتواصلة التي تحتوي إبداعات الشباب الموهوب هي: فرقة ملك المسرحية لسن تحت العشرين تحت إشرافه، فرقة الرقص الحديث بإشراف المخرج مناضل عنتر، وفرقة غنائية يشرف عليها مؤلف الأغاني والملحن الفنان محمد مصطفى. جوائز كيميت: فازت بجائزة المركز الأول مي عصام "تمثيل" وقيمتها ألفين جنيه، والمركز الثاني آية حسن "غناء" وقيمتها ألف وخمسمائة جنيه، وبالمركز الثالث طوسون عبد الرحمن وقيمتها ألف جنيه، وذهبت جوائز لجنة التحكيم الخاصة وهي ثلاثة جوائز قيمة كل منها خمسمائة جنيه إلى كل من عبد الرحمن المكي "شعر"، مصطفى عبد الهادي ومحمد عبد الوارث "تمثيل"، كما منحت شهادات تقدير لياسر عباس، رضا ربيع، وإسلام جمال. فيما منحت لجنة الجمهور جائزتها لأحد أصغر المتسابقين، الطفلة "جنى أحمد"-12 سنة، والتي قدمت عرض هيلا هوب، أثار إعجاب الحضور الذين تسابقوا لإعلان اختيارها قبل إعلان اسمها كفائزة بالجائزة، «جنى» تتدرب على البالية وتقوم بتدريب نفسها على الهيلا هوب لتبتكر حركاتها بنفسها. ضمت لجنة تحكيم المهرجان المخرجة والممثلة دعاء طعيمة، المخرج ومصمم الاستعراضات مناضل عنتر، الناقد باسم صادق، فنان الستاند أب كوميدي وليد إبو المجد. فيما اعتذر الفنان محسن منصور عن المشاركة في اللجنة بعد انطلاق المهرجان. وشكل المهرجان لجنة الجمهور من شباب من الفائزين بجوائز مهرجانات كيميت العام الماضي وضمت إسلام اشرف، أحمد الصالحي، محمد أشرف، صلاح إيهاب وإيمان منصور.