في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة الكثير من التطورات التي تشير إلى عودة التحركات الدبلوماسية في أغلب القضايا الإقليمية، لاسيما بعد الانتهاء من الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى، تبدأ الجهود الدولية في حلحلة الملف اللبناني بالتوازي مع السوري واليمني، ففي الوقت الذي يدور فيه حراكًا دبلوماسيًا روسيا سعوديًا في موسكو لحل الأزمة السورية واليمنية، يزور وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" بيروت لمقابلة المسئولين اللبنانيين في محاولة لبدء تسوية ببلد يعاني منذ ما يقارب العام ونصف من فراغ رئاسي بعد انتهاء مدة الرئيس السابق ميشال سليمان. استهل الوزير الإيراني لقاءاته بزيارة مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري ثم الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، ورئيس الحكومة تمام سلام. أغلب التحليلات ربِطت زيارة ظريف للبنان بالاستحقاقات الداخلية ومحاولة المقاربة فيها بين الفرقاء السياسيين، لاسيما الانتخابات الرئاسية ومعرفة موقف طهران من تسهيل إجراء هذا الاستحقاق بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى طهران قبل أيام قليلة. وفي تفاصيل الزيارة استنفرا فريقي الثامن والرابع عشر من آذار لمواكبة الزيارة، كلٌ على طريقته، فعلى ضفة قوى الثامن من آذار، بدا الانتظار "سيّد الموقف"، ثمة معلومات خرجت من صحافة 8 آذار أنّ هذه الزيارة تختلف عن كلّ الزيارات السابقة التي قام بها مسؤولون إيرانيّونللبنان، فإيران اليوم لا تشبه إيران الأمس، وقوتها ونفوذها في المنطقة في تعاظم، رغمًا عن الجميع، مرجحة أنّ كلّ الملفات ستُطرَح على الطاولة. على الضفة الأخرى لم يكونوا "حلفاء إيران في لبنان" وحدهم من اللتهفوا بانتظار الدبلوماسي الإيرانيّ الأول، فقوى الرابع عشر من آذار ترّقبت هي الأخرى الزيارة، بوصفها زيارة هامّة، كما تقرّ مصادرها، التي تعرب عن أملها في أن تجسّد "قفزة نوعية في السياسة الإيرانية بالمنطقة". وتشير التقارير إلى أنّ الوزير الإيرانيّ سمع من رئيس الوزراء اللبناني المنتمي لقوى 14 آذار تعقيدات المشهد السياسي اللبناني، والشلل الذي ضرب البلاد على كافة المستويات، مستطلعا في الوقت عينه إمكانية "تقديم إيران للمساعدة لحل هذه الأزمات ". وبين هذا وذاك، تجاهل كثيرون أنّ الزيارة هي في الأصل جزءٌ من جولةٍ واسعة تقود الوزير اللبناني لأكثر من عاصمة عربيّة وإقليميّة، وبالتالي فإنّ تحميلها أكثر ممّا تحتمل قد لا يكون مستحبًا، من هنا أكد خبراء لبنانين أنه لابد أن تضع زيارة ظريف في سياقها الطبيعي، موضحة أنّها تأتي لوضع الفرقاء اللبنانيين في أجواء الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه مؤخراً بين إيران والدول الغربية، وفي مقدّمها الولاياتالمتحدة الأميركية، خصوصًا أنّ هذا الاتفاق لا شكّ سينعكس إيجابًا على عموم المنطقة، ولبنان من ضمنها. وجدد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وقوف إيران إلى جانب الحكومة اللبنانية، وقال إن معالجة الموضوع النووي وفرت أرضية صالحة للتعاون بين دول المنطقة، مضيفًا أنه بالنسبة لإيران فإن لبنان نموذج للمقاومة ونحن أيضا أظهرنا مقاومة خلال المفاوضات النووية، مؤكدا قوله "كنا وسنبقى داعمين للمقاومة في لبنان". وتطرق ظريف أيضا إلى الانقسامات بين السياسيين اللبنانيين على خلفية الأزمة السورية، وقال "ليس اليوم يوم المنافسة والتنافس في لبنان، ولا بد أن يكون التنافس لإعمار لبنان"، وأعاد الوزير ظريف التأكيد على أن إيران مستعدة للتعاون واتخاذ الإجراءات اللازمة مع كافة دول الجوار، وأضاف : كنا وسنبقى داعمين للمقاومة في لبنان ونرفض التدخل الخارجي في الساحة الداخلية اللبنانية.