بمجرد أن يظهر هلال شهر رمضان تتبادر للأذهان بهجة الأطفال، والغناء في الشوارع ليلًا " حلو يا حلو رمضان كريم يا حلو "، وفي أيديهم الفوانيس المضيئة تتلألأ . ويعتبر الفانوس أحد أهم الطقوس الرمضانية في مصر، وانتقلت منها إلى العالمين العربي والإسلامي، إلا أنه خلال الأعوام السابقة غزت الألعاب والفوانيس الصينية الأسواق حتى كاد المرء لا يتبين معنى وحقيقة الفانوس . يقول الحاج "مصطفى عبد الحميد بدوي" تاجر فوانيس بمنطقة المحطة الجديدة وشارع مكة، وأحد الممارسين لمهنة صناعة الفانوس: " الفانوس المصري رجع واتطور وعاجب الزبائن "، وأضاف " من دلوقتي هنطور صناعه الفوانيس والسنة الجاية كمان هتنتشر في كل حتة في الأرض وهنصدر كمان، الحمد لله رجعنا لأصلنا وحضارتنا " . وبحسب تقارير نشرت في العديد من الصحف فإن مصر تستورد " سنويًا " فوانيس رمضان من الصين بحوالي 70 مليون دولار، وهو ما يقارب مبلغ 300 مليون جنيه مصري . وأكدت الإحصائيات الصادرة من هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، أن حجم الشحنات التي دخلت السوق المحلي خلال يناير وفبراير الماضيين فقط بلغت قيمتها 896 ألف جنيه، وتم تفريغها إلى السوق المصرية ومعظمها من الصين، واتخذ وزير التجارة والصناعة "منير فخري عبد النور" قرارًا بمنع استيراد فوانيس رمضان في إبريل الماضي، بعد مطالب بإهدار الأموال على السلع الاستفزازية قبل تراجعه في القرار . إلا أن القرار اعتبر محفزًا لرواد صناعة الفانوس مثل الحاج "مصطفى" ليعيد تجديد وتطوير الفانوس المصري بشكل يتواكب مع العصر، ويحافظ على قيمة الفانوس، إضافة إلى رغبة المستهلكين في العودة لشكل الفانوس القديم . وأشار الحاج "مصطفى" إلى أن ثمن الفانوس المصري يتراوح من 10 جنيهات للفانوس وحتى 800 جنيه للفوانيس ذات الحجم الكبير بحسب الحجم والاستهلاك، وأضاف أن هناك نوعان من الفانوس المصري هو الصاج بأنواعه والفوانيس الخشبية، والتي لاقت رواجًا أكثر بكثير من الفوانيس الأجنبية التي لا تختلف في الأسعار . أكد الحاج مصطفى، أن الفانوس المصري تطور من حيث الشكل والمضمون فالتصاميم الجديدة، وشغل "الأركت الخشبي والتعشيق"، وكذلك شغل الصاج الجديد لاقت استحسان الجميع، إضافة إلى تطوير دخول اللمبات المضيئة داخل الفانوس، لكن الفرق الوحيد هو أن الفوانيس المستوردة تصدر أصوات غناء وتتحرك وهو ما لم يصل إليه الفانوس . ولفت الحاج مصطفى، إلى أن المصنعين هذا العام اعتمدوا على رغبة الناس في البحث عن الفوانيس بشكلها الإسلامي والعربي المعهود، بدلًا من الفوانيس البلاستيكية، والتي تغير شكلها فأصبحت لا تختلف عن الألعاب في شيء . وتقول فاطمة الزهراء: إنها أحبت أن تشتري فانوسًا مصريًا، مشيرة إلى أن سعر الفانوس التي اختارته بلغ 55 جنيه إلا أنه أدخل البهجة إليها . "سارة حجاج" تؤكد أن أسعار الفانوس المصري، بحسب ما وجدته يتراوح بين 15 إلى 35، بينما يصل سعر المستورد إلى 65 جنيه للفوانيس العادية . "سهى حسن" أكدت أنها اشترت فانوس مصري خشبي مزخرف بالخطوط العربية فقط ب35 جنيه، وهناك كافة الأشكال والأحجام منه، إضافة إلى أن الفانوس الصاج أصبح يتخذ أشكالًا جميلة مثل القناديل القديمة وبه زخارف على الطريقة الإسلامية، وهو ما يبعث البهجة في روحها . وتختلف الروايات التي تؤرخ لظهور الفانوس، إلا أن جميعها تتفق على أنه ظهر في مصر إبان فترة قيام الدولة الفاطمية على أرض مصر في ذلك الوقت، إلا أن الثابت هو أن أول من عرف الفوانيس هم المصريين، وتعود حكايته إلى يوم دخول المعز لدين الله الفاطمي مدينة القاهرة قادمًا من الغرب، كان ذلك في يوم الخامس من رمضان عام 358 هجرية حين خرج المصريون في موكب كبير جدًا اشترك فيه الرجال والنساء والأطفال على أطراف الصحراء الغربية من ناحية الجيزة للترحيب بالمعز الذي وصل ليلًا، حاملين المشاعل والفوانيس الملونة والمزينة، وذلك لإضاءة الطريق، ومن وقتها ظلت الفوانيس تضيء شوارع مصر، وتطلق البهجة في نفوس الأطفال والكبار على مر العصور، وكادت أن تنقرض قبل أن تعود للحياة في هذا العام .