في إطار تردي العلاقات الدبلوماسية بين روسيا والاتحاد الأوروبي إثر تشديد الأخير للعقوبات على موسكو، خاصة بعد النزاع في أوكرانيا وانفصال القرم، بدأ الرد الروسي الذي أثار حفيظة الغرب وبرزت ردود فعل غاضبة تنذر بتفاقم الصراع بين الطرفين. أصدرت روسيا مؤخرا لائحة بأسماء شخصيات سياسية أوروبية ممنوعة من دخول أراضيها، وذلك ردًا على العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي ضد موسكو، وأعلن رئيس الوزراء الهولندي "مارك روتي" أن "روسيا سلمت الخميس الماضي العديد من السفارات الأوروبية لائحة بشخصيات لم يعد بإمكانها دخول الأراضي الروسية"، موضحًا أن اثنين من أعضاء البرلمان الهولندي ونائب هولندي في البرلمان الأوروبي مدرجون على اللائحة، وأوضح "روتي" أن موسكو أصدرت هذه اللائحة ردًا على العقوبات ومنع دخول الأراضي الأوروبية التي صدرت بحق روسيا وشخصيات روسية، عقب ضمها شبه جزيرة القرم في مارس 2014. تضم اللائحة 89 شخصاً، بينها أعضاء في البرلمان الأوروبي، ومسئولون عسكريون رفيعو المستوى، وموظفون في أجهزة أمن واستخبارات، ونشطاء مدنيون، وقالت صحيفة "كوميرسانت" الروسية، إن أغلب أسماء "القائمة السوداء" هم من رعايا دول البلطيق وبولندا والسويد وبريطانيا. من جهته، أكد السفير الروسي لدى الاتحاد الأوروبي "فلاديمير تشيجوف" وجود الرسالة، موضحًا أنها ليست "لقادة أو مسئولين كبار في الدول"، مضيفًا أن "هذه اللائحة موجودة فعلاً ولم يدرج عليها أحد عشوائيًا"، وتابع السفير الروسي "لا شيء يلزمنا بنشرها، لا القانون الروسي ولا الالتزامات الدولية، نشر هذه اللائحة من قبلنا لن يؤدي سوى إلى تصعيد التوتر في الأزمة الأوكرانية"، وأعاد المسئول إلى الأذهان أن روسيا أوصت منذ زمن بعيد مواطني الدول التي فرضت عقوبات على روسيا بالتوجه إلى القنصليات الروسية للاستعلام عما إذا كان يمنع عليهم دخول روسيا أم لا، وأضاف قائلا "شركاءنا فضلوا عدم القيام بذلك وطلبوا إحاطتهم علما عبر قنوات دبلوماسية، وهو سبب إرسال هذه القوائم إليهم، وتسليم القوائم تم بطريقة سرية، ويبقى نشرها أمرًا متروكا للدول المعنية". أكدت متحدثة باسم خارجية الاتحاد الأوروبي أنه سبق لروسيا أن منعت مسئولين أوروبيين عديدين من دخول أراضيها خلال الأشهر الأخيرة، لكنها كانت ترفض إصدار لائحة بالشخصيات المستهدفة، وقالت المتحدثة "أخذنا علماً بقرار السلطات الروسية توزيع هذه اللائحة"، موضحة "ليست لدينا معلومات أخرى حول القاعدة القانونية والمعايير وآلية العمل لهذا القرار". في السياق ذاته، طلبت وزارة الخارجية الألمانية من روسيا نشر اللائحة، قائلة إن "الاتحاد الأوروبي والحكومة الألمانية على اتصال وثيق مع روسيا ويطالبان بالشفافية، الأشخاص المدرجون على هذه اللائحة يجب أن يعرفوا ذلك فوراً ومن حقهم معرفة الأسباب وتقديم طعون فيها". من جانبه ندد الاتحاد الأوروبي بالقائمة، معتبرًا انها "تعسفية وغير مبررة بالكامل"، وقال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي "نعتبر هذا الإجراء تعسفيًا وغير مبرر بالكامل، وخصوصًا مع عدم وجود أي توضيح لاحق أو شفافية"، فيما قال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية إن "هذه القائمة لا تنطوي على أي مبرر والسلطات الروسية تفتقر لأي قاعدة قانونية لإضفاء شرعية عليها". بدورها رأت وزيرة الخارجية السويدية "مارغوت فالستروم"، أنه "سلوك لا يحسن مع الأسف صورة روسيا"، فيما علق وزير الخارجية الألماني "فرانك فالتر شتاينماير"، "كان ينبغي على الأقل إبلاغ الأشخاص المعنيين التحفظات في شأنهم أو نشر هذه اللوائح، هذا الأمر لا يساعد في مرحلة نجهد فيها لاحتواء نزاع خطير في قلب أوروبا". منذ أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في مارس 2014، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية وحظرًا على تأشيرات السفر كما جمد أموال عشرات المواطنين والمنظمات الروسية والأوكرانية، ومع بدء النزاع بين قوات الحكومة الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا، ومقتل أكثر من 6200 شخص في النزاع قتال، ازدادت التوترات بين الطرفين حيث فرض الاتحاد الأوروبي المزيد من العقوبات على روسيا وهو ما وصفته الأخيرة بأنه "ذات نتائج عكسية".