مختار جمعة: منطقتنا تتعرض لهجمات غير مسبوقة لطمس الهوية.. والأزهر حصن منيع في المواجهة    علمي وأدبي.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 بمحافظة مطروح    رئيس وزراء باكستان: مستعدون للتحدث بشأن السلام مع الهند    موقف وسام أبو علي من مباراة الشياطين الحمر والبنك الأهلي بالدوري الممتاز    إصابة 10 أشخاص في حادث تصادم 5 سيارات أعلى الطريق الأوسطي    نجوم العالم يتألقون على السجادة الحمراء في اليوم الثاني لمهرجان كان (صور)    قوافل حياة كريمة الطبية تجوب قرى الفرافرة وتقدم خدماتها المتكاملة ل871 مواطنًا بالوادي الجديد    الخارجية الليبية: ننفي شائعات إخلاء السفارات والبعثات    لابيد: نحن على بُعد قرار وزاري واحد للتوصل لاتفاق تبادل    حملة موسعة لإزالة التعديات على أراضي الدولة والزراعة بقنا ضمن الموجة 26    بعد وصول أول قطار.. مواصفات قطارات مترو الخط الأول الجديدة    ما الفرق بين التبرع بصك الأضحية للأوقاف عن غيرها؟ المتحدث الرسمي يجيب    راغب علامة يطرح أغنيته الجديدة "ترقيص"    "مطروح للنقاش" يسلط الضوء على ذكرى النكبة    ويتكوف يرفض اتهامه بمحاباة قطر ويلتمس العذر لنتنياهو    استعدادًا للصيف.. وزير الكهرباء يراجع خطة تأمين واستدامة التغذية الكهربائية    تحديد فترة غياب مهاجم الزمالك عن الفريق    التأمينات الاجتماعية تقدم بوكيه ورد للفنان عبدالرحمن أبو زهرة تقديرًا لمكانته الفنية والإنسانية    ضبط سيدة تنتحل صفة طبيبة وتدير مركز تجميل في البحيرة    الإعدام شنقا لربة منزل والمؤبد لآخر بتهمة قتل زوجها فى التجمع الأول    تيسير مطر: توجيهات الرئيس السيسى بتطوير التعليم تستهدف إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات    كيف تلتحق ببرنامج «سفراء الذكاء الاصطناعي» من «الاتصالات» ؟    إحالة 3 مفتشين و17 إداريًا في أوقاف بني سويف للتحقيق    أمام يسرا.. ياسمين رئيس تتعاقد على بطولة فيلم «الست لما»    كلية الحقوق تختتم فعاليات اليوبيل الذهبي بأمسية فنية لكورال الجامعة    لن تفقد الوزن بدونها- 9 أطعمة أساسية في الرجيم    الاحتلال الإسرائيلى يواصل حصار قريتين فلسطينيتين بعد مقتل مُستوطنة فى الضفة    محافظ الجيزة يكرم 280 عاملا متميزا بمختلف القطاعات    وزير السياحة يبحث المنظومة الجديدة للحصول على التأشيرة الاضطرارية بمنافذ الوصول الجوية    زيلينسكي: وفد التفاوض الروسى لا يمتلك صلاحيات وموسكو غير جادة بشأن السلام    فقدان السيطرة.. ما الذي يخشاه برج الجدي في حياته؟    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    تصل ل42.. توقعات حالة الطقس غدا الجمعة 16 مايو.. الأرصاد تحذر: أجواء شديدة الحرارة نهارا    محسن صالح يكشف لأول مرة تفاصيل الصدام بين حسام غالي وكولر    افتتاح جلسة "مستقبل المستشفيات الجامعية" ضمن فعاليات المؤتمر الدولي السنوي الثالث عشر لجامعة عين شمس    محافظ الإسكندرية يشهد ندوة توعوية موسعة حول الوقاية والعلاج بديوان المحافظة    "فشل في اغتصابها فقتلها".. تفاصيل قضية "فتاة البراجيل" ضحية ابن عمتها    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    أشرف صبحي: توفير مجموعة من البرامج والمشروعات التي تدعم تطلعات الشباب    تحت رعاية السيدة انتصار السيسي.. وزير الثقافة يعتمد أسماء الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير في دورتها الخامسة    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    رئيس إدارة منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع امتحانات شهادة القراءات    عامل بمغسلة يهتك عرض طفلة داخل عقار سكني في بولاق الدكرور    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    مسئول تركي: نهاية حرب روسيا وأوكرانيا ستزيد حجم التجارة بالمنطقة    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    كرة يد.. مجموعة مصر في بطولة أوروبا المفتوحة للناشئين    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    تشكيل منتخب مصر تحت 16 سنة أمام بولندا فى دورة الاتحاد الأوروبى للتطوير    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    ترامب: الولايات المتحدة تجري مفاوضات جادة جدا مع إيران من أجل التوصل لسلام طويل الأمد    رفع الحد الأقصى لسن المتقدم بمسابقة «معلم مساعد» حتى 45 عامًا    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    أمين الفتوى: لا يجوز صلاة المرأة خلف إمام المسجد وهي في منزلها    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندى يسري: «الأسد الحلو».. ديوان عابر للفروق الجندرية
نشر في البديل يوم 30 - 05 - 2015


فرق التوقيت
بيني وبينك
مش كبير
للدرجة دي
أنصحك
تتقلي
هدومك
كويس
وانتي
خارجة
من جوايا
وياريت
تسيبي
الباب
موارب
الناس بره
برد قوي
وأنا
محتاج
ترجعي
على طول
حين قرأت هذه الأبيات على ظهر ديوان (الأسد الحلو) لميسرة صلاح الدين تذكرت على الفور القصة التوراتية الشهيرة التي صارت جزءًا من وعينا الجمعي، حول علاقة المرأة بالرجل؛ وهي قصة خلق حواء من ضلع آدم، لتكون أنيسه وجليسه، وتتمادى القصة التوراتية في وصف الضلع بصفة الاعوجاج ، ثم يأتي المورث الجمعي ليؤصّل لمثل هذه الفكرة لتظل لصيقة بأفكارنا وبخطابنا الراسم للأنثى في صفات شتى ينطوى أغلبها على موتيف رئيس وهو الأصل (الذكر) في مقابل الفرع (الأنثى).
إذن ، يبدو من عتبات الديوان الأولية أننا أمام محاولة إعادة رسم للصورة الأنثوية من جديد، وذلك بدءًا من صورة الغلاف، والتي تصوّر لنا الأسد رمز القوة والمُلك، ولكنه يمتلك أهدابا أنثوية، فالصورة ليست صورة لبؤة، بل أسدًا ذكرًا لكنه أسد متلبّس بروح أنثوية غامرة، ولا ننسى التاج الأصفر اللامع الذي يتوّج رأسه، من يقصد ميسره صلاح بالأسد الحلو؟
في البداية يهدي الشاعر ديوانه إلى (بنات مصر الجدعان) … ثم يقدّم لنا عتبة جديدة من عتبات ديوانه فيقول: (مكنش عايز يروّض الحيوان البري … كان عايز يكسب صفاته).
تطالعنا من جديد، بل وتتجدّد في كل قصيدة الثنائية الأزلية؛ الذكر والأنثى، أهو الاحتراب أم الاندماج، أهو التواصل والتكامل أم السعي لاحتلال مكان الآخر واكتساب صفاته.
وهنا لا يحاول ميسرة كما فعل غيره من الشعراء والكتاب احتلال موقع الأنثى من سرد تفاصيلها شعرا، بل نراه يحكيها شعرا من موقعه هو، بوصفه رجلًا، لكنه رجل يحاول أن يتزحزح عن عرش السادة الذكورية ليتبنى نظرية تكامل الأنوثة والذكورة، وأفكار (الجندر) التي تحاول أن تنهي حالة العراك الدائم بين القطبين، وهنا يتكشّف دور التناص الذي استعان به في عتبته هذه، مع مسرحية شكسبير الشهيرة (ترويض النمرة) ليعلن وهو الرجل أنّ حقيقة ترويض المتمردات لم يكنّ لكونهن الطامحات في عرش الذكر وصفاته ، بل كان من اقتنع بدور المروّض هو من حسد النمرة على شجاعتها ، فأراد هو احتلال دور المروّض .
يلعب سرد مقطوعات من حياة بعض (النمرات ) أو الأنثيات الأسود الحلوات دورا رئيسا في الديوان ، وهنا يلح الشاعر على كسر الحواجز بين الأنوثة ودور الجسد من حيث الإنجاب أو حتى الرغبة الجنسية ، فالأنوثة تخرج هنا عن معيار المنفعة الذكورية من الجسد ، والجمال والرغبة الأنثوية لا تتحدد بسن أو بحالة بيولوجية ما ففي قصيدته (سن اليأس) يقول:
"بدأت
كل سراير
البيت
تتحرش بيها
والمرايات
تراودها ليلاتي
والدواليب
عمالة
تقيس
في حاجات
متشاله
عشانها
في اكياس
حمرا
بس
مقاس
الحلم
معدش
مناسب
يدخل
من راس
التنفيذ
بعد ما عدت
سن اليأس
بكام إحساس
الإحساس
مفهوش
تغيير"
وفي قصيدته (حجر جهنم) يأتي نوع آخر من أشكال السرد الشعري ؛ إذ يقدّم لنا الديوان ثلاثة نماذج نسوية يرويها بلسان الراوي العليم، ويقدمهن في علاقاتهن مع أجسادهنّ ، وكيف يشكّل الجسد جسرا أو سدا إما مع الذات وإمّا مع المجتمع، أو مع كليهما؛ فإمّا أن يكون هذا الجسد حجرا من أحجار الجنة أو كما يقول المثل الشعبي: (الحجر الداير لابد يوم من لطه).
وهنا يقدّم ميسرة نموذج المتحررة التي تقدّم جسدها باسم الحب لكل طالب شهوة:
"وما كانش
دين الحب
غير كدبه
وخلاص
بتلبي بيها
كل نزواتها
اللي فايرين
نصر
من
طمث
انكسار"
ويقدّم نموذج " الوردة الخجولة" التي تننظر الفارس منذ بدء الخليقة لتقدّم له نفسها "أنهارا من العسل واللبن المصفّى" ، كما يقدّم النموذج الثالث للأنثى التي باتت تكره جسدها لأنه لا يعدو بالنسبة لها أكثر من سبب للألم النفسي والبدني من جراء ويلات تحرّش مجتمع يعدّ المرأة جسدًا لا أكثر، لتصير هي في النهاية تلعن هذا الجسد:
"مكانتش تملك
م الحياة
غير جسمها
طب ليه بقى
أوقات
كتيرة
بتكرهه !!!"
يقدّم ديوان (الأسد الحلو) رؤية لرجل يعيش في مجتمع يزخر بقيم الذكورة، والهرمية الأبوية، وفي ظل هذا المجتمع الذي يدنّس جسد المرأة ويعده أداة للإمتاع والإنجاب فحسب بفعل الموروث الثقافي والمجتمعي، يطل علينا ميسرة صلاح الدين برؤية مختلفة عن التكامل لا التنافر بين الأنوثة والذكورة ، فهو لا يتشدّق بشعارات المساواة كغيره، بل يثور على الموروث في ثوب التناص المتكرر مع التراث الثقافي والمجتمعي والشعبي الذي بات يشكّل الوجدان الجمعي عن المرأة، ليقدّم رؤية جندرية في ثوب الشعر الحكائي عن نماذج من الواقع تمثل كلٌّ منهنّ (الأسد الحلو).
___
*الدكتورة ندى يسري: باحثة وناقدة مصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.