ألقت الناقدة شيرين أبو النجا بالمسئولية على النظام الرأسمالى وقالت إنه سمح بتحويل الإبداع إلى سلعة وكذلك النقد. جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت صباح اليوم بالمجلس الأعلى للثقافة ضمن فعاليات المؤتمر الدولى للنقد الأدبى والواقع الثقافى، وضمت إبراهيم ضوة متحدثا عن القصة القصيرة النسوية ورشا صالح متحدثة عن تقنيات التجريب فى السرد النسوى، ورشا ناصر العلى عن ركائز السرد النسوى، وأدارها الناقد السيد فضل. وأكدت أبو النجا فى بداية حديثها على أن ورقتها تتناول الانفصال بين واقع النقد الأدبى وحالة الإبداع، وأشارت أبو النجا إلى أن ذلك نتج عن مجموعة من السياسات ومنها النظام الرأسمالى الذى سمح بتشيؤ الإبداع وتحويله إلى سلع، وكذلك النقد، وأكدت أبو النجا على أن كل كاتب أو كاتبة يقر بغياب دور النقد، وقالت: يعاود سؤال القيمة فرض نفسه ونسأل هل الذائقة الشخصية للناقد هى التى تتحكم فى قيمة عمل أدبى ما عن غيره، أم التفات مؤسسات ودوائر نقدية، أم هى الجوائز التى يحصدها العمل، أم هو العمل الذى يحقق ما نسمعه الآن بأعلى المبيعات رغم غياب المؤشرات الدقيقة لرصدها، أم يقاس العمل بعدد الندوات التى أقيمت له، مما يستتبع حجم موازى من التغطية الصحفية والأخبار؟ وأشارت أبو النجا إلى " أدورنو" قد أكد عام 1936 أن العمل الفنى قد تحول إلى سلعة، وأدى الاهتمام بالتسويق إلى إكساب العمل الفنى قيمة تبادلية بدلا من القيمة النفعية الجمالية، وبدأ المستهلك القارئ يخلط بين العمل الفنى، وبين قيمته التبادلية. وقالت أبو النجا: الضجيج الصاخب المثار حول أعلى المبيعات هو المؤشر الآن حول القيمة، وبدأ يحدث ربط بين القيمة الفنية، ومقدار الحديث الإعلامى عنها، مشيرة إلى أن ذلك يضفى مزيدا من الشرعية على تلك الأعمال، وقالت أبو النجا أنه فى ظل تحول القيمة الجمالية إلى قيمة إقتصادية تحول النقد إلى أداة لترويج السلعة، ومع إعادة الإنتاج الذى يكاد يكون يوميا، يفقد النقد الهالة المنوطة به، ولا يمكن أن يكون للرؤية المنهجية مكانا لذلك. وأوضحت أبو النجا أن النقد يأتى فى صورة توضيحية وليس إقناعية، مثل المدرس الذى يشرح الدرس، ولا يتبنى تفسيرا مغايرا، ليحاول أن يقنع به دوائر القراء، أى أنها كتابة لا تخلخل أى مفاهيم، ولا تكشف المكشوف عنه فى النص، فهى كتابة نقدية توضيحية تؤكد القيمة الاقتصادية للعمل، وتحول النقد إلى شكل ميكانيكى فقد معناه. وأشارت أبو النجا إلى العزلة التى يعيشها الناقد، مؤكدة أن السياسى يرغب فى استمرارية هذه العزلة، ويحرص عليها. أما الناقد فهو من جهته يؤكد على هذه العزلة، مشيرة إلى الإشكاليات التى طرحها إدوارد سعيد والتى كان من ضمنها إشكالية العزلة التى يعيشها الناقد. وتناول إبراهيم ضوة فى ورقته قراءة لغوية للقصة القصيرة النسوية، وقال إن الرجل أكثر من المرأة فى توظيف الثقافة، مشيرا إلى أن شيوع نقد ما ليس معناه صبغ هذه السمة على الجنس كله، وإنما نحن نفرق بين الاستعمال الفردى والاستعمال النوعى. وقدمت الناقدة رشا صالح قراءة فى رواية رضوى عاشور"أطياف"، فيما تناولت الناقدة السورية رشا ناصر العلى مجموعة من ركائز السرد النسوى، وأكدت وجود صدام للحضارات فى السرد النسوى، حيث يستدعى عقد مقارنة بين السلطة الذكورية فى المجتمع العربى، والسلطة الذكورية فى المجتمع الغربى. وأشارت إلى أن صدام الحضارات تحول إلى نافذة لنقل تصرفات الرجل الذى لا يقبل أن تسلك زوجته أو ابنته مسلك المرأة الغربية. وقالت العلى إن الثقافة العربية تخنق حرية الفرد لا سيما حريته الجسدية، أما الثقافة الغربية فتسمح بحرية الجسد، وتنتهى بحرية العقل، وأشارت إلى أن السرد النسوى العربى استحضر الجسد تأسيسا على أن الأنثى هى الأقدر على تعرف جسدها، واللافت فى توظيف الجسد الأنثوى أن السرد استحضره بخواصه الفارقة التى اعتمدت عنصرا للتفاضل، وجاء رد الفعل الأنثوى على ذلك إعلاء على الأنثى التى حولت الفارق إلى ميزة، وتوجهت بعض الإناث إلى كتابة جسدهن داخل النص، وأكدت رشا العلى على أن السرد تعرض للأنوثة المصنعة، ومنها الوسائل التى تنتج هذه الأنوثة، وتمنح الثقة بالنفس وتساعدها فى السيطرة على الجسد. واكدت العلى على أن السرد النسوى يدعو للاحتفاء بالجسد والأنوثة، ويجىء ذلك ردا على الواقع الذى يجبر الأنثى على إخفاء أنوثتها. وفى مداخلة لأبو الفضل بدران نفى أن تكون هناك ندية بين الذكر والأنثى فى الغرب وهو ما جاءت به رشا العلى، مشيرا إلى أنه عاش فى ألمانيا، وشاهد بنفسه كيف يتقاضى الأستاذ الجامعى راتبا يفوق الأستاذة فى نفس درجته، وأمثلة أخرى كثيرة. وقال أبو الفضل بدران: لماذا لم نحاسب أنفسنا على الجرم الذى وقعنا فيه عندما قام بعضنا بتلميع البعض من الكتاب الذين لا يستحقون ذلك، واستبعدنا المبدعين. وعلق الناقد التونسى عبد السلام المسدى على أن حضور المرأة المؤلفة للكتاب يظل مصاحبا لى رغم أن هذا لا يحدث مع المؤلف الرجل، وأكد المسدى على أن هذا يشوش عليه القراءة، وقال المسدى إنه عندما يقرأ الرواية النسائية مثله مثل غيره يظل هاجسا فى ذهنه "أتراه عالم روائى فقط أم يحكى سيرة ذاتية على وجه من الوجوه؟ وسأل المسدى: هل من تفسير لهذه الحالة، وأنا أعترف بأن ذلك هو ما يحدث لى.