لم تعد الطرق التقليدية المستخدمة في الزراعة، كافية لسد الاحتياجات الغذائية للمواطن المصري، ووجب على المسئولين التوجه إلى اتباع الأساليب الحديثة والتي أثبتت نجاحها في كثير من البلدان وخاصة العربية في إنتاج جميع أنواع الخضر التي كانت تعتمد على استيرادها من الخارج، فضلا عن افتقاد هذه الدول للمناخ الذي تمتاز به مصر ويساهم فى زيادة الإنتاج وتخفيض تكاليف المشروع. وتعد الزراعة دون تربة أحد طرق الزراعة الحديثة وأهم أساليب الإنتاج التي تعمل على توفير المنتج بصورة آمنه غذائيا، بالإضافة إلى التغلب على ندرة الموارد الطبيعية مثل عنصري المياه والأراضى سواء من حيث الوفرة أو الجودة، وتمتاز هذه الطريقة بتوفير المزروعات طول العام وبجوده عالية، كما أنها ذات عائد اقتصادي مرتفع يحقق نسبة ربح جيدة. يقول الدكتور أشرف عمران، رئيس المجلس العربي للأمن المائي والغذائي، إن الزراعة دون تربة أثبتت نجاحها في العديد من دول العالم، والخلل بمصر يكمن فى منظومة الزراعة المتبعة وعدم استغلال الموارد الطبيعية بشكل سليم، خاصة عنصر المياه، لافتا إلى أن أسلوب الزراعة دون تربة طبق في الدول العربية وأثبت نجاحات كبيرة فى البحرين التي لا تتمتع بمناخ معتدل مثل مصر، خاصة أن تكلفة المشروع تعتمد على معدل درجات الحرارة والفرق بين حرارة الليل والنهار ونسبة الرطوبة. أضاف "عمران" أن العائد من الزراعات الحديثة يتضاعف عن التقليدية، بمعدل يتراوح بين 4 إلى 10 أضعاف، كما أن نسبة فرز المحاصيل فى الزراعة التقليدية تكون من 50% إلى 60 % درجة أولى، و30% درجة تانية، و20% درجة ثالثة، بينما في الزراعات الحديثة تزيد نسبة فرز الأول على 90%. وأوضح رئيس المجلس العربي للأمن المائي والغذائي، أن المشاريع الزراعية التي تتبع الطرق الحديثة، تستعيد رأس المال بالكامل في فترة لا تتجاوز العام ونصف من بداية التشغيل بالإضافة إلى تغطية مصاريف الإنتاج، متابعا: "يتميز هذا الأسلوب في الزراعة بأنه أحد الحلول الجيدة لمشكلة ندرة المياه، وفي نفس الوقت يزيد من الإنتاجية في وقت أقل". من جانبه، قال الدكتور محمد أبو السعود، الخبير الزراعي، إن أسلوب الزراعة دون تربة طبق بالفعل في مصر، لكن بشكل محدود، فاستخدم في زراعة نباتات الزينة وزهور القطف فقط؛ لأنها تعد ضمن المحاصيل التصديرية ذات العائد المرتفع والتي يمكن أن تغطي تكاليف الطرق الحديثة في الزراعة، مؤكدا أن هناك توجها باستخدامها في إنتاج الخس والفراولة لنفس الأسباب، خاصة أن اتباع تلك الطرق يحتم إنشاء صوب ووجود مصدر طاقة دائم؛ لأنها تعتمد في ريها على الكهرباء لتشغيل المضخات، فضلا عن توفير مصدر للمياه وجودة عالية، وأن يكون معدل الملوحة منخفض جدا، لافتا إلى أن مصر تفتقد إلى أهم عامل لاستخدام تقنية الزراعة دون تربة، وهو وجود خبرات فنية متخصصة في هذا النوع من الزراعات. أكد "أبو السعود" أنه يمكن خلال خمسة أعوام تنفيذ تلك النوعية من الزراعات في مصر، بعد الانتهاء من محطة الضبعة لتحلية المياه بالساحل الشمالي والتي ستوفر مياه ذات جودة عالية ونسبة ملوحة منخفضة، وخلال تلك الفترة سيتم عمل برامج تدريبية لإعداد كوادر يمكن أن تباشر وتشرف على هذه المزروعات التي تحتاج عناية وتكنولوجيا عالية، بالإضافة إلى الانتهاء من وضع خطة تسويقية مبنية على الاحتياجات للأسواق العالمية والمحلية، ليتم تحديد الكميات المحصولية من كل صنف، بجانب إنشاء مطارات وموانئ وعربات مبردة لتسهيل عمليات نقل المنتجات الزراعية سواء في الداخل أو الخارج، فضلا عن بناء محطات تعبئة وتغليف. وأشار الخبير الزراعي إلى أن اتباع الطرق الحديثة في الزراعة يقلل من العمالة المستخدمة، وينتج محاصيل عضوية نظيفة؛ لإمكانية التحكم في المعدلات التسميدية، مما يمنع الترسبات الزائدة من العناصر الكميائية للثمار، كما تحافظ على المخزون الجوفي للمياه من التلوث، بالإضافة إلى انخفاض معدل المبيدات المستخدمة في مقاومة آفات التربة، مؤكدا أن نظام نظام الزراعات دون تربة، سيزيد الاحتياطي من النقد الأجنبي؛ لزيادة معدلات التصدير، الأمر الذى يترتب عليه انتعاش الاقتصاد المصري.