الناتج المحلي من اللحوم لا يفي باحتياجاتنا اللحوم المصرية الأغلى على مستوى العالم بسبب نفقات اللجان البيطرية الاستثمار الزراعي يتمركز في وسط وغرب إفريقيا والبرازيل وإندونيسيا الاستزراع السمكي عندنا قائم على مياه الصرف الزراعي عدم تطوير أساليب الصيد والتلوث البيئي وراء تراجع الإنتاج السمكي أصبح الأمن الغذائى من الأولويات التى يجب الاهتمام بها؛ لكونه قضية أمن قومى ومن أقوى وسائل الضغط التي تستخدمها القوى العظمى للضغط على الشعوب النامية، لذا كان هناك حتمية التوجه إلى استغلال الموارد المتاحة واستنباط طرق زراعية حديثة غير تقليدية لإنتاج غذاء آمن من خلال استخدام المنظومة العلمية والبحث الدائم عن حلول لإدارة أزمات المستقبل. التقت «البديل» بالدكتور أشرف عمران، الخبير الدولي في الزراعات الحديثة ومدير مكتب البحوث والتطوير بالمجلس الاقتصادي الإفريقي، حاورته حول قضية الأمن الغذائى وقضايا أخرى شائكة، وإلى نص الحوار.. ما المعوقات التي تقابلها مصر في التنمية الزراعية؟ عدم وجود خطة استراتيجية سليمة سواء في توزيع الأراضي أو استغلال الموارد الطبيعية المتاحة، فكل القرارات التي تتخذ بخصوص القطاع الزراعي، سياسية وليست استراتيجية، فعلى سبيل المثال زراعة ال4 ملايين فدان مشروع «غير واقعي»، وتوزيع الأراضي على الخريجين مشروع «فاشل»؛ لأنه يعمل على تفتيت الحيازة، ما يعد إهدارًا للموارد؛ لأنه يعيق استخدام الميكنة الزراعية سواء في الزراعة أو الحصاد، بجانب أن تجميع الأراضي في كيان اقتصادي كبير، يساهم في إعادة تطبيق الدورة الزراعية مرة أخرى، والتي طالما نادت بها وزارة الزراعة كثيرًا دون استجابة من الفلاحين. ما السبيل لتقليل الفجوة الغذائية في ظل محدودية مواردنا الطبيعية؟ لابد من إدراك أن الطرق التقليدية في الزراعة أصبحت غير مناسبة في ظل ندرة الموارد الطبيعية؛ كالمياه والأراضي سواء من حيث الوفرة أو الجودة، لذلك علينا التوجه إلى استخدام الوسائل الحديثة للتغلب على تلك المصاعب، كاستخدام الزراعة دون تربة "الزراعة المائية"، التى يكون فيها وسط النمو، الماء فقط مضاف إليه العناصر الغذائية اللازمة لنمو النبات والتي تحقق من 8 إلى 10 أضعاف من الإنتاج التقليدي وتوفر 85% من المياه والأسمدة، أو الزراعة الهوائية، التي يعلق فيها جذور النبات بأي من الدعامات، ويتم تعرض الجذور للمياه من خلال الرش. وهذه الطرق في الزراعة مجدية اقتصاديًّا؟ الجدوى من هذه المشاريع تظهر جليًّا في الأراضي الفقيرة والصحراوية، أو التي تعاني من توطن بعض الأمراض النباتية بها؛ لأن الأرض ليست العنصر الرئيس المستخدم، وبالتالي لن نحتاج إلى ميزانيات ضخمة لاستصلاح أراضٍ جديدة، بالإضافة إلى أن هذه الطرق في الزراعة توفر كميات كبيرة من المياه وتحقق إنتاجية أفضل من الزراعة التقليدية وصديقة للبيئة؛ لأن كميات الأسمدة المستخدمة أقل منها في الزراعات التقليدية. هل يتلاءم التوسع في مشاريع الإنتاج الحيواني مع ندرة المياه بمصر؟ يجب أن يكون التوسع في تلك المشاريع مدروسًا وعلى أسس علمية، وأن تشترط الدولة أن تتبع في تلك المزارع الطرق المستحدثة في التغذية؛ لأنه للأسف الدولة تخصص أراضٍ لمستثمرين عرب لإنشاء مزارع لإنتاج الألبان تعتمد على البرسيم في المقام الأول لإنتاج الأعلاف الخضراء، ولذلك يجب وضع قوانين للحفاظ على مستوى الماء الأرضي وإجبارهم على زراعة نسبة بسيطة من البرسيم؛ لتنمية الثروة الحيوانية، شريطة ألَّا يتم تصديره للخارج؛ لأنه مستهلك شره للمياه، ويعد إحدى طرق تصدير المياه الافتراضية، حتى لو تم فرض بعض الرسوم؛ لأن هذه الأعلاف الخضراء التي يتم تصديرها تستخدم لتغذية الخيول في البلدان العربية، ولذلك يجب استخدام الشعير المستنبت في تغذية الحيوانات، حيث إن الواحدة منها يمكن أن تكفي لتغذية 60 رأسًا من الأغنام، و12 رأس ماشية في اليوم، ويجب استخدام تكنولوجيا تدوير المخلفات الزراعية لتحويلها أيضا إلى أعلاف؛ لتوفير مساحات كبيرة لزراعتها بالمحصول القومي الأول وهو القمح، والذي يعد البرسيم المنافس القوي له في المساحات، ويجب أن ندرك جيدًا أن اللحوم المصرية الأغلى على مستوى العالم؛ لوجود خطأ في منظومة إدارة الموارد المتاحة، فضلًا عن أن القوانين المصرية تمنع دخول سلالات من الأبقار ذات الإنتاجية المرتفعة سواء في اللحوم أو الألبان. كيف نخفض أسعار اللحوم في مصر؟ لن نستطيع أن نفي باحتياجاتنا من اللحوم من الناتج المحلي فقط، ولذلك ليس لدينا بديل سوى الاستيراد من الخارج، مع مراعاة ملائمتها الدخول والأذواق المصرية، فمثلًا السودان تملك 142 مليون رأس ماشية يتم تربيتها على المراعي الطبيعية، وتكلفة نقلها لن تكون كبيرة، فيمكن توفيرها في الأسواق المصرية ب25 جنيهًا للكيلو، وتقابلت منذ ستة أشهر مع الدكتور فيصل وزير الثروة الحيوانية في السودان؛ لدراسة معوقات نقل الحيوانات إلى مصر بمشاركة المستوردين الذين أجمعوا على أن اللجان البيطرية المرافقة للمستوردين للكشف على الحيوانات قبل ذبحها، تستنفذ مواردهم المالية، ما يجبرهم على إضافة تكاليف اللجنة على سعر اللحوم. هل التقلبات المناخية ستغير من الخريطة الزراعية عالميًّا؟ مما لاشك فيه أن التغيرات المناخية ستغير خريطة الغذاء العالمية، وأن منطقة الاستثمار الزراعي ستتمركز في وسط وغرب إفريقيا والبرازيل وإندونيسيا؛ لأن الاحتباس الحراري سيعمل على فقدان جزء كبير من الدلتا المصرية ومنطقة رشيد ودمياط، وهي المناطق الرئيسة للاستزراع السمكي في مصر؛ نتيجة ذوبان القارة القطبية، ولذلك يجب التوجه إلى إقامة مزارع سمكية على الآبار المالحة؛ لأنه مستخدم للمياه وليس مستهلكًا لها. كيف نستفيد من موجات السقيع التي تجتاح دول العالم لزيادة صادراتنا الزراعية؟ لابد من استغلال الجو السيء شتاء في الدول الأوروبية وخاصة روسيا لزيادة صادراتنا إليها، ولن يتأتى ذلك إلَّا بعد خفض أسعارنا التصديرية ليكون لدينا قدرة تنافسية مع باقي الدول المشابهة لنا في المناخ، ولذلك يجب أن نتجه إلى زراعة أماكن متسعة بها مصادر مياه، وهو متوافر على سبيل المثال في جرف حسين بأسوان، فبها أكثر من 200 ألف فدان مستوية من أجود الأراضي المصرية والتي يمكن أن تخصص لإنتاج المحاصيل التصديرية لسهولة استخدام الميكنة الزراعية بها واستخدام طرق الري الحديثة التي تعمل على توفير مياه الري. ما تقييمك للاستزراع السمكي بمصر؟ للأسف القوانين المصرية المعمول بها في الاستزراع السمكي لا تسمح بإقامة تلك المشاريع سوى على مياه الصرف الزراعي، وهذا اعتراف رسمي من الدولة بأن أسماكنا ملوثة، فهذه القوانين بلا فكر، ويجب الاهتمام بالبواغيز؛ لأنها أصبحت تحت سيطرة المافيا بالاتفاق مع جهات حدودية، ويأتي ذلك بإنشاء وحدات للتفريغ لتوفير الزريعة القابلة لأي تطوير؛ لأن أعداده لا تتناسب مع حركة تنمية الثروة السمكية، ولابد من إنشاء جهات تصنيعية للإنتاج المكثف، وللتوسع فى الاستزراع السمكي لابد أن نضع في حساباتنا الوصول لنقطة التوازن بين الإنتاج الوطني واحتياجات الاستهلاك الكمي والنوعي من الأسماك، وعلى الرغم من أن مصر تعد من أكبر الدول المنتجة للأسماك في الوطن العربي وإفريقيا، إلَّا أن تلك النسبة ما بين الإنتاج الوطني واحتياجات الاستهلاك، ما زالت بعيدة؛ ويرجع ذلك لعدة أسباب؛ أهمها عدم تطوير أساليب الصيد والتلوث البيئي الذي أصاب المصادر السمكية سواء نهرية أو بحرية، أدى إلى تراجع جودة وكميات الإنتاج بالنسبة لوحدة المساحة؛ لاحتواء مياه الصرف الزراعى على العديد من المعادن الثقيلة، والأسماك لها خاصية التخزين التراكمي للمعادن الثقيلة، لدرجة أن بعض الأسماك تخزن بداخلها من محتوى العناصر الثقيلة نسبة تصل إلى مائة ما يحتويه الوسط المحيط بها، والجميع يعلم مدى الأثر الصحي الضار من تناول أسماك تحتوى على نسبة عالية من العناصر الثقيلة.