* الشباب المسلح بالعلم والتكنولوجيا يمثلون نصف السكان وقادرون على مفاجأتنا وقلب الطاولة على العسكر والإسلاميين إعداد – أحمد شهاب الدين : ” النصف المدني لمصر ، والأقلية المسيحية الكبيرة يهيئون أنفسهم الآن لبرلمان إسلامي ، للمرة الأولى في تاريخ مصر ، وبينما تنتاب البعض الدهشة والفزع ، نجد البعض الآخر يعلقون آمالهم – ويا للمفارقة – على المؤسسة ذاتها التي تتلقى اللوم على عجزها الديمقراطي ، فهم يعتقدون أن الجيش يمكن أن يوقفوا الإسلاميين أو على الأقل يحدوا من اكتساحهم . ” بهذه الكلمات يبدأ مجدي عبد الهادي مقاله في الجارديان تحت عنوان ” مصر من الأيديولوجية الناصرية المختلطة إلى اكتساح الإسلاميين “. يرصد الكاتب مشاعر المصريين وهواجسهم بشأن سيناريوهات المستقبل ، بينما يستبعد المتفائلون الانحدار إلى حمام الدم ، وتصادم الجيش مع الإسلاميين – السيناريو الجزائري 1990 عندما ألغى الجيش البرلمان بينما كان الإسلاميون يستعدون للانتصار – بينما يتوقع آخرون السيناريو الباكستاني بظهور ضابط مثل ضياء الحق إسلامي الهوى ، يكون مقبولا للجيش والإسلاميين ، أو السيناريو السيء – كما يصفه الكاتب – أن يفعل الجيش مافعله في عام 1952 ويجد الذريعة لتعليق كل الأمور السياسية . ويتعجب الكاتب من اندهاش المصريين لفوز الإسلاميين بثلثي المقاعد في المرحلة الأولى والثانية ، لأن المتابع لتاريخ مصر في الفترة الأخيرة كان عليه أن يتوقع ذلك ، ويرجع الكاتب قليلا إلى الوراء في محاولة لفهم مايحدث الآن . منذ الانقلاب العسكري عام 1952 الذي أسقط الحكم الملكي ، كانت الرياح السياسية تهب من البحر المتوسط على أنحاء مصر كما كانت في العصور القديمة ، ولكن كانت هناك عواصف حارة قادمة من شبه الجزيرة العربية ، ويربط الكاتب بين العدوان الثلاثي الغربي على السويس أو كما يسميه الكاتب ” الزواج الإجباري ” جاء بنهاية دامية ودرامية لكل القيم الليبرالية في النظام السياسي المصري وأفسح المجال لحكم الحزب الواحد ، وازداد تألق القومية مع بروز الأفكار الاشتراكية والإسلامية في تمازج شكل الإيديولجية الناصرية . لم يكن جمال عبد الناصر يشبه أتاتورك فقد كان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين واختلافه معهم كان على المستوى السياسي وليس الأيديولوجي ، ولقد ذهب إلى الأزهر ليحشد الناس أثناء حرب 56 بخطاب عاطفي ، اقتبس فيه الكثير من آيات القرأن وذكر المصريين بالقتال الذي كان فرضا إسلاميا – وليس قوميا – لقد كان مزيجا من القومية والإسلامية صبغت عبد الناصر وساهمت في ازدياد شعبيته . ويقارن الكاتب بين الأزهر والتدين السعودي بأن الأول وإن كان معتدلا عن المؤسسة الدينية السعودية إلا أنه ليس ليبراليا يدعو إلى انفصال ” الكنيسة ” عن ” الدولة ” . وبعد أن حمل الكاتب الغرب مسؤولية فشل اليبرالية وتأخرها ، يعود بنا إلى اللحظة الراهنة مادحا في هذا الجيل الشاب المسلح بالعلم والثقافة التكنولوجية ويقارن بين شباب الجماعات الإسلامية وبقية الشباب بأن الشباب الإسلامي منغلق وغارق في الصراع مع قياداته المتشددة ، بينما الآخرون لازالوا قادرين على الحركة والتغيير وقلب الطاولة السياسية في أي لحظة ؛ فهم الذين قادوا حملة ضد المجلس العسكري مؤخرا ، وعرضوا وحشية الجنود في تعاملهم مع المظاهرات وأجبروهم على تنازلات رئيسية ، وهم يصعدون من حملاتهم ، ويصلون باحتجاجاتهم من وسط القاهرة إلى ضواحيها . وينهي الكاتب مقاله في الجارديان بأن مصر وإن كانت محكومة بقبضة الجيش القاسية ، والأماكن الحرجة التي يحتلها الإسلاميون ، ولكنا ننتظر الكثير من الشباب النشط كيف سينظمون أنفسهم وماهو الدور الحيوي الذي سيلعبونه في تشكيل مستقبل مصر لعقود قادمة ، وهم يمثلون أكثر من نصف السكان المصريين ، ولا يجب أن يقلل من قدرهم أحدهم ، ومن قدرتهم على المفاجأة .