رأت صحيفة "جارديان" البريطانية أن الإسلاميين في مصر والذين يعززون مكاسبهم يوما تلو الآخر عليهم ان يتحلوا بالقومية وأن تكون مصالح الوطن العليا الهدف الأكبر من مصالح أيديولوجيتهم الفكرية الإسلامية والسياسية. وأضافت أن مصر عانت من الاختلاط والتشويش بين الأفكار والسياسات العامة بداية من القومية التي رسخ لها جمال عبد الناصر منذ الخمسينيات من القرن الماضي، الفترة التي بزغ فيها الإسلاميون بدعم من عبد الناصر محاولا صبغهم بالقومية، لتتحول مصر مؤخرا من قومية ناصر إلى إسلامية بأغلبية ساحقة. وأضافت الصحيفة أن سر نجاح عبد الناصر كقائد وزعيم ذى شعبية بالغة هو صهره الإسلامية بالقومية في بوتقة واحدة عندما خطب في الجماهير من منبر جامعة الأزهر حاشدا الجنود لحرب 1956، وبغض النظر عن القضية الداخلية إلا ان الفكرة هى نجاح الزعيم الذي صهر كافة الأفكار والأيديولوجيات المتعارضة والمتوافقة في بوتقة القومية وهو ما تحتاجه مصر الآن من حاكمها المرتقب وبرلمانها الإسلامي. وأشارت الصحيفة إلى المزيد من التشويش الذي تتميز به مصر الآن بين أغلبية إسلامية وأقلية علمانية وأخرى ليبرالية وأخرى مسيحية، في ظل اكتساح إسلامي للبرلمان المصري في ظاهرة هى الأولى من نوعها في تاريخ مصر الحديث. وأضافت أن هذا التحول الجوهري في السياسة المصرية أفرز القلق والمخاوف لدى الكثيرين والذين يترقبون عن كثب انعقاد أو برلمان إسلامى في مصر بحلول منتصف الشهر الجاري، في وقت يحظى فيه الجيش والمؤسسات الداخلية بالحصول على أكبر قدر من اللوم للمساهمة في إفشال الحياة السياسية وعدم المساندة الكافية لليبرالية المصرية لتأخذ وضعا أفضل بالبرلمان المرتقب. واعربت الصحيفة عن تشوشها هى الاخرى قائلة: "لا أحد يعرف على وجه اليقين كيف ستكون المواجهة، والأمر منقسم إلى متفائلين يستبعدون الانزلاق الى حمام دم كما حدث في الجزائر في عام 1990 ومتكهنين بحدوث السيناريو الباكستاني بظهور عساكر اسلاميين متوسطين بين الجيش والإسلاميين، ومتشائمين يتوقعون حدوث السيناريو الأكثر سوءا كما حدث من إختلال الجيش عام 1954. وعبرت الصحيفة عن رغبتها في حدوث حالة من اليقين والاستقرار بحلول منتصف يناير الجاري، ليعزز الإسلاميون فوزهم بنتائج المرحلة الثالثة بعد فوزهم بثلثي البرلمان في المرحلتين الاولى والثانية.