الارتقاء بالجهاز الإداري وتحديث التشريعات.. أسس المبادرة الرقابية خبراء يحذرون من ثورة عنيفة.. ويطالبون بالبطش بمراكز القوى أعلنت هيئة الرقابة الإدارية مؤخرا، عن إطلاق مبادرة بعنوان "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد"، وأعلنت اعتزامها تنفيذ بنود تلك المبادرة دون التصريح بالإجراءات والأهداف المقرر اتباعها للقضاء علي الفساد، في الوقت الذي حذر فيه خبراء الاقتصاد من تأثير الفساد في إشعال ثورة جديدة لن تبقي ولن تذر، وستكون أكثر عنفا في ظل اقتراب معدلات الفقر من 26%، والبطالة 13.3%، مؤكدين علي خطر الفساد على المناخ الاستثماري. وأكد الخبراء أن محاربة الفساد ستخفض تكلفة الاستثمار بالنظر إلى ما يدفعه المستثمرون في صورة رشاوى، وبالتالي سيساعد ذلك علي استقطاب رؤوس أموال جديدة للبلاد، مما يدفع عجلة الإنتاج ويحقق التنمية المأمولة في هذا التوقيت المهم. وقبيل انقضاء نوفمبر الماضي، عقدت اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد اجتماعا برئاسة المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، وبحضور وزراء التخطيط، والتنمية المحلية، والعدل، ورؤساء هيئات الرقابة الإدارية، والنيابة الإدارية، وممثلى الأمن القومي، والداخلية، والجهاز المركزي للمحاسبات، بهدف وضع سياسات لمكافحة الفساد وفقا لآليات وأدوات محددة. ونصت المبادرة علي استعادة ثقافة العدل والشفافية والنزاهة والولاء، بدعم من أجهزة إدارية فعالة، لتؤكد الرسالة الخاصة بالاستراتيجية، والعمل علي الحد من الآثار السلبية على كافة القطاعات (الإدارية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية)، ونشر الوعى بهذه الآثار، ورفع قدرات أجهزة مكافحة الفساد، والتعاون مع كافة الجهات المعنية المحلية والإقليمية والدولية فى مكافحة الجرائم المتعلقة به، مع مراعاة المعايير الدولية وأفضل الممارسات. وتتمثل الأهداف الرئيسية للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في الارتقاء بمستوى أداء الجهاز الحكومى والإدارى، وتحسين الخدمات الجماهيرية، وإرساء مبادئ الشفافية والنزاهة لدى العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، وإعداد تشريعات وتحديث القائم منها لمكافحة الفساد، وتطوير الإجراءات القضائية لتحقيق العدالة الناجزة، بالإضافة لدعم الجهات المعنية بمحاربة الفساد، والارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ورفع مستوى الوعى الجماهيرى بخطورة الفساد وأهمية مكافحته، وبناء ثقة المواطنين فى مؤسسات الدولة. حكومة غير جادة حلمي الراوي، مدير مرصد الموازنة وحقوق الإنسان، قال إن توجهات الحكومة تظهر فيما يتم الإعلان عنه، ويبدو منه أنه مجرد تصريحات للاستهلاك الإعلامي، متهما إياها بأنها حكومة غير جادة، لأن المؤشرات الراهنة تعني أن هناك فشلا في إدارة الملفات المالية والنقدية، ومن ثم فالتصريح المذكور هو نوع من تخدير المواطنين، فحتي الآن لم يعلن عما تم التوصل إليه في اللقاءات وجلسات الاستماع بشأن تلك المبادرة. محاربة الفساد.. ثورة جديدة وأضاف الراوي، أن محاربة الفساد لها أبعاد كبيرة، أهمها تقليل نفقات الموازنة والدين العام، بالإضافة لتحسين جودة الخدمات الصحية والتعليمية المقدمة للمواطنين خاصة محدودي ومتوسطي الدخل، باعتبارهم أولى الفئات بالرعاية، وحذر من أن استمرار الفساد بقطاعات الدولة المختلفة سيؤدي إلى تكرار ثورتي 25 يناير و30 يونيو، لكن الموجة القادمة ستكون أكثر عنفا، موضحا أن الأوضاع الراهنة باليمن حالت دون خروج المواطنين للتظاهر، خشية حدوث فوضي كما حدث بعدد من البلدان العربية مؤخرا. وطالب الراوي، الحكومة بأن تدرك خطورة الوضع الراهن وتقوم بالقضاء علي منظومة الفساد الموجودة بكافة القطاعات، والعمل علي سيادة القانون حتي يشعر المواطن بما نادت به ثورتا 25 يناير و30 يونيو من توفير مصدر للدخل والعيش بكرامة، وتطبيق العدالة الاجتماعية. عواقب تأخر تنفيذ المبادرة من جانبه، قال الدكتور أسامة عبد الخالق، أستاذ الاقتصاد والضرائب بجامعة عين شمس، إن إجراءات الحكومة لمحاربة الفساد تأخرت نظرا لانشغالها في الحصر الكامل للقطاعات التي تكون بيئة خصبة لنشأته وانتشاره، مؤكدا أن الفساد في مصر أصبح مراكز للقوى يجب البطش بها والجدية في التعامل معها، خصوصا في مجال الحد الأدني للمعاش وقوانين الضرائب بصورها المختلفة. الفساد والاستثمار وأكد أن الدولة في طريقها لمحاربة الفساد في الأجل القريب جدا وبعد اكتمال عمليات الإصلاح المؤسسي، مشيرا إلي أن أي تأخر ستكون له أبعاد سلبية علي المواطنين خاصة بعد التصريحات التي خرجت عقب مؤتمر قمة مارس الاقتصادية، وأنه في حالة نجاح الدولة في محاربة الفساد، ستتراجع تكلفة الاستثمار، وسيكون مناخا جاذبا له بشكل كبير. وأوضح عبد الخالق، أن الاستثمار والاقتصاد لا يتوقف فحسب على وجود الموارد والأيدي العاملة والمرافق، لكنه ينظر للمناخ العام وما إذا كان الفساد منتشرا، فالشركات متعددة الجنسيات تشترط في تعاملها مع الأفراد أو الدول أو المشروعات عدم وجود أية صور للفساد في التعامل حتي لا تؤثر علي التعاقدات. وأشار إلي أن السبيل الوحيد أمام الدولة لعودة الاستثمار يتطلب الإسراع في كشف منابع الفساد وتجفيفها، لخلق المناخ الصحي لتعافي الاقتصاد وزيادة معدل الإنتاج، وبناء عليه، فالحكومة مطالبة الآن بتحسين الصورة السيئة عن مصر سواء من حيث انتشار الفساد الإداري والمالي، أو البيروقراطية والروتين الحكومي.