إلغاء مزلقان الحضرة دون إنشاء كوبري مشاة بسبب غياب الإشارات.. أهالي غبريال يصيحون لتنبيه المارة ألبير: لجنة متخصصة للتطوير.. وأنهينا أعمال 97 مزلقانا مشاهد مأساوية عديدة كانت قضبان السكك الحديدية في الإسكندرية شاهدة عليها، فعلى مرأى ومسمع من الجميع، أريقت دماء عشرات المواطنين، على مزلقانات لم تتوفر لها شروط الأمان ولو في حدها الأدنى، حتى صار مألوفا سماع أصوات المارة وهم يحذرون بعضهم البعض عبر حناجرهم فقط قبل اقتراب القطار بثوان معدودات، فإما أن تنتشلهم العناية الإلهية من ميتة شنيعة، وإما أن تفتك بهم عجلات القطار ليسارع شهود العيان بلملمة أشلائهم، حتى وصول من يعنيه الأمر. إغفال الحكومة لدورها في توفير آليات السلامة من صافرات الإنذار وإشارات التنبيه وعواميد الإضاءة في المزلقانات ومحطات القطارات، وعدم تعيين خفراء في بعضها أو شرطي مرور يفض التكدس المروري قبل وصول القطارات يضاعف من حجم المشكلة. يقول محمد بخيت، أحد الأهالي المجاورين لمزلقان الإيطالي بمنطقة الحضرة شرق المدينة، إن المزلقان ظل على وضعه الحالي طوال 11 عاما كان شاهدًا فيها على بعض الأحداث، مشيرًا إلى أن المزلقان كان يتحكم فيه 3 خفراء إلى أن قررت الهيئة العامة للسكك الحديدية إلغاء المزلقان وإعادة الخفراء إلى المحطة، فأصبح المجال متسعًا للمارة لعبور الطريق دون وجود من ينبههم لقدوم القطارات سوى عبارات المواطنين الذين يتصادف تواجدهم بالمنطقة لاستيقافهم بعبارات"خلي بالك يا ابني، وخلي بالك يا ست". الأهالي سلمت روحها لبارئها في لحظات مرورها من المزلقان الذي ألغته الحكومة دون تشييد كوبري مشاة يصل بين الجانبين، خاصة وأن المحطة الحالية تبعد مسافة طويلة عن منطقة المدارس، ما يجعل الأهالي والطلبة يختصرون المسافة بالمرور عبر تلك الفتحة المفتقدة لكل عوامل الأمان. مارينا، طالبة بالفرقة الثانية في كلية الحقوق، تعبر القضبان يوميا، وفي أحد الأيام فوجئت بحادث أودى بحياة شاب في مقتبل عمره بمحطة الإيطالي مزق القطار فيها أشلاءه حتى جمعتها الأهالي لتواريها التراب. لم تختلف المشاهد كثيرًا في مزلقان غبريال، حيث شكل تراكم أكوام القمامة أعلى القضبان خطرًا كبيرًا على حياة المواطنين من مستقلي القطارات، كما ساهم الازدحام المروري في اصطفاف السيارات أعلى القضبان، وقد يأتي القطار فجأة فتحدث الكارثة. لحظات فارقة تفصل بين مرور سيارة الأجرة التي تستقلها أسماء حلمي، أثناء توجهها إلى عملها يوميًا، وبين القطار المندفع نحو المحطة فوق مزلقان غبريال، قالت إنها تكون الأسوأ في حياتها وقد تصل إلى دقائق في أوقات الازدحام، حتى إنها تردد خلالها الشهادة، مشيرة إلى أنها كانت شاهدة على العديد من الحوادث على المزلقان. أضافت: "لا أنسى أبدًا حين يصفر القطار والطريق متوقف والناس تنزل من السيارات مهرولة خوفا من المصير المشئوم، والأهالي هم من يتصدون لتحذير المارة، ويباشر رواد المقهى الموجود بمحيط المحطة مهمة عامل المزلقان من خلال التنبيهات المتكررة للمواطنين، كما يساهمون في فتح الطريق المعطل وإحداث سيولة في المرور. أحد الباعة الجائلين اتخذ من القضبان الحديدية لمحطة قطار السوق بباكوس موقعًا لعرض بضائعه التي وضعها أعلى أقفاص خشبية يقوم بنقلها عند مرور القطار إلى قضبان الاتجاه المعاكس وهكذا، وحيلته لتمرير تلك المخالفة صافرة معلقة في رقبته يطلقها للتحذير عند رؤيته للقطار، حيث جرس المحطة متعطل، ولا وجود لموظف هيئة السكك الحديدية. عامل مزلقان متراس بغرب الإسكندرية يقضي 12 ساعة كاملة يوميا داخل غرفة صغيرة غير آدمية بها دكة من الطوب وهاتف قديم، لمتابعة حركة القطارات، يقول وقد رفض ذكر اسمه إنه يتلقى التعليمات عبر هاتف الإشارة وذلك يعرضه لمشكلات عدة ويعرض حياة المواطنين للخطر، لأنه كثيرًا ما يتقاعس عامل البلوك عن إبلاغه بقدوم القطار، وفي بعض الأحيان يطالبه بالاعتماد في تحديد مكان القطار على نظره، مشيرًا إلى أن حدود رؤيته تتوقف عند بعد 50 متر فقط من كلا الاتجاهين بسبب انحناء الطريق، ووجود عوائق تحجب الرؤية. وأضاف: في حال وقوع أي حادث نتيجة عدم إخطار عامل البلوك بقدوم القطار فإنه لا يستطيع إدانته لأنه "هيكتب في دفتر الهيئة أنه قام بإخطار عامل المزلقان على خلاف الواقع"، على حد قوله، مستنكرًا عدم اهتمام الهيئة بتطوير المزلقان وإحلال الشواديف بأخرى إلكترونية تكون سهلة الاستخدام وسريعة ولن يستطيع الأطفال المرور من أسفلها أو رفعها من قبل الشباب والمرور عنوة. وأشار إلى أن الحوادث زادت بشكل كبير جراء الإهمال الذي يسبب له المشكلات، ففي كل حادثة تقع يحتشد الأهالي أمام غرفته ويوجهوا له السباب ويعتدوا عليه بالضرب، بل إنهم حاولوا عدة مرات إشعال النيران في غرفته انتقاما للضحايا، موجهين له الاتهامات دون ذنب، رغم أنه طالب المسؤولين كثيرا بإصلاح المزلقان، ويكون الرد دائما "هنطوره"، ولكن يبقى الوضع على ما هو عليه دون تغيير طيلة 5 سنوات. وقال جلال محمد، شاهد عيان، إن آخر ضحايا المزلقان شاب عقد قرانه منذ أيام، وقام أهالي الحي بجمع أشلائه من بين القضبان ووضعها في كرتونة تمهيدًا لدفنها، ومازال بعضها لم يتم العثور عليه حتى الآن، فلم يمر على وفاته 40 يومًا ولم يفرح بزواجه، مطالبًا بغلق الفتحات ال6 التي تربط بين جانبي الطريق واستبدالها بكباري للمشاة. من جانبها قالت نجوى ألبير، المستشار الإعلامي للهيئة المصرية العامة لسكك حديد مصر ل"البديل"، إنه بالفعل تم تشكيل لجنة من وزارة النقل والهيئة العامة لسكك حديد مصر، والمكتب البحري بجامعة القاهرة لتطوير مزلقانات محافظة الإسكندرية، وتنعقد اجتماعاتها أسبوعيًا داخل الهيئة لمتابعة آخر ما توصلت له أعمال التطوير، والتي تنصب على الجانبين المدني والكهربي، والإشارات. وأكدت ألبير أنه تم الانتهاء من أعمال تطوير 97 مزلقانا بمختلف أنحاء الجمهورية وتسليمها لهيئة سكك حديد مصر.