بعد فترة شهر العسل التي قضتها الدولة مع الدعوة السلفية وذراعها السياسي حزب النور بمنحهم تصريحات خطابة بالمساجد، بعد سجال طويل كاد أن يصل إلى أعتاب المحاكم، لم تمر أسابيع على الهدنة حتى عادت الخلافات كحرب ضروس بين الطرفين، بعدو حدوث موقفين يهددان استمرار الدعوة والحزب في الحياة السياسية والممارسة الدينية. لجنة برئاسة "محلب" تؤكد تأجيل الانتخابات لمواجهة سيطرة حزب النور أولهما تصريح أحد أعضاء اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، المشكَّلة من قِبَل الرئيس عبد الفتاح السيسي لمراجعة القوانين، وهو صابر عمار، حيث أعلن أن الإسراع بإجراء الانتخابات سيؤدي لتسليم البرلمان لحزب النور، ووصف الحزب بعدم إيمانه بحرية الرأي والتعبير، وأن مواقفه متناقضه مع توجهاته، الأمر الذي أزعج قيادات "النور" وأعضاءه، ووجدوا أن هذا التصريح يعكس توجهات الدولة في القضاء على الحزب سياسيًّا، ومنعه من دخول الانتخابات وتقليل فرصه في الفوز. حيث سرعان ما خرج الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، بتصريح رسمي للتعقيب على كلام عضو لجنة الإصلاح التشريعي، قال فيه: إن ما قاله صابر عمار يتنافى تمامًا مع الحيادية التى أكدتها القيادة السياسية، فإذا به يحرض الدولة ضد حزب النور، مطالبًا بعدم الاستجابة للضغوط والتعجل بإجراء العملية الانتخابية؛ لأن ذلك معناه تسليم البلد لحزب النور، وكأن حزب النور حزب ليكود الإسرائيلي، حسب تعبير "مخيون". وقال الدكتور طلعت مرزوق، مساعد رئيس حزب النور للشؤون القانونية: التحريض سياسيًّا من قِبَل مؤسسات تابعة للدولة ضد حزب النور، لم يكن الأول لصابر عمار، فكان من قبله الدكتور علي عبد العال، عضو لجنة إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، حينما قال له مصطفى بكري في أحد اللقاءات الإعلامية: توسيع الدوائر سيصب في مصلحة أحزاب الإسلام السياسي، فقال له "عبد العال": هناك مبدأ السلم الأهلي سيمنع ذلك. "الأوقاف" تنقلب على "السلفية" وتعلن ضم معاهد الدعوة للوزارة لم يلفظ حزب النور أنفاسه من حديث اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، إلَّا وتتلقى الدعوة السلفية ضربة قاسمة، تبدو هي الأخطر في تاريخها من محاولات منعها من الخطابة، وهي تصريح الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، بأن تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسى للأوقاف بتجديد الخطاب الديني سيشمل اقتحام الوزارة لملفين شائكين هما: ملف الثقافة الإسلامية الموازية من خلال معاهد إعداد الدعاة، والثقافة الإسلامية التابعة لبعض الجماعات والجمعيات، ومن بينها الدعوة السلفية. الأمر الذي أثار غضب الدعوة، وأعلنت رفضها لتصريح وزير الأوقاف ووصفته بالفاشل، حيث قال سامح عبد الحميد، عضو الدعوة السلفية: وزير الأوقاف لازال يتربص بالدعوة بعد أن فشل في انتزاعها من المساجد، وفشل في ضم المساجد للأوقاف، وفشل في إبعادنا عن الخطابة، ووقَّعتْ جمعية الدعاة الخيرية الممثلة للدعوة السلفية بروتوكول تعاون مع وزارة الأوقاف من قبل، يقضي بإنشاء جمعية الدعاة معاهد علمية تدرَّس فيها مناهج الأوقاف وتشرف عليها الوزارة لتأهيل الخطباء والأئمة. معاهد "السلفية" غير معترف بها.. والتابع للأوقاف 19 فقط أوضح الدكتور صبري عبادة، وكيل وزارة الأوقاف، أن الدعوة السلفية عقيدتها فاسدة وتعمل على نشر الفكر الوهابي في معاهدها وبين أفرادها، ووجودها بشكل رسمي أو غير رسمي يضر مصلحة البلاد. وقال "عبادة": المعاهد التي تتبع وزارة الأوقاف رسميًّا 19 فقط معلنين من قِبَل الوزارة، ومن دون ذلك يعد مخالفًا وينطبق عليه تصريح وزير الأوقاف ولن نعترف بضمها، حيث إن تلك المعاهد غير الرسمية بمثابة نواة لانطلاق الدواعش والمتطرفين، حيث لا يلتزمون بمنهج الوزارة، فلهم كتبهم الخاصة. قال أحمد الشوربجي، باحث في شؤون التيار الإسلامي: توجه الدولة سواء على المستوى الديني والسياسي تجاه حزب النور ودعوته السلفية أولى الخطوات لإنهاء الفكر الوهابي الذي تنشره. وأضاف أن معاهد إعداد القادة التابعة للدعوة السلفية بمثابة مليشيات، تتجمع فيها أفراد السلفية لإعادة ترتيب أوراقهم وزرع الفكر المتطرف في عقول الشباب، خاصة أن هناك أوامر صدرت لأفراد الدعوة السلفية بالالتحاق بمعاهد الأزهر؛ لكي يحصلوا على رخصة الخطابة التي تمكنهم من اعتلاء المنابر رسميًّا، من ثم يتلقوا التعليم السلفي داخل تلك المعاهد وعد الأخذ بما يدرس في الأزهر. من جانب آخر، رأى وليد البرش، المتخصص في الحركات الإسلامية، أن قرار وزير الأوقاف الخاص بضم معاهد الدعوة السلفية للوزارة، تأخر كثيرًا، وأنه بجب خضوع كل الجماعات والمعاهد الدينية التابعة لها للأزهر ووزارة الأوقاف.