تقف الأزمة السورية اليوم على أعتاب العام الخامس، بينما لا تزال معاناة الأبرياء مستمرة، هذه الأزمة التي حصدت أرواح الآلاف وشردت المئات ودمرت العشرات من المنازل والمؤسسات والبنية التحتية، تعرض فيها الأطفال والشباب للعنف والقتل والتجنيد من قبل أعداء البلاد، وواجهت فيها النساء والفتيات أقوى معاناة، وفشل المجتمع الدولي في وضع حدٍ لها، لينتظر الشعب السوري اليوم الذي تتحرر فيه بلاده من ظلام القوى التكفيرية والداعمين لها. قبل أربع سنوات بدأت المؤامرة على سوريا، وانطلقت من مدينة درعا، تحت مزاعم حملها أهداف "الإصلاح السياسي"، والمطالبة ب"الديمقراطية"، حينها أعلنت الدولة السورية أن ما يجري في البلاد هو مؤامرة وليس حراكاً شعبياً، وأن الهدف الأول والأخير منها هو ضرب سوريا، الحصن القوي لجبهة المقاومة والذي ستنطلق منه هذه القوى إلى كافة دول الشرق الأوسط. غالبية العالم لم يصدقوا ذلك وأخذوا في دعم ما لا يعلمون، وخلال السنوات الأربع الماضية اندس العديد من التنظيمات الإرهابية داخل سوريا قادمون من تركيا وقطر والدول الساعية لإسقاط الدولة السورية، تم دعم الإرهاب بالسلاح والمال، وتم وصف الإرهابيون بأنهم "ثوار"، حتى تمادى خطرهم في الأراضي السورية وامتد إلى خارجها ليلامس بعض الدول الأوروبية المدافعة عنهم والداعمة لهم، لتتراجع الدول وتقر وتتيقن مما قالته القيادة السورية قبل أربع سنوات، لكن بعد أن فات الآوان وأصبحت سوريا رماد وبات أهلها مشردون. أطفال مشردة، طرقات متعرجة، بنايات مهدمة، مدن محاصرة، بقايا أسلحة يلازمها بقايا قتلى، شح في المواد الغذائية، أصوات أسلحة ثقيلة وخفيفة، الرعب في عيون الأطفال من المستقبل الغامض الذي ينتظرهم، هذا هو حال السوريون بعد أربع سنوات مرت على الأزمة التي لا يتوقع أحد بانفراجها قريبًا. كتب المدير التنفيذي لمنظمة اليونيسيف "أنتوني ليك" مقالة تحت عنوان "أي مستقبل لأطفال سوريا"، يسأل فيها عن مستقبل الأطفال السوريين بعد مرور 4 سنوات على الحرب الدائرة هناك دون أن تظهر بارقة أمل للخروج من الأزمة، مشيرا إلى الظروف القاسية التي يمرون بها، حيث قال إن عشرات الآلاف من المدنيين فقدوا حياتهم والملايين فروا من بلادهم، وتعرضت المنازل والمدارس والمستشفيات للهجوم المباشر، ومجتمعات بأكملها أضحت خارج المساعدات الإنسانية من ماء وطعام، وانتشر العنف عبر الحدود مثل العدوى. اعتبرت "اليونيسف" الأزمة السورية أسوأ أزمة إنسانية في الذاكرة الحديثة، وتقدّر أن حوالي 14 مليون طفل، تأثروا بهذه الأحداث في سوريا ودول الجوار، فبالنسبة للأطفال الأصغر سناً، فكل ما يعرفونه عن هذا العالم، هو هذه التجربة المضرجة بألوان العنف والحرمان، أما بالنسبة لليافعين، الذين يدخلون سنوات التكوين والنضج فالعنف والمعاناة لم يشوه ماضيهم فقط، بل هو يشكل مستقبلهم كذلك. من ناحية أخرى أطلق 8 رؤساء منظمات حقوقية وإنسانية بالأممالمتحدة، نداء استغاثة من أجل وضع حد للنزاع الدامي في سوريا، وأكدوا أن التكلفة البشرية لهذه الأزمة مخيفة وغير مقبولة خاصة أن الأزمة تدخل عامها الخامس في ضوء احتمال ضئيل للسلام، وأشارت منسقة الشئون الإنسانية في الأممالمتحدة "فاليريا آموس" في بيان مشترك مع المسئولين عن منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي ومفوضية شؤون اللاجئين واليونيسيف والأونروا وممثلين عن حماية الأطفال من النزاعات المسلحة والعنف الجنسي، إلى ضرورة وضع حد للهجمات العشوائية على المدنيين في سوريا. قالت الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، إن الصراع تسبب حتى الآن في مقتل أكثر من 200 ألف شخص بينما يعيش ملايين الأطفال الآخرين عرضة للعنف واليأس والحرمان، وذكرت أن أكثر من 12.2 مليون نازح في سوريا هم في أشد الحاجة لمساعدات الإغاثة المنقذة للحياة، بينما فر 3.9 مليون لاجئ عبر الحدود بحثا عن الأمن. من جانب آخر حذرت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة من "المنعطف الخطير" الذي تتخذه الأزمة السورية لأن حوالي مليوني لاجئ سوري تقل أعمارهم عن 18 عاما "يمكن أن يصبحوا جيلا ضائعًا"، وكانت المفوضية حذرت فيما قبل من خطورة الظروف التي يعيشها ملايين اللاجئين السوريين، خاصة مع تزايد احتياجاتهم الإنسانية وتراجع الدعم الدولي. وأشارت إلى أن أكثر من نصف اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون في مساكن غير آمنة، مؤكدة أن واقع البؤس الذي يعيشونه يستنفد مدخراتهم، مما يدفعهم إلى التسول وعمالة الأطفال وأعمال أخرى مهينة بما تمثله من مخاطر اجتماعية أخرى، وأوضحت المفوضية أن هناك 12 مليون سوري بحاجة إلى المساعدة للبقاء على قيد الحياة، كما أن ملايين الأطفال يعانون من صدمات نفسية ومشاكل صحية، وأن نصف الأطفال لا يتمتعون في بلدان اللجوء بالتعليم، وأن 2.4 مليون طفل لا يحصلون على التعليم داخل البلاد.