لم يجد " عبد الله فتحي " سوى الجلوس على " الرصيف " المقابل لمحطة القطار بقلب مدينة الإسماعيلية ينظر إلى المارة فوق ما يسمى " السلم الأزرق " الذين يعبرون السكك الحديدية للجهة الأخرى، ينتظر أن يكلفه أحدهم بعمل وهو في حيرة من أمره، فقد مر ما يقارب ال 10 أيام منذ آخر مرة تقاضى فيها أجرًا مقابل أحد الأعمال كما هي العادة، والآن يفكر في عائلته وأولاده الذين ينتظرون عودته للمنزل ليتمكن من طمأنتهم ليوم آخر بجلب الطعام والضروريات لهم، وذلك في ظل موجة الطقس القارس التي اجتاحت الإسماعيلية وباقي المحافظات . يعمل "عبد الله" في مهنة " فواعلي " يقوم بأي مهمة توكل إليه سواء أعمال الهدم والبناء أو ك "حمَال" لمواد البناء من الطوب والرمل أو الاسمنت، ويقبل حتى بمهمة تشوين وتخزين الأشياء أو يساعد شخصًا في نقل متاع الأثاث من مكان لأخر . يقول " عبد الله ".. أجلس هنا من شروق الشمس وحتى المغيب، منذ أن أتيت للإسماعيلية من مسقط رأسي أسيوط من 14 عام، قد أجد قوت يومي أو لا أجده والرزق على الله، ليس لي أو لزملائي سواه . وأضاف "عبد الله" أنه بدأ العمل كعامل ترحيلات مع بعض من هم أكبر سنًا منه ومقاولي "الأنفار"، قائلاً "عشت اليوم تلو اليوم حتى أصبحت تلك هي مهنتي ثم تزوجت وأصبح لدى ثلاث أولاد أعولهم، وتثاقلت الهموم على كتفي" . يتقاضى عامل الفاعل أجرًا يتراوح بين 50 إلى 70 جنيهًا كيومية مقابل عمله، قد يضطر لقضاء أيامًا دون دخل نتيجة عدم إتاحة عمل، وعمال الفاعل يختلفوا عن عمال التراحيل من حيث عدم وجود وسيط بين العامل والمستأجر لأي عمل، أما عمال التراحيل فيكون لهم وسيط يجمع المال مقابل توفير عدد العمال الكافي للمشروع، وقد يكون العمل هو زراعة أرض أو جني محصول وليس فقط أعمال البناء . ويأتي معظم عمال " التراحيل و الفواعلية " بالإسماعيلية، للبحث عن فرصة عمل، من المنيا وسوهاج وأسيوط والشرقية، ومنهم من استقروا فيها، ويصل عددهم إلى ما يقارب ال150 شخص، يتركز انتشارهم بمناطق " المزلقانات " عادة، وبشارع السكة الحديد أمام محطة القطار، فيما يتخذ من لديه سيولة كافية من المال أحد مقاهي المنطقة مقرًا له . ويتوقف العمل في أيام البرد والأمطار، كما حدث في الموجة الأخيرة التي شهدتها مصر، بينما يؤكد " عبد الله وزملائه في الرصيف" على تحملهم لتخطي الظروف، فيلجأ بعضهم لمنازل البعض الآخر لعدم صلاحية بعض المنازل لفصل الشتاء فالمعظم يسكن في أماكن بسيطة بضواحي المحافظة أو يفترش الشارع . وتتلخص أمنيات "عبد الله فتحي" وزملاءه في الرصيف، أن يتاح لهم عمل ثابت حتى ولو في مجال المعمار مع أحد الشركات أو في مشاريع مثل قناة السويسوالإسماعيلية الجديدة . وتشير الإحصائيات التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2011 إلى أن عدد عمال "الفواعلية" بلغ 8 ملايين عامل في مصر، والعدد في زيادة مع قلة فرص العمل المطروحة وتشريد الكثير من العمال وغلق مصانع وشركات .