خرجت الحكومة التونيسية إلى النور بعد معاناة تشكيلها التي استمرت لأسابيع طويلة، لتصبح بذلك أول حكومة توافقية في عهد الرئيس التونسي الجديد الباجي قائد السبسي بعد أن أجرى عليها تغييرات تضمنت مشاركة أوسع شملت حركة النهضة، في خطوة من شأنها دعم الاستقرار بالبلاد. أعلن رئيس الحكومة المكلف "الحبيب الصيد" عن تشكيلة الحكومة الجديدة في تونس، وقال الصيد في كلمة للتونسيين "أدخلنا تعديلات على التشكيلة لإضفاء مزيد من النجاعة والفاعلية وتعبئة الطاقات للمرور للعمل الفوري ومعالجة عديد الملفات الملحة والتحديات القائمة." ومن المقرر أن تعرض الحكومة على مجلس نواب الشعب (البرلمان) في جلسة عامة، غدا الأربعاء، للتصديق على هذا التشكيل الحكومي الجديد، وجاء هذا الاتفاق بعدما واجهت حكومة الصيد تهديدا بعدم الحصول على الثقة بالبرلمان الأسبوع الماضي من الأحزاب الرئيسية المعارضة للتشكيلة الوزارية التي وضعها رئيس الحكومة الجديد. وأدى رفض عدد من الأحزاب السياسية للتشكيلة الأولى للصيد التي لم تضم أي مسؤول من النهضة، إلى اضطرار رئيس الحكومة الجديدة إلى خوض جولة مفاوضات جديدة بهدف إدخال تعديلات، وكان حزب حركة النهضة قد أعلن الأحد الماضي موافقته على الانضمام إلى الحكومة الجديدة، وتحصل على حقيبة وزارية واحدة متمثلة في وزارة التكوين المهني والتشغيل زياد العذاري الذي يشغل منصب الناطق باسم الحركة، وأسندت أيضا للنهضة ثلاث مناصب كاتب دولة وزير دولة للمالية والاستثمار والصحة. تشارك في الحكومة أحزاب "نداء تونس" و"أفاق" و "الاتحاد الوطني الحر" بالإضافة إلى شخصيات مستقلة، وقد أوكلت وزارات السيادة وهي "العدل" و "الدفاع" و"الداخلية" إلى شخصيات غير متحزبة، حيث محمد صالح بن عيسى بوزارة العدل كما عين فرحات الحرشاني في منصب وزير الدفاع وهو مستقل وعين ناجم الغرسلي وزيرًا للداخلية، في حين تقلد الأمين لحزب نداء تونس الطيب البكوش مهام وزارة الخارجية، وعين سليم شاكر وهو مهندس مختص في الإحصاء الاقتصادي وزيرا للمالية، وشاكر ذو توجهات ليبرالية وعمل مستشارا للبنك الدولي، ويؤيد شاكر التسريع بإجراء إصلاحات اقتصادية لإنعاش النمو في تونس. يتوقع أن تحصل الحكومة الجديدة على منح الثقة في مجلس نواب الشعب البرلمان خصوصا وأنها تحظى بمساندة أغلبية واسعة من قبل الكتل الرئيسية في البرلمان، وباعلان التشكيلة الحكومية، أنهى الرئيس المكلف الجدل الكبير حول مشاركة الإسلاميين في الحكومة. ورغم التوافق على الحكومة إلا أنها تواجه صعوبات على خلفية رفض بعض قيادات تونسية لوجود النهضة حيث شارك الأمين العام لحزب"نداء تونس"، الطيب البكوش في وقفة احتجاجية مطالبة بعدم إشراك النهضة في الحكومة الجديدة، ورغم هذا الرفض إلا أنّ الوزن البرلماني الهام لهذه الحكومة جعل الصيد أمام الأمر الواقع الذي يفرض عليه تشريكها لتحييدها عن المعارضة وكسب تأييدها بالبرلمان للقدرة على تنفيذ برنامج الحكومة وتمرير مشاريع قوانينها.