ما زال الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني مستمرا على حساب القضايا العربية عامة، والقضية الفلسطينية بشكل خاص، حيث تعتبر تل أبيب هي الحليف الاستراتيجي الأول في منطقة الشرق الأوسط بالنسبة لواشنطن، كما تعتبرها إسرائيل منقذها داخل الساحة الإقليمية والدولية مهما كثرت المشاكل والخلافات بين البلدين. في الوقت الذي أعلن فيه رئيس الوزراء الصهيوني "بنيامين نتنياهو" تجميد تحويل أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية والتي تبلغ نحو 500 مليون شيكل، تسعى إسرائيل أيضاً للضغط على مسؤولي الكونجرس الأمريكي لوقف المعونات الاقتصادية الأمريكية للسلطة الفلسطينية، حيث أوضح مسؤول صهيوني أن إسرائيل ستشرع في اتصالات مع مسؤولي الكونجرس الأمريكي لوقف الدعم الاقتصادي المقدم للسلطة الفلسطينية. وبالفعل ذكرت صحيفة "معاريف" الصهيونية نقلًا عن مصادر في إدارة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" بأن الكونجرس سيتخذ قراراً بوقف المساعدات المالية الأمريكية للسلطة الفلسطينية، والمقدرة ب440 مليون دولار سنويًا، عقب توجه السلطة الفلسطينية للمحكمة الجنائية الدولية. وقالت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية، "جان ساكي" إن الكونجرس لديه قوة اتخاذ القرار لوقف الدعم المالي للسلطة الفلسطينية، مشيرًة إلى أن قرار السلطة الفلسطينية بالتوجه إلي محكمة لاهاي هو قرار "يلحق الضرر الكثير"، وأضافت أنه بمقدور الخارجية الأمريكية اتخاذ خطوات أحادية الجانب، لافتة إلى أن الخطوة الأولى ستكون من الكونجرس، على أن يجتمع مجلس الشيوخ والنواب في وقت لاحق من هذا الشهر لمناقشة الأمر، وتتواصل الحكومة مع أعضاء في الكونجرس الأمريكي لفرض قانون يمنع تمويل السلطة الفلسطينية في حال انضمامها إلى الجنائية الدولية. وفشل مشروع القرار في حصد الأصوات التسعة اللازمة لاعتماده، حيث وافقت عليه ثماني دول فقط، وعارضته دولتان، فيما امتنعت خمس دول عن التصويت، وبذلك تكون أمريكا قد وقفت مرة أخرى في طريق التصويت لصالح حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. زعمت المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأممالمتحدة، "سامنتا باور"، إن بلادها صوتت ضد مشروع القرار الفلسطيني الداعي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، لأنه سيزيد من المواجهات، ولن يعمل على التوصل إلى حلول وسط بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وأكدت، أن واشنطن رفضت مشروع القرار الفلسطيني لأنها تدرك كما يدرك الجميع أن السلام ينبع من اتخاذ الخيارات الصعبة وحلول الوسط التي يجب اتخاذها عبر مائدة المفاوضات، وانتقدت المندوبة الأمريكية مشروع القرار الفلسطيني، واصفة إياه بأنه "غير بناء"، وأنه سيعرقل الجهود الرامية لتهيئة المناخ من جديد، حتى يمكن التوصل إلى تسوية من خلال المفاوضات. الحياد الأمريكي المزيف تجاه القضية الفلسطينية الذي تحاول أن تقنع العالم به لتضرب مثال الديمقراطية والحيادية والموضوعية، أصبح مكشوفاً بعدما اتضح خداع واشنطن، حيث تتحول أمريكا في وقت الأزمات من محايد إلي متحيز ومحابي لإسرائيل، خاصة عندما يهرع أحد المسؤولين الإسرائيليين لانتزاع وعد منها بحماية دولته المعتدية.