يسمي الخبراء ما قمت به منذ ثوان ب«الوقوع في فخ الثقافة الاستهلاكية»، فلمجرد أن منتجًا روج لنفسه على أنه الأكثر مبيعًا، وحقق إقبالًا فاق غيره من المنتجات المشابهة، اعتبرته أنت الأكثر تميزًا في السوق، دون النظر لاحتياجاتك. «البديل» ذهبت بعيدًا عن قوائم الأعلى مبيعًا، وتواصلت مع مختلف دور النشر، لتسألهم عن أهم المطبوعات التي قدموها خلال العام 2014، وكان متوقعًا لها أن تحقق انتشارًا نظرًا لقيمتها الفكرية والفنية، وتناولها النقاد الكبار والشباب باهتمام.. انتبه؛ فمعرض القاهرة الدولي للكتاب على الأبواب.. أحمد سعيد، المدير الشاب لدار الربيع العربي للنشر، يشير إلى رواية «صياد الملائكة»، لهدرا جرجس، باعتبارها واحدة أنجح الأعمال التي قدمتها الدار، بغض النظر عن المبيعات، تلك الرواية التي تناولت قضية الفتنة الطائفية في الصعيد، وعلاقة المسلمين بالمسيحيين ودور الدولة والكنيسة في التعامل مع مشكلات المسيحيين. لم ينس الإشارة لديوان «صف واحد موازي للوجع» لممدوح زيكا، الذي وصفه بعض الكتاب: أسوأ ما في هذا الديوان أنه، مثل كل الأشياء الجميلة، واللحظات السعيدة، ينتهي بسرعة، إضافة إلى رواية أدهم العبودي «الطيبون»، التي تسببت في حالة من الجدل في الأوساط الثقافية والأثرية المصرية، إثر اتهام مؤلفها بالإساءة للتاريخ الفرعوني، إذ انتقد عدد من الأثريين وعلماء المصريات بمدينة الأقصر التاريخية في الصعيد ما جاء بنصوصها، من تشويه وتزوير للتاريخ الفرعوني، والإساءة لأحد أهم ملوك الأسرة الحادية عشرة "واح عنخ انتف"، بتصويره في صورة إنسان شاذ جنسيًا. دار العربي تنصحك بالابتعاد عن سياسة القطيع، ومالكها الناشر شريف بكر، فاز بترجمة رواية «النسيان»، للكولومبي أكتور أباد فاسيوليني، والتي قدمها للعربية مارك جمال، وكان من المميز استقدام كاتبها إلى مصر، والتعرف على تجربته وجهًا لوجه، من خلال العمل الذي تروي أحداثه تاريخ وطن شهد عنفًا ومزقه الصراع بين جماعات متمردة مسلحة والجيش النظامي، وغيرها من الأطراف المتنازعة، وكيف انتصرت الحياة في النهاية رغم وفاة العديد، ومنهم والد الكاتب. كما ترجمت «العربي» رواية «لون الغواية» للكاتبة التركية هاندي اتاتلي، وحققت نجاحًا كبيرًا، بالإضافة إلى رواية «العشاء»، التي تعد أشهر رواية هولندية في العصر الحديث، وهي للكاتب هيرمان كوخ. دار أطلس للنشر قدمت خلال 2014 عددًا من المطبوعات المتميزة، وصاحبها عادل المصري، رأى أن أهمها «طريق التوابل» لعمر طاهر، و«آخر نفس» للسيناريست ناصر عبد الرحمن، بالإضافة إلى «العالم في عربة مترو» لفريدة الشوباشي، ومن أجواء كتابها: «في حياة كل منا لحظات أو مواقف أو أحداث تترك بصمة لا يمحوها الزمن أحيانًا وأحيانًا أخرى تنوء بها الذاكرة المزدحمة المتعبة والمرهقة ناهيك عن إصابتها بالوهن بمرور سنوات العمر فتكون الكتابة أو التدوين هي الملاذ الآمن حقًّا للاحتفاظ بطزاجة الأحداث». أشاد مالك الدار برواية «هبيك» للروائي محمد صلاح راجح، ومن أجواءها: بعد مصرع أمه إثر الغزو العراقي للكويت يعود "رامي يوسف" إلى مصر مُرغمًا مع أبيه، وبعد أكثر من عقدين من الانعزال عن التفاعل مع ما ومن حوله، يجد نفسه مضطرًا لمواجهة العالم الخارجي وحده، حيث تبدأ رحلته وسط أحجية نفسية طاحنة لعقله وحُبّ مبتور وخصوم لا ترحم. دار الشروق تنبهت لجدوى ذلك التحقيق، وأكدت أن رواية «قرية ظالمة» تعد من أجمل ما كتب الدكتور محمد كامل حسين، بل يراها البعض أجمل ما كتب عن الأيام الأخيرة للسيد المسيح، وتناول مؤلفها القصة بأسلوب راق وسرد شائق مشكلات الإنسان النفسية والفكرية والاجتماعية المزمنة، ولم تحقق الانتشار المتوقع منها، بحسب مصطفى الفرماوي- مدير مبيعات الدار. أصدرت الشروق أيضًا طبعة جديدة من رواية الكاتب الكبير بهاء طاهر «واحة الغروب»، التي تدور أحداثها في نهايات القرن التاسع عشر مع بداية الاحتلال البريطاني لمصر، ورواية «وكالة عطية» للأديب الكبير الراحل خيري شلبي، التي تناولت مأوى المهمشين والصعاليك والأشقياء في المدينة، لاعتبار الروايتين من أهم ما قدمت الدار في فترتها الأخيرة، إلا أن «الفرماوي» أكد أن لم تحقق المتوقع منهما. الدار المصرية اللبنانية، انتهزت الفرصة وكشفت عن كنوزها، ككتاب «التطور العمراني لشوارع القاهرة» لفتحي حافظ الحديدي، الذي يعد "كنزًا تاريخيًا" بمادته وصوره وتوثيقه الدقيق وتتبعه لتاريخ الشوارع منذ تخطيطها وحتى صورتها الحالية، كاشفًا ربما للمرة الأولى المباني ذات الطبيعة الخاصة "الفيلات والقصور ودور العبادة واستديوهات التصوير السينمائى.. إلخ"، التى كانت موجودة وقائمة في فترة من فترات التاريخ، وتم هدمها أو تغيير هويتها العمرانية ليحل محلها مباني أو عمارات حديثة على الطرز الغربية أو غيرها، وهو في هذا يطرح بدقة شديدة بالتواريخ والبيانات الموثقة ما آلت إليه هذه المباني. أما دار نون للنشر فاعتبرت رواية «حافية على جسر طبراية» لروان عبد الكريم، من أهم ما قدمت خلال العام، يربط مؤلفها بين القضية الفلسطينية والتحولات المصرية، والتخبط العربي الذي صار مقلقًا، هذا الخلط للأوراق الذي تنتهجه الدول المتحكمة في الشرق الأوسط، هذا الاستغلال للخلافات العربية، هذه الحدة بين الفرقاء التي تسمح بتوغل المتؤامرين بسهولة و يسر في بعثرة الآمال. كذلك رشحت له رواية «أمل» للأديبة السورية دينا نسريني، والتي قدمتها قائلة: «الثورة والحرب.. بستان أمل وحقل دماء.. ضدان مترادفان وعلى أرض بلدي.. نبع الحب والخير كان لهما أن يلتقيا.. كان لهما أن يرتبطا وثمرة ارتباطهما ما زالت جنينًا في رحم المستقبل، وما بين رومنسية الثورة وقسوة الحرب قصص لا تعد ولا تحصى، وما قصتي هذه إلا حرف في مجلد حكاوي سوريا الثورة والنجوم الحمراء الثلاثة».