ما زالت الصحافة والإعلام المصري يبحثان عن الحرية، رغم أن الثورة المصرية طالما نادت بها، ولم يكن عام 2014 أحسن حالاً من سابقيه من حيث الانتهاكات لحرية الرأي والتعبير واعتقال وحبس ومنع الصحفيين من أداء عملهم. وسيطر مشهد فصل الصحفيين تعسفياً من بعض المؤسسات علي الساحة في نهاية عام 2014، الأمر الذي يعد تشريدا لشباب المحررين الذين طالما يحلمون بالانضمام إلي نقابة الصحفيين؛ ليحصلوا علي مظلة الحماية القانونية تحت لواء صاحبة الجلالة. يقول عامر الوكيل، عضو لجنة التشريعات الصحفية لوضع قوانين الصحافة والإعلام، أن عام 2014 يعتبر الأسوأ في حرية الصحافة والإعلام في مصر، حيث شهد أسوأ انتهاكات الصحافة والحريات، كان على رأسها استشهاد ميادة أشرف، فقيدة الصحافة، التي سقطت أثناء تغطيتها لأحد المظاهرات في بداية مارس الماضي. وأضاف "الوكيل" أن هناك قصصا كثيرة حول نقل ومنع صحفيين ومذيعين، أهمها ما حدث مع باسم يوسف، الذي تحول إلى ترمومتر ممارسة الحرية الإعلامية، وكان يعتبر الدليل الأكبر على سعة صدر النظام، متابعا: «لا ننسى أبدا كم الانتقادات التي وجهها للرئيس المؤقت عدلي منصور، لكنه للاسف اختفى رغما عن انفه وعن انف جماهير الشعب المصري، ولن ينسى إنسان مؤتمره الصحفي الذي أعلن فيه أنه لن يستطيع أن يظهر من جديد». واستطرد: «علينا أن نتذكر أو نتساءل، لماذا لم يتم تجديد عقد يسري فودة، وأين دينا عبد الرحمن، ولماذا اختفت ريم ماجد تماما التي كانت أحد النجوم اللامعه في سماء الإعلام المصري؟، وهناك الكثير من الأمثلة على المنع والتقييد أو الإبعاد». وأشار "الوكيل" إلي أن حرية الصحافة والإعلام في هذا العام متاحة فقط لكل صوت لا يعارض السلطة، لكنها غير متاحه للمعارضة أو للنقد الموضوعي للسلطة أيا كانت هذه السلطة، مضيفا: «في النهاية، لا يمكن أن يستمر قمع الحريات، فكثرة الضغط تولد الانفجار، خاصة أننا ما زلنا في حالة ثورية لن تنتهي بسهولة ولن يقبلها أي صحفي أو إعلامي حر»، رافضا فصل أي صحفي أو إعلامي دون أي سبب قانوني، ومشيراً إلي أن الأولى بالفصل صحفيين كبار في السن ومنحرفين مهنيا. ميادة أشرف شهيدة الصحافة المصرية أصبحت الصحافة مهنة الموت السريع، فما زال استهداف الصحفيين والمصورين أثناء تأديتهم عملهم الميداني، المسيطر على المشهد العام، فالاعتداء علي أبناء صاحبة الجلال مستمر، بالنظر إلى الصحفي والمصور على أنه عدو وليس ناقلاً للحقيقة. وكانت الصحفية الشابة ميادة أشرف خير مثال، من مواليد محافظة المنوفية، تخرجت في كلية الإعلام قسم الصحافة في عام 2013، وهي الابنة الوحيدة لأسرتها، لم تكن تعلم الزميلة الصحفية بموقعي الدستور ومصر العربية، صاحبة ال 22 ربيعا أنها ستكون من ضحايا أبناء صاحبة الجلالة، لتلقى ربها في يوم 28 مارس 2014 أثناء تغطيتها لأحداث عين شمس، التي أسفرت عن إطلاق النار المتبادل بين قوات الشرطة وجماعة الإخوان المسلمين. أكد بشير العدل، مقرر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة، أن هناك حملة ممنهجة ضد الصحفيين؛ لمحاولة طمس الحقيقة، محملاً مجلس نقابة الصحفيين المسئولية عما تتعرض له الصحافة من استهداف. وأرجع "العدل" ما حدث من عمليات استهداف الصحفيين إلى ضعف أداء مجلس النقابة في التعامل مع حالات الاعتداء علي الصحفيين، مؤكدًا أنه سبب رئيسي فيما وصل إليه حال الصحافة المصرية. اعتصامات الصحفيين حاصرت مجلس النقابة الغائب غاب مجلس نقابة الصحفيين عن مواجهة العديد من مشاكل الجماعة الصحفية التي كان يأمل الصحفيون أن يضع لها المجلس الحالي حلولاً جذرية، ولكن بلا جدوى، حتى تزايدت الضغوط من الصحفيين والأعباء على المجلس الذي لم يقدم أي حلول للجماعة الصحفية، حيث ظهرت العديد من الاعتصامات أشهرها اعتصام الصحف الحزبية المتوقفة عن العمل، واعتصام الصحفيين الموقوف قيدهم في النقابة، بالإضافة إلي اعتصام الصحفي الشاب بالأهرام أحمد عبده، من زوي الاحتياجات الخاصة وبعض الصحفيين المفصولين من جريدتي الأهرام والأخبار، ولم يحرك المجلس ساكناً تجاه هذه الاعتصامات. الاعتداء علي الصحفيين.. أهم ملامح عام 2014 لم يسلم الصحفيون من الاعتداء عليهم أثناء تغطية مهام عملهم في ميادين مصر، حيث كان 2014 الأكثر علي الإطلاق في الاعتداءات التي تعتبر حملة ممنهجة للتربص بناقلي الحقيقة، فتكرار استهداف الصحفيين والمحررين الميدانيين والاعتداء عليهم، يشكل تهديدا خطيرا للحق في الحياة ولحرية الصحافة والإعلام، وحق الشعب في المعرفة. وأبرز انتهاكات العام الذى أوشك على الانتهاء، الاعتداء علي الزملاء خالد حسين "محرر اليوم السابع"، وأحمد السيد "مصور صدى البلد" في اشتباكات جامعة القاهرة في شهر أبريل الماضي بعد استشهاد الزميلة الصحفية ميادة اشرف بعدة أيام، فيما تعرض المصوران الصحفيان أحمد عبد الجواد بجريدة "الشروق"، ومحمود بكار بجريدة "البديل"، للاعتقال أثناء تصويرهما التظاهرات التي نظمتها جماعة الإخوان بالمعادي، في أغسطس الماضي، كما ألقت قوات الأمن القبض على المصورين محمد كمال وحازم عبد الحميد بالمصرى اليوم فى ميدان عبد المنعم رياض والاستيلاء على الكاميرات والمعدات الخاصة بهم بعد أحداث براءة مبارك. ومازالت نقابة الصحفيين تشجب وتدين عمليات الاعتداءات التي تحدث دون وضع حل جذري لهذه المشكلة التي تهدد بفقدان السلطة الرابعة هيبتها، فما زالت النقابة في غفوتها. ويأبي عام 2014 أن ينتهي دون وقوع إهانة للصحفيين، حيث طرد حرس نادي القضاة المكلف بتأمين انتخابات التجديد الثلثى لمجلس النادي، الصحفيين ومنعهم من تغطية أحداث الجمعية العمومية للنادي، التي كان من المقرر أن تناقش الميزانية السنوية وتقارير الأنشطة الخاصة بالنادى للعام الماضى وخطة الأنشطة في العام المقبل. السترات الواقية من الرصاص علامة تميز الصحفي تسلمت نقابة الصحفيين 50 سترة واقية من قبل القوات المسلحة؛ لحماية الصحفيين خلال التغطية الميدانية، ويتكون الزي الذي ستقوم النقابة بتوزيعه على الصحفيين والمصورين لحمايتهم خلال تغطيتهم المظاهرات من سترة ضد الرصاص وخوذة مكتوب عليهم "PRESS"، بالإضافة إلى قناع للحماية من آثار الغاز المسيل للدموع، كما تم استلام 30 سترة أخري من وزارة الداخلية. يقول أبو المعاطي السندوبي، عضو الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، إن السترات والخوذ وغيرها من علامات التمييز للصحفي في وضعنا المصري الراهن أشبه بحق يراد به باطل، موضحاً أن المجلس يتهرب من تحمل المسئولية في حماية الصحفيين عبر اختراع وهمي وهو ارتداء السترات وغيرها أثناء التغطية الصحفية للاحتجاجات والمظاهرات، مؤكدا أن التمييز للصحفي سيجلعه أكثر استهدافا، لافتا إلى أن الحل الأمثل لحماية الصحفيين، الاعتراف بحق التظاهر السلمي، حيث يتوفر مناخ وبيئة سلمية لعمل الصحفي. إشكالية لجنة لصياغة التشريعات الصحفية والإعلامية شكل المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، لجنة لصياغة التشريعات الصحفية والإعلامية، وسط تجاهل واضح للجماعة الصحفية متمثلة في نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة، مما أدى إلى حالة من الغضب بين الصحفيين والإعلاميين، وتمثل اعتداءً صارخا علي مجلس النقابة الغائب عن ممارسة دوره، في تشكيل اللجنة، وبعد الاعتراضات التي حدثت علي قرار "محلب" تم تشكيل لجنة خاصة بالصحفيين والإعلاميين لوضع التشريعات الصحفية والإعلامية . مجلس النقابة تجاهل مشاكل الصحفيين ودخل في صراع مع رئيس نادي الزمالك نشبت مشادات كلامية بألفاظ خارجة علي الهواء بين رئيس نادي الزمالك والزميل محمد الشرقاوي رئيس القسم الرياضي في المصري اليوم، علي أحد القنوات الفضائية، الأمر الذي أدي إلى تقديم شكوي من قبل الأخير إلي رابطة النقاد الرياضيين ومجلس نقابة الصحفيين التي انتقدت بدورها رئيس نادي الزمالك، مما أدي إلي دخول أعضاء مجلس النقابة في صراع من رئيس النادي. وقرر مجلس النقابة ورابطة النقاد منع نشر اسم وصورة رئيس نادي الزمالك في أي صحيفة، ومقاطعة المؤتمرات الصحفية التي يعقدها، وعدم ظهور أي من الزملاء أعضاء النقابة في البرامج الرياضية التليفزيونية التي تستضيفه. ونظم مجلس نقابة الصحفيين، والمكتب التنفيذي لرابطة النقاد الرياضيين، مسيرة من مقر النقابة إلى مكتب المستشار هشام بركات، النائب العام؛ لتقديم بلاغات جماعية ضد رئيس نادي الزمالك، بتهمة سب وقذف أعضاء النقابة.