ساهم "الربيع العربي " وتنامي العنف في العالم العربي في تراجع مكانة القضية الفلسطينية من سلّم أولويات القادة والشعوب سواء في الغرب او العالم العربي. إستفادت " إسرائيل " من هذا التغيير في سلم الأولويات فاكثرت من الاستيطان للقضاء آخر آمال حل الدولتين وتنامت عمليات القتل بحق الشعب الفلسطيني مما أدى إلى فورة شعبية فلسطينية تمثلت في تطور منهجية العمل الشعبي ضد الاحتلال ومؤسساته. ساهمت عملية القدس الاخيرة وعمليات الدهس المتكررة في " اسرائيل " في اعادة البوصلة مجدداً نحو فلسطين وتكريسها القضية الأساس في العالم . تنامى في الآونة الأخيرة الاهتمام العالمي بالصراع العربي الإسرائيلي إنطلاقا من اولوية حماية أمن " إسرائيل " وليس دفاعاً عن الشعب المظلوم. ضمن هذا الاطار، بدأت البرلمانات الاوروبية وبعض الحكومات بمسار الإعتراف الرمزي والفعلي (السويد) بدولة فلسطين. عبّر البرلمان الأوروبي الاسبوع الماضي عن "دعمه مبدئياً للإعتراف بدولة فلسطين والحل على اساس دولتين" لكن ذلك "يجب ان يترافق مع عملية السلام التي يجب احياؤها" بحسب القرار الذي اعتمد بغالبية 498 صوتا مقابل 88. لا يعتبر هذا النص الذي اعدته خمس كتل سياسية في البرلمان ملزماً للإتحاد الأوروبي ولا يتجاوز الحدود الرمزية تماماً كما هو قرار كل من البرلمان الفرنسي،البريطاني والبرتغالي. تفيد المصادر السياسية المتابعة للملف في ستراسبورغ ان مخطط الاحزاب الاشتراكية، الخضر واليسار الراديكالي كان نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية فعلاً، لكن الضغوط السياسية التي أجراها الحزب الشعبي الاوروبي ذو الأغلبية في البرلمان الاوروبي، رجّح الكفة لربط الإعتراف بإعادة اطلاق محادثات السلام. تزامن تصويت البرلمان الاوروبي بشطب المحكمة الاوروبية لحركة حماس من لائحة الارهاب وتوجه السلطة الفلسطينية الى مجلس الامن الدولي . في ظل هذه "العجقة " الدبلوماسية الأورربية، يثار التساؤل عن الأهداف الحقيقية التي يطمح لها الاتحاد الاوروبي ؟ بداية لا بد من القول انه لا جديد في قرار الاتحاد الاوروبي .حددت بروكسل منذ مدة طويلة رؤيتها لإنهاء الاحتلال في فلسطين على أساس الدولتين وحدود 1967. موخراً وجدت بروكسل نفسها في عالم متفيير تتراجع فيه قوة الولاياتالمتحدةالامريكية وتراجعت بالوقت عينه ثقة الأوروبيين بمؤسساتهم. تلزم هذه المرحلة الضبابية التي تمر بها العلاقات الدولية، الإتحاد الاوروبي اتباع سياسة خارجية تناسب على الأقل مع تطلعات شعوبه. يسعى الاتحاد الأوربي من خلال اندفاعته الاخيرة باتجاه فلسطين الى تحقيق التالي : 1. الانسجام مع رغبات الراي العام الاوروبي في ملفات السياسة الخارجية؛ 2.الضغط على " اسرائيل " للكف من عمليات الإستطيان؛ 3. تحقيق نوع من الدعم النفسي للفلسطيني؛ 4. الضغط على ابو مازن من خلال الترويج لدور حماس القادم في مسار الحل السياسي . في المحصلة، يتنامى التعاطف الغربي مع القضية الفلسطينية ومن الممكن ان يستفيد المفاوض الفلسطيني من هذا الامر ولكن تتعدد الصعوبات التي تعيق قيام دولة فلسطينية مستقلة في المدى المنظور. تواجه السلطة الفلسطينية أزمة حقيقية تتمثل في تدني مستوى الثقة الممنوحة من الشعب الفلسطيني، فشلها في تحقيق مطالب الشعب وإستمرارها في التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني. في الجهة المقابلة لا تحسد حماس على الإنقسام الذي تشهده خصوصاً بين الجناح العسكري والسياسي وذلك تباعاً لتدخلها في سوريا. أضف إلى ذلك ايدولوجية الاحتلال، الإنقسام الفلسطيني الداخلي، تراجع دور القوى الاقليمية، واستمرار الدعم الامريكي للاحتلال. إن غياب خطة عمل واضحة تتبناها القوى الوطنية الفلسطينية يعتبر من أهم عوائق إستراجع الارض. تبقى فلسطين الخاسر الأكبر من عمليات المد والجزر السياسية الدولية والإقليمية وتبقى جريحة تائهة أمام إنهيار السلطة وإنقسام حماس