تكبدت مصر 300 مليار جنيه خسائر اقتصادية جراء الألغام المزروعة خلال الحرب العلمية الثانية، وقُدرت تكلفة إزالتها في منطقة الساحل الشمالي الغربي بنحو 63 مليار دولار، كما قدرت إجمالي الخسائر البشرية من الألغام منذ عام 1982 في نطاق الصحراء الغربية ب696 قتيلا، و7617 مصابا، ومع ذلك رفضت الإدارة المصرية التوقيع على اتفاقية دولية لنزع تلك الألغام بادعاء «أمن قومى» ودون إيضاح أسباب حقيقية مقنعة للرأى العام المصرى. تقدر مساحة مصر الكلية بحوالي 1.002.000 كيلومتر مربع، منها 78990 كيلو متر مربع مساحة مأهولة للعيش بها بما يعادل 7.8%، إلا أن هناك 22% من مساحة مصر بما يعادل 220319 كيلو متر مربع، لا يستطيع أي مواطن مصري عبورها أو لمس ذرة تراب منها، حيث إنها مزروعة بألغام الاحتلال على يد ألمانياوبريطانيا وإيطاليا في الحرب العالمية الثانية. وعلى الرغم من وجود اتفاقية دولية تسمى "اوتاوا" تجبر تلك الدول على نزع ما زرعته من أجسام قابلة للانفجار على الأراضي المصرية وتحمل النفقات المادية، وحقنا في الحصول على كافة الخرائط لإتمام ذلك، إلا أن مصر فضلت استجداء المجتمع الدولي للحصول على المنح، ورفضت التوقيع عليها بقرار سيادي بادعاء «أمن قومي». وحسب الهيئة العامة للاستعلامات، فالأثار السلبية للألغام في مصر، تتمركز في إعاقة العديد من مشروعات التنمية السياحية بشواطئ البحر الأحمر وسيناء، واستحالة إنشاء مجتمعات عمرانية؛ نظرًا لارتفاع تكلفة المشاريع والثمن الباهظ لنزع الألغام منها، فضلا عن إعاقة التنقيب عن البترول بالصحراء الشمالية. أما الصحراء الغربية، فأدت الألغام إلى تعطيل زراعة مساحات شاسعة من الأراضى التى توافر المياه اللازمة لها فى مناطق «الحمام والعلمين»، إضافة إلى تعطيل مشروع منخفض القطارة كأحد المشروعات العملاقة لتوليد الطاقة؛ بسبب اعتراض الألغام لطريق القناة، بجانب صعوبة التنقيب عن البترول. قرار سيادي وراء عدم تحرير مصر من الألغام قالت مريم مكرم، مسئول الاتصال بالأمانة التنفيذية لإزالة الألغام بوزارة التعاون الدولي، إن العدد التقريبي للألغام في مصر حسب الإحصاءات الأمريكية 19.5 مليون لغم، مضيفة: «اكتشفنا لاحقًا أن تلك الأعداد غير دقيقة، فما يحدث من عمليات لنزع الألغام يظهر أن العدد أكثر من ذلك». وأوضحت "مكرم" أنهم يتعاملون حاليًا بمساحة الأراضي الملغمة وليس العدد، حيث إن آخر تقرير رسمي يشير إلى أن هناك 190 ألف فدان بالساحل الشمالي الغربي، لهم الأسبقية فى نزع الألغام منها، حسب تقارير وزارتي الإسكان والزراعة؛ لإقامة مشاريع هناك، متابعة: «بالفعل نجحنا في تطهير 83 ألفا و27 فدانا بمنطقة العلمين»، كاشفة أن المساحة الرسمية التي تشغلها الألغام بالكامل، 22% من مساحة مصر. وحول منطقة الساحل الشمالي التي أعلن رئيس مجلس الوزراء عن بدء تدشين مشروع قومي هناك لتنميتها، نفت مسئول الاتصال بالأمانة التنفيذية لإزالة الألغام، ما تردد عن إزالة الألغام بشكل كامل في تلك المنطقة، قائلة: «التطهير ما زال قائمًا». وفى سياق متصل، أوضحت ندوة أقيمت في أكتوبر الماضي بمناسبة الإعلان عن اتفاقية مشتركة بين الاتحاد الأوروبى وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائى والحكومة المصرية لدعم خطة تنمية الساحل الشمالى الغربى وإزالة الألغام، أن عدد الألغام التي تم إزالتها في تلك المنطقة، 23 مليون لغم، إلا أن هناك مساحة تقدر بمليون و157 ألف و166 فدانا لا زالت تحتاج للتطهير واكتشاف حجم الأجسام القابلة للانفجار بها. وحول خريطة الألغام، لم تجزم "مكرم" إذا ما كانت مصر بحوزتها خريطة، قائلة: «الخرائط لن تفيد في شىء، حيث شهدت معركة العلمين على مدار 6 سنوات بين القوات الألمانية والإيطالية بقيادة إرفين رومل، وبين القوات البريطانية بقيادة برنارد مونتجمرى، عمليات متعددة لزرع الألغام بداية من الساحل الشمالي وصولًا إلى البحر المتوسط، فالجميع لغم الأراضي بشكل ثلاثي ومن كافة الجوانب، بالإضافة إلى أن عوامل التعرية وحركة الرياح تجعل من الخرائط عديمة الفائدة». وحول مصابي الألغام، قالت مسئول الاتصال بالأمانة التنفيذية لإزالة الألغام، إن العدد الرسمي لهؤلاء يقدر ب 762 ناجٍ، يندرجون تحت بند المعاقين، وإن الدولة تلبي كافة احتياجاتهم من كراسي متحركة وأطراف صناعية، ومشاريع صغيرة للكسب منها. إلا أن وزارة الخارجية أشارت في تقرير لها أن إجمالي الخسائر البشرية من الألغام منذ عام 1982 في نطاق الصحراء الغربية بلغت 8313 فردا منهم 696 قتيلا و7617 مصابا، الأمر الذي يتعارض مع أرقام "التعاون الدولي". وعن اتفاقية "اوتاوا" التي تتيح لنا الحصول على خرائط الألغام من الدول الثلاث "بريطانيا وإيطاليا وألمانيا"، وتجبرهم على تحمل نفقات إزالتها، أوضحت "مكرم" أن قرار عدم التوقيع كان "سيادي" من الرئيس والقوات المسلحة وقتها، ويختص بالأمن القومي للبلاد، ولا يمكن الحديث حوله، مؤكدة أن مصر من حقها التوقيع في أي وقت على الاتفاقية. المدعي العسكري السابق: جهة سيادية وراء رفض «اوتاوا».. ونزع الألغام باهظ يقول اللواء سيد هاشم، المدعي العسكري السابق، إن عدم توقيع مصر على اتفاقية "اوتاوا" لحظر استخدام ونقل وتخزين وإنتاج الألغام المضادة للأفراد فى ديسمبر 1997، أدى إلى عدم تطهير الأراضي المصرية من الألغام حتى ذلك الوقت، موضحا أن تلك الاتفاقية كانت ستلزم المجتمع الدولي على مساعدة مصر فى نزع الألغام وإجبار الدول التى زرعتها خلال الحرب العالمية الثانية، على تعويض مصر وإزالة الألغام وتطهير الأرض. وعن سبب عدم توقيعنا على تلك الاتفاقية طالما تحمل لمصر الحل الذهبي لمشكلة الألغام، قال المدعي العسكري السابق، إنه لا يمكن التحدث عن هذا الأمر؛ نظرًا لأنه غير مصرح به سوى بجملة واحدة هي «الأمن القومي المصري لا يسمح بها». وأكد أن أي جهد مصري منفرد لنزع تلك الألغام دون أي مساعدات خارجية، صعب للغاية؛ نظرًا للتكلفة الباهظة للعملية، وتعنت الطرف الآخر في إمدادنا بخرائط وضع الألغام، على الرغم من أنها لن تفيد كثيرًا؛ نظرًا لتغيير المناخ هناك وتحرك الرمال اللي زرعت فيها الألغام، إلا أن وجه الاستفادة منها يكمن في قدرة حساب سرعة الرياح في تلك المنقطة ومسافة تحرك الألغام. وأوضح أن التكلفة المادية من اختصاص سلاح المهندسين بالقوات المسلحة، وأن الخسائر البشرية التي تقع بين كل الحين والآخر، أكبر من أي ملايين، بالإضافة إلى إهدار الموارد الواقعة في منطقة الساحل الشمالي، مضيفا أن مصر لن تحصل على تلك الخرائط، إلا عن طريق تحريك الرأي العام في تلك الدول، ومخاطبة منظمات حقوق الإنسان، وهنا يأتي دور الصحافة والإعلام المصري. مستشار سابق برئاسة الجمهورية: خرائط الألغام معى.. و«محلب» لم يطلبها ومن جانب آخر، كشفت هايدي فاروق، مستشار سابق لشئون الوثائق وقضايا الحدود برئاسة الجمهورية، أنها تمتلك 9 خرائط لتوزيع الألغام في مصر، وأن الأمر ليس بجديد لكنه معلن في وسائل الإعلام، مضيفة أنها اجتمعت مع المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، ولم يتطرق بأي شكل من الأشكال إلى الموضوع، ولم يطلب منها أي خرائط. وعن تصريحات السفير فتحي الشاذلي، أمين عام الأمانة التنفيذية لنزع الألغام، التي تهون من قيمة تلك الخرائط، قالت: «إن ذلك الكلام عبث، فبالخرائط يمكننا تحديد سرعة الرياح وأوزان الألغام، ومن تقدير المسافة التي انتقلت وتحركت فيها عبر الرمال». وأوضحت أن تلك الخرائط، تحدد مسئولية الدول التي زرعت الألغام في مصر، مثل الفرق الهندية التي كانت تنفذ زرع الألغام تحت إشراف بريطانيا، ومن ثم نستطيع مطالبتهم رسميًا بالتعويضات اللازمة، لافتة إلى أن جهات في الدولة حاولت مرة وحده منذ سنوات طلب الخرائط التي تمتلكها لأماكن الألغام؛ من أجل استخدامها ضد رجل الأعمال الشهير شفيق جبر، عضو لجنة السياسات بالحزب الوطنى الديمقراطى، لإجباره على ترك مشروع لاستصلاح مساحة كبيرة من الأراضي.