لأن السياحة بمصر من أهم المصادر للدخل القومي، ولأن الصعيد هو كنز أثري لا ينفد، ومقصد للسياح من شتى بقاع الأرض، وفي المقابل يتجاهل المسئولون السياحة في الصعيد – من ضمن تجاهلهم وتهميشهم له – رغم أن الدولة تردد ليل نهار أنها تسعى لتنشيط السياحة، حيث إنها (داخليًّا وخارجيًّا) أهم موارد الدخل، كما أنها تعبر عن وجه الحضارة المصرية، وقد تأثرت بعد الثورة المصرية بسبب الاضطرابات الأمنية، وحالة عدم الاستقرار بالبلاد ما أدى إلى تراجعها إلى جانب الإهمال في ترميمها، وتحاول الدولة بعد 30 يونيه استعادة دور السياحة، لكنها لا تتعدى حدود التصريحات.. "البديل" تابع هذه الأزمة في محافظات الصعيد.. 52 متحفًا تحولت إلى مقالب زبالة بسبب الإهمال كتب : محمد صفاء الدين "تنشيط السياحة يحتاج إلى استقرار أمني وسياسي يسبق الترميمات والإصلاحات" هكذا يرى نور الدين عبد الصمد، مدير عام التوثيق الأثري، مؤكدًا ل«البديل» استعداد وزارة الآثار لترميم آثار بالمحافظات في الفترة المقبلة، رافضًا في الوقت نفسه إسناد الترميم إلى شركات المقاولات التي نهبت أموال الوزارة سابقًا وليس لها علاقة بالترميم الآثري، مع ضرورة وضع مهندسي الوزارة خطة للترميم الصحيح. وأضاف «عبد الصمد» أن العديد من المشاريع المتوقفة بالتأكيد تدفع عملية تنشيط السياحة أمامًا، مثل مشروع ترميم معبد مدينة ماضي، الذي يبعد عن مدينة الفيوم 30 كيلو مترًا تقريبًا، ويجري العمل على ترميمه منذ 6 سنوات، ومتحف كوم أوشين، أحد المعالم السياحة الجديدة التي لابد من إكمال ترميمها بعد أن توقفت، رغم وقوعه بمدخل الفيوم. وأشار أحمد شهاب، نائب رئيس جمعية رعاية حقوق الأثريين، إلى أن غياب التخطيط وانعدام الرؤية، سبب في ركود السياحة؛ لأن استغلال هذه المتاحف ال52 ما بين رئيسي وإقليمي وفتحها للزائرين، بمثابة رسالة للعالم بأن هناك استقرارًا داخليًّا بمصر "ولكن لا تزال التصريحات البعيدة عن الواقع هي التي تتصدر المشهد". وأكد شهاب أن أغلب تلك المتاحف مغلق منذ عشرات السنوات بسبب الإهمال ليس إلَّا، ما افقدها غرض إنشائها، وهو تنشيط السياحة الداخلية والخارجية ورفع الوعي الأثري لدى عموم المصريين. الفيوم.. عشوائية العمران تأكل وجه الحضارة كتب: حمادة جمال قطب تمثل أهرامات هواره واللاهون، سيلا، 8 مقابر صخرية وبقايا هرم الملكة "سات حتحور أيونت"، المحميات الطبيعية، مدينة ماضي الأثرية بالونايسة، ودمية السباع ومتحف كرانيس، وغيرها من الآثار، أوجه محافظة الفيوم، التي تزخر بوجوه عدة للتراث المصري من العصر الفرعوني إلى العصر الإسلامي. التقت «البديل» بأهالي المحافظة، وبمفتشي الآثار هناك.. عكست ردود أفعال الشارع الفيومي، وعيًا بما تمثله الآثار من قيمة حضارية للماضي، وأيضًا وعيًا بما تمثله للمستقبل. هرم المنيا.. إهمال حكومي وتجاهل شعبي كتب: أحمد الدليل "هي المنيا فيها هرم" سؤال يطرحه معظم أهالي المحافظة فور سماعهم عن وجود هرم بها، وليس ذلك لوجوده بمنطقة صحراوية يحيطها الجبل الشرقي "زاوية سلطان"، لكن لأمور كثيرة، تبدأ بالإهمال ولا تنتهي بعدم وضع المنيا على خريطة السياحة، رغم أنها ثالث أكبر محافظة تضم مكنونًا أثريًّا لمختلف العصور. سور متوسط الارتفاع وبوابة حديدية بداخلها هرم مرضعة خوفو، الذي بناه الملك حوني تكريمًا لمرضعة "خوفو" في عهد الأسرة الثالثة، ولكن لم يتبق منه سوي القاعدة.وحسب الدكتور علي صبره، أستاذ بجامعة المنيا ومفتش بمنطقة آثار مصر الوسطى، كان يحتوي على 4 درجات وأحجاره مائلة إلى الداخل بارتفاع 17 مترًا، تصل في النهاية إلى المصطبة الأخيرة الأصغر حجمًا. يقع الهرم في منطقة "زاوية الأموات" 7 كم جنوب مدينة المنيا، وكانت تعرف ب"حبنو" في العصر الفرعوني، ومثلت عاصمة الإقليم 16، ومعبوده الرئيس هو الإله حورس. بني سويف.. توقف ترميم "ميدوم" كتب: محمد الحسيني حملة أسبوع ميدوم السياحية.. دعوة من جامعة بني سويف لمارثون رياضي لجميع الجامعات، تحت سفح هرم ميدوم، مقترحات مبتكرة ومطالبات يطرحها أهالي بني سويف ويننتظرون تنفيذ إحداها، لتنمية المحافظة، اعتمادًا على ما تزخر به من آثار، إلى جانب المطالبة بتحسين الوضع الأمني، والخدمات الفندقية، والاهتمام بشبكة الطرق داخل المحافظة، وترويج وزارة السياحة لآثار المحافظة في الخارج. «بني سويف» المحافظة الفقيرة ماليًّا والغنية تراثيًّا، مثل هرم ميدوم الواقع بالمنطقة الغربية للمحافظة، وأدرج ضمن برنامج زيارة أهرامات الجيزة الثلاث، تخلو من أية مشاريع سياحية متكاملة، في حين يؤمن أبناؤها أنه "إذا استثمرنا كل قطعة حجر تراثية لدينا، فسوف تدر دخلًا جيدًا ويحرك الواقع التجاري السويفي". تطلعات الأهالي وحلولهم المبتكرة لتحسين واقعهم، يقابلها أداء باهت من قِبَل المسئولين وتصريحاتهم التي لم تختلف عن تصريحات سابقيهم منذ عشرات السنوات، مثل تصريحات وزير السياحة ممدوح الدماطي: "نتابع عملية ترميم هرم ميدوم والمعبد الجنائزي الموجود بجوار الهرم والمصاطب الفرعونية الموجودة بالمنطقة حول الهرم والتي توقفت منذ 2010، رفع كفاءة المنطقة وتوفير أماكن للمفتشين الأثريين والمرممين وإنشاء وحدة خدمات للزائرين وضع المنطقة على الخريطة السياحية، وغيرها من التصريحات التي تحبط آمال المواطنين.