في الوقت الذي تتسابق فيه إيران والقوى الكبرى مع الزمن من أجل التوصل إلى اتفاق حول الملف النووي، يقفز إلي طاولة المفاوضات اقتراح بتمديد المفاوضات لمدة سبعة أشهر جديدة، تمديد ينظر إليه بعض المراقبون على أنه قد يكون بالغ الخطورة سياسياً، فيما ينظر إليه آخرين على أنه قد يتيح بعض الوقت لتذليل العقبات التي تواجه المفاوضين. التهدئة متبادلة، والتأكيد على النوايا الإيجابية لدى الفريقين موجودة من المفاوضين، وفرض العقوبات الجديدة على طهران قيد التفاوض في الكونجرس الأمريكي، والتصريحات متضاربة، هذا هو الحال بعد انتهاء مدة المفاوضات التي كانت مقررة في 24 من الشهر الجاري، وبعدما اتفق المفاوضون الإيرانيون وممثلو الدول الكبرى، على التمديد التفاوضي لسبعة أشهر من الآن يتمكنون خلالها تذليل العقبات التي ما زالت راسخة. انطلقت تصريحات متضاربة حول فشل المفاوضات أو نجاحها، إلا أن معظمها كان يميل إلى التفاؤل بإنجاز الاتفاق في اقرب وقت، حيث وصف مساعد وزير الخارجية للشئون القانونية والدولية، كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين "عباس عراقجي"، المفاوضات النووية في فيينا ب"الجيدة"، وقال "إذا كانت هناك إرادة سياسية لازمة فإنه يمكن التوصل إلي اتفاق سياسي أو اتفاق عام خلال أيام"، وأضاف أن المفاوضات كانت جيدة بشكل عام والتقدم لم يكن سيئاً وقد بعث هذا الشعور بالأمل إنه إذا استمرت المفاوضات فيمكن التوصل إلي صيغة شاملة، فلهذا قرر الجميع تمديد المفاوضات"، من ناحيته أعرب عضو الفريق النووي الإيراني المفاوض "مجيد تخت روانجي" عن تفاؤله بالتوصل إلي اتفاق خلال فترة قصيرة جداً، وقال "حدث تقارب في وجهات النظر حول العديد من المواضيع، وعدم التوصل إلي الاتفاق كان بسبب ضيق الوقت، لو كان هناك متسع من الوقت لأتممنا عملنا في هذه الجولة من المفاوضات". دافع وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" بقوة عن قرار إيران والدول الكبرى تمديد المفاوضات، ورحب كيري بالتقدم الحقيقي والمهم، الذي تم إحرازه بعد أسبوع من المداولات في العاصمة النمساوية، وحض المجتمع الدولي والكونجرس الأمريكي على دعم تمديد المفاوضات. على الجانب الآخر، تمنى رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" فشل المفاوضات، وقال هذه النتيجة أفضل بكثير، فالاتفاق الذي كانت إيران تدفع باتجاهه كان رهيبًا، وكان سيترك لإيران القدرة على تخصيب اليورانيوم لصنع قنبلة ذرية مع رفع العقوبات"، ومن ناحيته قال وزير الخارجية البريطاني "فيليب هاموند"، إنه "من غير الممكن التوصل إلى اتفاق ضمن المهلة"، وأوضح أن المفاوضات ستتواصل بموجب بنود الاتفاق الأولي الذي أبرم في جنيف في نوفمبر 2013. رغم اللهجة التفاؤلية التي طغت على معظم التصريحات التي تلت خاتمة المهلة المحددة والتي كان من المفترض أن تكون نهائية، إلا أن هذه النتيجة تشكل فشلاً جزئياً قياساً إلى الهدف الطموح للتوصل إلى اتفاق شامل مع انتهاء الموعد، ما قد يثير موجة انتقادات لدى المتشددين في واشنطنوطهران، المعارضين للرئيس الأمريكي "باراك أوباما"، ونظيره الإيراني "حسن روحاني"، وفي أول رد مباشر من الكونجرس الأمريكي على تمديد المحادثات، دعا بعض البرلمانيين إلى التصويت على عقوبات جديدة ضد طهران، وقال السناتور الجمهوري "مارك كيرك"، إنه "يجب فرض حظر من الأساس على إيران لا تعطيها خيارات أخرى غير إنهاء برنامجها النووي"، واتهم أعضاء آخرين الكونجرس بإعطاء مزيد من الوقت لإيران لامتلاك قنبلة نووية. الإدارة الأمريكية لا تحتمل فشل المفاوضات والعودة إلى أجواء التصعيد المتبادل على شفير الحرب، ولا تحتمل أيضًا إبرام اتفاق مصالحة نهائية يزيد من ضغوط الكونجرس الجمهوري وإسرائيل، فلم يبق للرئيس الأمريكي غير تجديد المدة الزمنية لاتفاق جنيف السابق، الذي خفض العقوبات عن إيران، مقابل خفض نسبة التخصيب. أما إيران فقد حظيت بتعويض 700 مليون دولار شهرياً من أموالها المجمدة، لضمان عدم اتخاذ خطوات تصعيدية في نشاطاتها النووية، غير أنها لم تقدم أي تنازلات للدول الغربية، بل أنها كسبت استعداد روسيا والصين لتجاوز العقوبات الدولية التي صادق عليها البلدان سابقاً، وبذلك تبقى إيران حريصة على استمرار المفاوضات من أجل رفع العقوبات واستعادة أموالها المحتجزة في الدول الغربية، لتخرج من المفاوضات بمكسب يجعل أمريكا تخسر الكثير.