في الوقت الذي نعلن للعالم أجمع أن هناك أزمة مائية مرتقبة في حالة استكمال بناء سد النهضة، وأن حصتنا التاريخية من المياه مهددة، وأن قدرة السد العالي على إنتاج الكهرباء ستنخفض، وهناك الآلالف من أجود الأراضي مهددة بالبوار، نجد أن وزير الموارد المائية والري الدكتور حسام مغازي يخرج علينا ليعلن عن تخصيص 500 مليون جنيه خلال العام المالى الحالى، ليتم إنشاء قناطر جديدة لمفيض توشكى فور انتهاء التصميمات الخاصة بها، مما يسمح بزيادة قدرة المفيض على التخزين واستقبال أى كميات إضافية من المياه فى حالات ورود فيضانات عالية. وقال الدكتور هيثم ممدوح رئيس قسم هندسة الري والهيدروليكا بهندسة الإسكندرية إن مفيض توشكى صمام أمان لجسم السد العالي في حالة ارتفاع منسوب المياه بالبحيرة، مشيرًا إلى أن التفكير في إنشاء قناطر على هذا المفيض ما هو إلا لهو وإهدار للمال، فكيف يتم إنفاق 500 مليون جنيه على هذا المشروع تحسبًا لاستقبال أى كميات إضافية من المياه في وقت الفيضانات العالية في ظل تعالي الأصوات بأن من آثار سد النهضة الإثيوبي السلبية انخفاض حصة مصر من المياه، إلا إذا أقرت مصر بانتهاء إثيوبيا من بناء السد وانهياره، وبالتالي فهي تستعد لتقليل المخاطر الناجمة عن انهياره، أو أن التوقعات المستقبلية غير المعلنة رسميًّا (حتى الآن) أن المياه سوف تزيد بعد بناء السد؛ ولذلك احتمال تصريف المياه سيزيد، والمفيض الحالى لن يصبح قادرًا على التعامل مع هذه الحالات. وأوضح ممدوح أنه بعد أن قامت دولتا إثيوبيا والسودان ببناء سدي مروى وتكيزي لم يعد هناك ضرورة لإنشاء هذه القناطر، لأن السدين يحتجزان سنويًّا 24 مليار متر مكعب، لافتًا إلى أنه تم دخول المياه لأول مرة لمنخفض توشكى عبر المفيض عام 1996، وتلا ذلك دخولها في الأعوام من 1999 إلى 2002، وقدرت كمية المياه خلال هذه الفترة ب 40 مليار متر مكعب، ولم تستغل هذه المياه، وضاعت هباء، ولم تصرف أي نقطة مياه في المفيض منذ ذلك لتاريخ وحتى الوقت الحالي. فيما أوضح الدكتور علاء ياسين مستشار وزير الري للسدود ونهر النيل أن قناطر مفيض توشكى المزمع إنشاؤها محل الدراسة فقط، وأنه تم تكليف قطاع التوسع الأفقى بالتعاون مع مركز بحوث المياه بها بإعداد دراسات للعمل فى حالات الطوارئ. وأشار ياسين إلى أنه في حالة إنشاء القناطر على أرض الواقع سيكون هذا إجراء احترازيًّا في حالة حدوث مشاكل بجسم سد النهضة تؤدي إلى انهياره، وفي هذه الحالة سيكون هناك تدفق هائل من المياه لن يتحمله جسم السد العالي؛ مما يترتب عليه غرق قرى الصعيد وجزء من الوادي، مشيرًا إلى أن ذلك سيتوقف على منسوب المياه ببحيرة السد العالي. وأكد مستشار وزير الري أنه لا يمكن الاستفادة من المياه بمفيض توشكى؛ لأن معدلات دخولها محدودة وغير منتظمة، وبالتالي لا يمكن إقامة استثمارات في قطاع استصلاح الأراضي، خاصة أن محطات الرفع المستخدمة ستكون عائمة لانخفاض منسوب المياه بالبخر، وهي باهظة التكاليف بالإضافة إلى عدم ضمان استمرارية وصول المياه إلى المفيض، لافتًا إلى أن هناك جزءًا من هذه المياه يتم الاستفادة به عن طريق غير مباشر بتسربه إلى طبقات الأرض السفلى؛ ليغذي الخزان الجوفي للمياه.