شهدت بوركينا فاسو فى الأيام الماضية العديد من التغيرات السياسية أبرزها إزاحة الرئيس البوركيني «بليز كمباوري» عن الحكم بعدما استمر 27 عامًا ساعيًا إلى تعزيز سيطرته على مفاصل الدولة للبقاء على رأس السلطة. تحركت الانتفاضة البوركينية بعد أيام قليلة من اقتراح «كومباري» بعض التعديلات الدستورية التي من شأنها أن تعزز فرصته للبقاء في الحكم لولاية أخرى، وهو ما رفضته المعارضة وأنصارها، الأمر الذي تسبب في تصاعد حدة الاحتجاجات هناك وتم حرق مقرات البرلمان، بجانب دعوات الاحتشاد والعصيان المدني. منذ تلك اللحظه ظهر الجيش البوركيني في الصورة وحل الحكومة والبرلمان وفرض حالة الطوارئ في البلاد، إلى جانب تشكيل سلطة انتقالية، بالتوافق مع جميع القوى المتطلعة إلى إعادة النظام الدستوري في البلاد، حيث هي التي ستتولى جميع الصلاحيات التشريعية والتنفيذية لمدة عام. يوم أمس حدثت تقلبات أخري فى هذا المشهد المعقد تشير إلى أن هذا البلد الإفريقي سيشهد العديد من المنازعات المسلحة من شأنها أن تؤثر على استقرار البلاد، هذا الصراع بدا واضحًا عندما أعلن كبار قادة الجيش في بوركينا فاسو تأييدهم لتولي الرجل الثاني في الجيش اسحق زيدا رئاسة حكومة انتقالية بدلا عن قائد الجيش الذي أعلن توليه الرئاسة بعد تنحي الرئيس بليز كومباوري. وفي هذا السياق، يقول دكتور أيمن شبانة أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، إن تخلي رئيس بوركينا فاسو «بلاز كمباوري» عن السلطة جاء بعد 27 عاما من الحكم دون أن يحرز أي تقدم ملموس في البلاد على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي أوالحريات السياسية ، مشيرًا إلى أن الرئيس البوركيني جاء بانقلاب عسكري عام 1987 ووضع أعوانه لتعزيز سيطرته على مفاصل الدولة وتحالف على المستوى الخارجي مع فرنسا وبعض دول الجوار خاصة ليبيا قبل سقوط القذافي. وأضاف شبانه في تصريحات ل«البديل» أن ثورات الربيع العربي كان لها عامل في تحريك انتفاضة «بوركينا فاسو»، بعدما أخمدت في هذا البلد انتفاضة جماهيرية عام 2011 على يد الجيش بوقوفه في ذلك الوقت بجانب « كمباوري» مضيفًا أن المعارضة البوركينية فوجئت باقتراح التعديلات الدستورية التي كاد يجريها الرئيس البوركيني بما يسمح له بالحكم بولاية جديدة لفترة خمس سنوات علمًا بأن هذا الرئيس قام بتغير تعديلات في الدساتير السابقة والتي عززت استمراره في الحكم ل 4 ولايات. وأكد شبانه أن الجديد في هذه المرحلة عما سبق هو حشد المتظاهرين وغضبهم بالاضافة إلى حرق مقر البرلمان ودعوتهم إلى عصيان مدني في البلاد مما أعطى للجيش البوركيني فرصه بطلب الاستقالة من «كمباوري»، لاحتواء مطالب المعارضه معلنًا عن فتره انتقالية مدتها 12 شهرًا، مؤكدا أن تعامل قوات الأمن البوركينية مع الأحداث تحلى بضبط النفس. وأوضح شبانه أن «الرئيس البوركيني» تعامل بذكاء مع الموقف وأن تخليه عن السلطة جاء بعد محاولات عديدة للبقاء على رأس السلطة وتمثلت في تراجعه عن التعديلات الدستورية وتعهد بانتهاء حكمة في عام 2015 ولكن انتهت كل المحاولات بالفشل، مؤكدًا أن المستقبل القادم في بوركينا فاسو سيأخذ طابع الصراع السياسي بين المعارضة البوركينية والجيش لرفض المعارضة الحكم العسكري مضيفًا أنه لن يكون بأيدي المعارضة أن تفرض رائيها لعدم وجود قوة لها على الأرض ولكن ستظل على الساحة السياسية ولن تترك للجيش الحكم منفردًا لتقديم نفسها بديل في أي وقت. وحول أسباب تخلي الرئيس البوركيني عن الحكم بهذه السرعة، قال شبانه إن «كمباروي» استقبل أكثر من رسالة ترغمه على التنحي أولها هي طلب فرنسا الحليف الاستراتيجي في الخارج بتقديم استقالته وهو نفس الطلب الذي قدمته من قبل مقابل تعينه فى منصب أممي، والرسالة الأخرى هي سقوط نظام القذافي في ليبيا منذ 3 أعوام والرسالة الأهم هو مطالبة الجيش له بترك الحكم بالاضافة إلى تزايد الاحتجاجات الشعبية في الشارع ضد حكمة. وتابع شبانه أن هذه التغيرات السياسية في المشهد البوركيني قد تؤثر على تراجع اقتصاد الدولة الضعيف الذي يعتمد 33% من عائده على الزراعة.