ننشر أسعار الدولار والعملات الأجنبية اليوم الثلاثاء 3 - 6 - 2025    وزير الخارجية الإيرانى مغردا: الدبلوماسية بين إيران ومصر دخلت مرحلة جديدة    وزير الكهرباء يتابع تصنيع مهمات وتوربينات مفاعلات محطة الضبعة النووية بفرنسا    «الملوخية ب20».. أسعار الخضار فى أسواق الإسكندرية اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025    أسعار طبق البيض اليوم الثلاثاء 3-6-2025 في قنا    تفاصيل تعديلات قانون المحميات الطبيعية.. إحالتها إلى رئيس الجمهورية.. عدد المحميات الطبيعية فى مصر.. أهداف دراسة الأثر التشريعي    رئيس جامعة القاهرة: تقديم خدمات الكشف الطبي على أبطال مصر في ألعاب القوى    سفيان رحيمي نجم الشباك في العين الإماراتي قبل مونديال الأندية    عضو الاتحاد السكندري: محمد مصيلحي لا غبار عليه.. ويتعرض للهجوم لهذا السبب    تداول امتحان العلوم لطلاب الشهادة الإعدادية بالقاهرة والتعليم ترد    قبل بدء عرضه، تعرف على أبطال مسلسل فات الميعاد    لموسم حج صحي، 8 نصائح مهمة من القومي للبحوث لمقاومة نقص المياه والأملاح بالجسم    محافظ أسيوط يتفقد المركز الصحي الحضري لمتابعة مستوى الخدمات الطبية المقدمة    إضافة أسرّة رعاية مركزة وحضّانات وأجهزة غسيل كلوي بمستشفى الكرنك بالأقصر    محافظ القاهرة: رفعت درجة الاستعداد بجميع المستشفيات استعدادا للعيد    حبس المتهمين بخطف شخص بسبب خلافات مالية بالمقطم    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم الثلاثاء 3 يونيو    منها «سيد الظلام» ما هي أكثر الأبراج شرًا.. اكتشف الجانب المظلم لكل برج    إيذاء للناس ومخالفة لأخلاق الإسلام.. دار الإفتاء توضح حكم ذبح الأضاحي في الشوارع    ترامب يقوض عرضا أمريكيا لإيران ويُعلن: لن نسمح بأي تخصيب لليورانيوم    كوريا الجنوبية تبدأ التصويت لاختيار رئيس جديد    «هُدنة 48 ساعة فقط».. بيان مهم بشأن حالة الطقس ودرجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    جامعة بنها تعلن عن وظيفة قيادية شاغرة (الشروط وطريقة التقديم)    ماذا قدم الزمالك وبيراميدز مع بسيوني قبل نهائي الكأس؟    غارات مميتة على غزة .. وحدث مهم في سوريا (فيديو)    سعر الدولار الثلاثاء 3 يونيو 2025 في البنوك    البيت الأبيض: اتصال محتمل بين ترامب وشي الأسبوع الجاري    قرار مفاجئ من ياسين السقا بعد خبر زواج والدته مها الصغير من طارق صبري    تشكيل الزمالك المتوقع أمام بيراميدز في نهائي كأس مصر.. وموقف زيزو    الحج 2025.. هل يجوز للمحرم إزالة شيء من شعره أو أظفاره أثناء إحرامه    «كل حاجة هتبان».. هاني سعيد يرد على رحيل إدارة بيراميدز والدمج مع مانشستر سيتي    لماذا فشل مقترح عقد امتحانات الثانوية العامة ب الجامعات؟.. التعليم تجيب    محافظ سوهاج يتفقد شارع «أسيوط- سوهاج» بعد الانتهاء من أعمال التطوير والتجميل    أوربان: بروكسل قررت أن على أوكرانيا مواصلة النزاع    موعد مباراة الترجي وفلامنجو في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    مديرية الطب البيطري بالوادي الجديد تطرح لحومًا بلدية ب280 جنيها للكيلو    منح شهادات امتحانات النقل مجانًا لطلاب الوادي الجديد    رئيس قسم الزلازل ب"القومي للبحوث الفلكية": قوة الهزة 5.8 وضرب عدة دول منها مصر    زلزال بقوة 6.2 ريختر يضرب الحدود التركية.. والمصريون يشعرون به للمرة الثالثة في شهر    مروان عطية: لم نعرف بقرار الإدارة قبل مباراة الزمالك بساعة ونصف.. وألعب مصابا    أحفاد نوال الدجوي يبدأون مفاوضات الصلح وتسوية خلافات الميراث والدعاوى القضائية    وسط تحذيرات صهيونية من دخولها . اعتقالات تطال مهجّري شمال سيناء المقيمين بالإسماعيلية بعد توقيف 4 من العريش    محامي نوال الدجوي يكشف وصية سرية من نجلتها الراحلة منى    رحمة محسن: اشتغلت على عربية شاي وقهوة وأنا وأحمد العوضي وشنا حلو على بعض    "أوقاف سوهاج" تطلق حملة توعوية لتقويم السلوكيات السلبية المصاحبة للأعياد    مستقبل وطن بالأقصر يُنظم معرض «أنتِ عظيمة» لدعم الحرف اليدوية والصناعة المحلية    سقوط «نملة» بحوزته سلاح آلي وكمية من المخدرات بأسوان    بمشاركة 500 صيدلي.. محافظ قنا يشهد افتتاح مؤتمر صيادلة جنوب الصعيد الأول    1400 طالب يوميًا يستفيدون من دروس التقوية في مساجد الوادي الجديد    عاشور يهنئ فلوريان أشرف لفوزها بجائزة أفضل دكتوراه في الصيدلة من جامعات باريس    بسبب لحن أغنية.. بلاغ من ملحن شهير ضد حسين الجسمي    قرار من رئيس جامعة القاهرة بشأن الحالة الإنشائية للأبنية التعليمية    طريقة عمل شاورما اللحم، أكلة لذيذة وسريعة التحضير    أسطورة ميلان: صلاح خارق وبطل هذا العام    الكشف عن تمثال أسمهان بدار الأوبرا بحضور سلاف فواخرجي    تزوج فنانة شهيرة ويخشى الإنجاب.. 18 معلومة عن طارق صبري بعد ارتباط اسمه ب مها الصغير    حين يتعطر البيت.. شاهد تطيب الكعبة في مشاهد روحانية    سعد الهلالي: كل الأضحية حق للمضحي.. ولا يوجد مذهب ينص على توزيعها 3 أثلاث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الجزيرة 2″.. مشهد ما بعد العاصفة
نشر في البديل يوم 26 - 10 - 2014

الفيلم ينتقد أداء الشرطة لكن لا يهاجمها.. ويرمز إلى التيار الديني و30 يونيو
طالما اقترنت كلمة "جزيرة "بالهدوء والانعزال .. إلا أن جزيرة ما قد تضم قصة الحياة بصراعاتها وصراعات من عليها فتكون كبؤرة مركزة لقصة الحياة، أو لبلد كبير تضرب جذوره في الزمن.
يأتي فيلم "الجزيرة 2″ للمخرج شريف عرفة كجزء ثان لجزئه الأول الشهير "الجزيرة" ، يستكمل أحداثه في ضوء زمن جديد له طبيعته وأحداثه، فمنصور الحنفي بطل الفيلم الذي يؤدي دوره الفنان أحمد السقا والذي تتماس قصته مع شخصية حقيقية في الصعيد هي "عزت الحنفي"، قد حكم عليه بالإعدام فيرتدي البدلة الحمراء كنقطة بداية للأحداث التي تبدأ في اليوم السابق 25 يناير 2011 .
فالفيلم يرصد الأحداث وتقلبات الشخصيات وتقلبات الثوابت وانعكاسات الظروف على الجميع في ضوء هذا الحدث وفي ضوء قصة "منصور الحفني" تاجر المخدرات المحكوم عليه بالإعدام فآلت الجزيرة للنجايحة، وقد بدأ الفيلم بداية موفقة حيث بدأت الصورة بظلام به بعض الأضواء ونقطة نور براقة مع أصوات متداخلة لشخصيات مختلفة جاءت مذكرة ببعض أحداث الجزء الأول من "الجزيرة" مثل صوت والد منصور "من وأنت صغير وأنا بجهزك تبقى الكبير"، حتى يصحو منصور على إثر ذلك الحلم مفزوعا في زنزانته.
كما يمهد الفيلم لأحداثه القادمة وللثورة من خلال شخصية "رشدي بيه" لواء الشرطة الذي لم ير في اليوم التالي سوى احتفالا بعيد الشرطة، ليأتي الزلزال الذي يقلب كل الموازين ويغربل الأشياء أو يربكها أو يحلها فتقوم الثورة ويختلط الحابل بالنابل ويقوم رجال منصور الحفني بمهاجة السجن بالبلدوزرات.. هذا السجن الذي ضم أيضا عدوة "ناجح" من النجايحة، والذي يريد الثأر من منصور لقتل إخوته، ليشتبكا رغم سخونة الأحداث حولهما ويقتل ناجح لكن على يد رجل من "الرحالة" وهي حادثة تقدم لهؤلاء الذي يسارع كبيرهم تاجر السلاح "الشيخ جعفر" ( خالد صالح ) بالوشاية بأن منصور قاتله لإذكاء الوقيعة بين الطرفين وتأجيج الثأر.
فهو لا يفعل شيئا دون تخطيط بعيد يستفيد منه باستخدام كل الأطراف وكل السبل وليّ المنطق كما يشاء هواه أو مصلحته التي لابد أن تكون مصلحة جماعته، وهو هنا يرمز بوضوح لتجار الدين والمتطرفين، وأراه يرمز بالأساس إلى "حسن الصباح" زعيم الحشاشين وبالتالي من على شاكلته حديثا كجماعة الإخوان المسلمين حيث يردد مقولات "حسن البنا" ويعتمد مبدأ الطاعة المطلقة لحد قتل النفس، فيصلي على المقتول ويعده شهيدا، وقد كتب دوره بإتقان مقنع وثراء فنجح في إدهاشنا كل مرة من دهائه وخسته.
بعد هروب منصور يسعى لإرجاع حكم عائلته من جديد واستعادة الجزيرة وإقامة بيت العائلة بعد انهياره.. ولا تملك إلا أن تحترم هدفه وإن اختلفت معه، وإصراره الذي يحركه التزام أخلاقي برغم ما يمكن أن يقال عن تهمته وماضيه، وبرغم تشعب الأحداث وغزارتها وثراء الشخصيات فإن الأحداث يمكن أن تنحصر في مثلث يجمع جعفر الساعي للسلطة، ومنصور الساعي لإعادة مجد والده وجده وجزيرته، ورشدي الذي حبس في أحداث الثورة ثم قتلت زوجته وطفليه على يد الرحالة فأصر على الثأر منهم.
يشتبك المثلث ليتوحد ضلعاه في القضاء على الضلع الثالث الذي اكتشف الجميع أنه الخطر الأكبر وهو جعفر، ربما كل من منصور ورشدي هناك ما يدينهما، بتجارة المخدرات والقتل لدى منصور، وأسلوب رشدي قبل الثورة، لكن كلاهما يفعل ما يؤمن به ولا يقارنان بعدو أكبر سعى لشراء الأرض من الجميع ليسيطر عليها وحده وأيضا خداع "الكبيرة" أو "كريمة وهي هند صبري التي تفهمه أخيرا فتأتي على لسانها لجعفر جملة هامة" أنت عايز تقلع أهل البلد جلاليبهم الصعيدي وتلبسهم جلاليب الرحالة"، فيتكاتف الجميع ضده في إشارة واضحة لثورة 30 يونيو.
الفيلم ينتقد أداء الشرطة لكن لا يهاجمها وهي رؤية ناضجة بعكس من يختزل الفكرة في مهاجمة الثورة، فقد بين الفيلم بشكل واقعي استغلالها من الجميع وسلبيات وقتها فعرض ثورات مصطنعة لمنصور ورجاله مثلا منادين بشعارات الثورة وهاتفين بالسلمية بينما يحملون السلاح، وهي رؤية واقعية صارت تاريخية، ومما يسترعي الانتباه في الفيلم "الشعب" فمصلحته الضيقة بدت دائما المتحكمة في آرائه وتوجهاته واختياراته، وهو حق له لكن الحديث عن الأولويات والمبادىء لا ينبغي أن يصبح أسطورة، فقد جعلوا منصور كبيرهم لمجرد شرائه محصولهم ثم باعوه حينما وشى به جعفر ووعدهم بتوفير قوتهم، وباعوا أرضهم له أيضا لاحتياجهم.
لكنهم على المدى الأبعد يكتشفون أن هذه النظرة الضيقة كانت ستضيعهم للأبد وتضيع الجزيرة، ومما يستدعي التوقف أيضا هذه الخلطة البشرية المعقدة التي أظهرتها الكتابة لمعظم الشخصيات وجمع التناقضات في نفوسهم لمعايير أخرى وتقلباتهم مع الظروف، فمنصور يحب كريمة لكنه قد يضحي بها إن اقتضت المصلحة العامة للجزيرة، ويتزوج غيرها مرارا رغم حبه العميق لها، وكريمة "هند صبري" تعشقه لكنها تعاديه وتؤلب الناس عليه لكرامة عائلتها، وصفية ( أروى جودة) تتزوجه لمصلحة العائلة والأخذ بالثأر، وابنه علي "أحمد مالك" الذي تميز في دوره المليء بالانفعالات الداخلية والخارجية، هذا الرقيق المحب لفتاة يبدأ يستجيب للواقع ويندمج فيه ويتغير معه حتى يمسك السلاح ويقتنع بأخذ ثأر عمه ويساعد والده، واللواء رشدي بعد ثقة مسرفة وعنجهية يذوق انكسارا بحكم الأزمة لتأتي أزمة مقتل أسرته تصحح في النهاية مساره مع عدة ضباط شرفاء.
نجح الفيلم في بدايته بالأخص في جذب المشاهد بإيقاع سريع متدفق وحركة غزيرة للصورة وتطور سريع نوعا.. فيكفي بدئه بحدث الثورة أو التمهيد لها، أما مشاهد "الأكشن" التي كانت ضرورية فكانت كثيرة، وربما أكثر من اللازم فاستهلكت واستغرقت اهتمام الصورة دون غيرها، أما اللافت للنظر فكان التمثيل الذي برع فيه الراحل خالد صالح بشكل هادئ يثير الاستفزاز من الشخصية، والتي أضافت الأحداث لرسمها حينما تطرف نحو العداء بسهولة تجاه من قال أنه أحبها، وكذلك هند صبري التي جعلتنا نشعر بخفقة قلبها في عينيها القويتين وهي تنظر لمنصور، ونضال الشافعي في دور "فضل" الأخرس عم علي الذي أدى دوره بشكل واقعي مقنع أوصل فيه عمق عاطفته لعلي وطيبته، وأحمد مالك هذا الوجه الشاب الذي يثير اهتمامك في كيفية تحول الشخصية المسالمة الهادئة بوجودها في قلب الأحداث القاسية لشخص أكثر صلابة وتحملا للمسؤولية، فهذا الصراع من أجل الجزيرة لفت نظره لها ولانتمائه الجذري لها، وكذلك محمد عادل في دور"مظهر" بتعبيراته التي تكشف حيرته وتساؤلاته، وبالطبع خالد الصاوي الذي بالفعل أكاد أراه يتلبسه جن الدور فيصبح شخصا مختلفا بسمات تعبيرات الشخصية.
أما الحوار الذي كتبه محمد دياب وشقيقاه شيرين وخالد دياب فكان نقطة التميز الأخرى، فقد أعطى ظلال الشخصيات دون مبالغة، وكان واقعيا ينفذ للداخل ولداخل الخارج أيضا.. فيرى بنظرة بعيدة ويعود ليقترب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.