أثناء حضوره القداس بالكاتدرائية المرقسية.. يمامة يهنئ البابا تواضروس بعيد القيامة المجيد    أسعار الذهب اليوم الأحد 5 مايو 2024    بفضل ضعف الطلب.. تراجع في أسعار اللحوم البلدي بالأسواق    اسعار الدولار اليوم الأحد 5 مايو 2024    مسؤول عربي رفيع: صفقة غزة وشيكة لكنها غير محصنة تماما    إنقاذ العالقين فوق أسطح المباني في البرازيل بسبب الفيضانات|فيديو    ماكرون يواصل «غموضه الاستراتيجي» تجاه روسيا    أين الأهلي والزمالك؟.. جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباراتي اليوم الأحد 5- 5- 2024    رياح مثيرة للرمال والأتربة.. تحذير عاجل من الأرصاد ل سكان هذه المناطق    إع.دام 172 كيلو لحوم غير صالحة للاستهلاك في الوادي الجديد    أنغام تحيي حفلا غنائيا في دبي الليلة    ورشة عمل حول كتابة القصص المصورة تجمع الأطفال في مهرجان الشارقة القرائي للطفل    الأنبا يواقيم يترأس صلوات قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة العذراء مريم بإسنا    خطاب مهم من "التعليم" للمديريات التعليمية بشأن الزي المدرسي (تفاصيل)    نيرة الأحمر: كنت أثق في قدرات وإمكانيات لاعبات الزمالك للتتويج ببطولة إفريقيا    عاجل.. شوارع تل أبيب تشتعل.. وكارثة مناخية تقتل المئات| حدث ليلا    كريم فهمي: مكنتش متخيل أن أمي ممكن تتزوج مرة تانية    أخبار الفن.. كريم فهمي يتحدث لأول مرة عن حياته الخاصة وحفل محمد رمضان في لبنان    مخاوف في أمريكا.. ظهور أعراض وباء مميت على مزارع بولاية تكساس    قصواء الخلالي: العرجاني رجل يخدم بلده.. وقرار العفو عنه صدر في عهد مبارك    نجم الأهلي السابق يوجه طلبًا إلى كولر قبل مواجهة الترجي    حملة ترامب واللجنة الوطنية للحزب الجمهوري تجمعان تبرعات تزيد عن 76 مليون دولار في أبريل    مصر على موعد مع ظاهرة فلكية نادرة خلال ساعات.. تعرف عليها    مصر للبيع.. بلومبرج تحقق في تقريرها عن الاقتصاد المصري    العمايرة: لا توجد حالات مماثلة لحالة الشيبي والشحات.. والقضية هطول    بعد معركة قضائية، والد جيجي وبيلا حديد يعلن إفلاسه    حديد عز ينخفض الآن.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 5 مايو 2024    هل ينخفض الدولار إلى 40 جنيها الفترة المقبلة؟    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الأحد 5 مايو    تشييع جثمان شاب سقط من أعلي سقالة أثناء عمله (صور)    الأهلي يقرر تغريم أفشة 50 ألف جنيه    حسام عاشور: رفضت عرض الزمالك خوفا من جمهور الأهلي    ضياء رشوان: بعد فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها لا يتبقى أمام نتنياهو إلا العودة بالأسرى    مصرع شاب غرقا أثناء الاستحمام بترعة في الغربية    إصابة 8 مواطنين في حريق منزل بسوهاج    رئيس قضايا الدولة من الكاتدرائية: مصر تظل رمزا للنسيج الواحد بمسلميها ومسيحييها    اليوم.. قطع المياه عن 5 مناطق في أسوان    محمود البنا حكما لمباراة الزمالك وسموحة في الدوري    البابا تواضروس يصلي قداس عيد القيامة في الكاتدرائية بالعباسية    الآلاف من الأقباط يؤدون قداس عيد الميلاد بالدقهلية    الزراعة تعلن تجديد اعتماد المعمل المرجعي للرقابة على الإنتاج الداجني    مكياج هادئ.. زوجة ميسي تخطف الأنظار بإطلالة كلاسيكية أنيقة    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    كاتب صحفي: نتوقع هجرة إجبارية للفلسطينيين بعد انتهاء حرب غزة    صناعة الدواء: النواقص بالسوق المحلي 7% فقط    أبو العينين وحسام موافي| فيديو الحقيقة الكاملة.. علاقة محبة وامتنان وتقدير.. وكيل النواب يسهب في مدح طبيب "جبر الخواطر".. والعالم يرد الحسنى بالحسنى    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    عبارات تهنئة بمناسبة عيد شم النسيم 2024    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    سعاد صالح: لم أندم على فتوى خرجت مني.. وانتقادات السوشيال ميديا لا تهمني    بعد الوحدة.. كم هاتريك أحرزه رونالدو في الدوري السعودي حتى الآن؟    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    عوض تاج الدين: تأجير المستشفيات الحكومية يدرس بعناية والأولوية لخدمة المواطن    لطلاب الثانوية العامة 2024.. خطوات للوصول لأعلى مستويات التركيز أثناء المذاكرة    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    محافظ بني سويف يشهد مراسم قداس عيد القيامة المجيد بمطرانية ببا    نجل «موظف ماسبيرو» يكشف حقيقة «محاولة والده التخلص من حياته» بإلقاء نفسه من أعلى المبنى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عاصم الدسوقي: "داعش" و المسيحيون العرب
نشر في البديل يوم 27 - 09 - 2014

مع إنشاء الجامعة العربية (1945) أصبحت "العروبة" حقيقة قائمة ازدادت تأكيدا ورسوخا في نفس كل عربي صميم وأصيل وخاصة مع مواقف جمال عبد الناصر خلال خمسينيات وستينيات القرن العشرين. وآنذاك أصبحت "العروبة" تعني الوطن العربي الواحد من المحيط (الأطلنطي) إلى الخليج (العربي)، وأن كل الذين يقيمون في هذا الوطن هم عرب لأنهم يتكلمون اللغة العربية بصرف النظر عن أصولهم البعيدة وعن أديانهم ومذاهبهم المختلفة مصداقا للحديث الذي أورده ابن عساكر عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام: ليست العربية في أحدكم من الأب أو الأم وإنما هي باللسان فمن تكلم العربية فهو عربي. وفي ذلك أيضا تصديقا لقول الشاعر:
بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان ومن نجد إلى يمن إلى تونس فتطوان
فلا حد يباعدنا ولا دين يفرقنا لسان الضاد يجمعنا بغسان وعدنان
أقول هذا بمناسبة تصرفات جماعة داعش" التي أعلن مؤسسها دولة الخلافة الإسلامية في العراق من باب الانتحال واستلاب حق أريد به باطل. ثم سمح أولئك المنتحلون لأنفسهم ممارسة اضطهاد غير المسلمين من العرب في المناطق التي سيطروا عليها، وتخييرهم ما بين الإسلام أو الجزية أو الموت، أو أخذهم رهائن للمساومة عليهم، فما كان من هؤلاء المنكوبين إلا مغادرة بيوتهم إلى مصير مجهول.
على أن تصرفات "داعش" هذه ليست من الإسلام في شيء، ذلك أن التاريخ الإسلامي منذ بدايته يخلو من أية مظاهر للتعصب تجاه المسيحيين، فلم تكن المسيحية في الحجاز وقت نزول الإسلام قوة سياسية يحسب لها حساب ولهذا لم يتصارع النبي معها، والمسلمون لم يعرفوا المسيحيين كمجموعة بشرية مختلفة إلا في أواخر حياة النبي عندما اتصل مسيحيو نجران به وعاهدته بعض تجمعاتهم في أطراف الجزيرة ناحية الشام، بل إن "التسامح الإسلامي" أوجد الطائفية المسيحية، ذلك أن السياسة التي اتبعها المسلمون منذ أول فتوحاتهم استندت إلى الآية الكريمة "لا إكراه في الدين .."، وكانت تلك هي المرة الأولى في التاريخ التي فيه تقر دولة دينية تستهدف نشر دينها ألا وهو الإسلام، بأن من حق الشعوب التي تخضع لسلطانها أن تحافظ على معتقداتها وتقاليدها ونمط حياتها في زمن كان مبدأوه إكراه الرعايا على اعتناق دين ملوكهم، ولنا أن نراجع هنا موقف أباطرة الرومان العنيف من المسيحية ومن المسيحيين في الولايات التابعة وخاصة في مصر وبلاد سوريا.
وأكثر من هذا أن فرض الجزية على الذين اختاروا البقاء على دينهم لم تكن فيما يقول الشراح مبدأ عاما مطلقا في كل زمان، إذ أنها فرضت خشية أن ينضم المسيحيون لأهل الدار المعادية عند الحرب بسبب وحدة الدين. وهذه الخشية أمر يتصل بالرابطة الدينية التي كانت تحكم العلاقات بين الناس وقبل التوصل إلى الرابطة الوطنية التي تضم في أعطافها كافة أديان أبناء الوطن الواحد تحت مظلة سياسية واحدة.
وهكذا أدى التسامح الإسلامي في إطار تلك الظروف إلى بلورة الطوائف المسيحية وبقائها وكان من الممكن أن تندثر لو أن المسلمين الفاتحين أكرهوا أهل البلاد المفتوحة على إعتناق الإسلام. ولقد ظل التسامح هو قاعدة الحكم الإسلامي، وكانت مظاهره تتسع في عصور القوة والإزدهار، وتتقلص إلى الضد في عصور الضعف والإنقسام.
ورغم هذا التراث الناصع من التسامح الإسلامي ومن رابطة المواطنة العربية التي هي فوق الأديان والأعراق، إلا أننا نجد هذه "البثور" التي تطفح على الجسم العربي من نوع "داعش" وأشباهها دون دراية بأنهم يضعون أنفسهم موضع العمالة لإسرائيل ولدعاة النظام العالمي الجديد والشرق الأوسط الكبير، وساعتها سوف يتخلص منهم سادتهم الذين صنعوهم وشجعوهم على هذه الأفعال العنصرية المقيتة.
وهكذا يمكننا القول أن الحكم الطائفي الذي يغلب طائفة على أخرى ويهمل صيغة المواطنة العامة بصرف النظر عن النيات الحسنة، يفتح الباب واسعا لتحويل الأقليات الطائفية أيا كانت إلى قوى مضادة في المجتمع، وتجد فيها القوى الخارجية وسيلة للتدخل وفرض النفوذ تحت شعارات إنسانية عامة.
وأخيرا .. ألا يعلم هؤلاء المتعصبون الذين يتخفون وراء الإسلام والإسلام منهم برىء، أن أي مسلم عربي أحد أجداده الأوائل إما مسيحي أو يهودي أو من أتباع الآلهة الوثنية في زمانه. وأن أي مسيحي عربي أحد أجداده الأوائل إما يهودي أو من أتباع الآلهة الوثنية؟؟. فلماذا يزايد بعضنا على بعض؟؟.. ومن ذا الذي اختار عقيدته بنفسه حتى تتم محاسبته من الآخرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.