تناولت صحيفة "توداي زمان" التركية في تقرير لها الاعتداءات الإسرائيلية ضد قطاع غزة، وكيفية توظيف حزب العدالة والتنمية بقيادة رئيس الحكومة "رجب أردوغان" لعمليات القصف لصالح الدعاية للانتخابات الرئاسية المقرر اجراؤها أغسطس المقبل. وتوضح الصحيفة أن الشعب التركي غضب غضبا شديدا منالصور المروعة التي تظهر على وكالات الأنباء حول العدوان على غزة، وخرجوا للشوارع للتعبير عن غضبهم من العمليات الإسرائيلية، مضيفة أن حكومة العدالة والتنمية استغلت هذه الفرصة وحولت غضب الشعب لصالحهم كدعاية في الانتخابات الرئاسية، حيث ظهرت ابنة رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان" أمام السفارة الإسرائيلية في تركيا من أجل التظاهر والاحتجاج، وتبعها نواب ومسئولي الحزب، وأخيرا جاء "أردوغان" إلى المنصة وانتقد إسرائيل. وتشير "تودي زمان" أن من لا يعرف "أردوغان" على حقيقته قد يظن أن رد فعله تجاه ما يحدث في غزة موقف حقيقي وليس دعائي من أجل السلطة والسياسية، فعلى سبيل المثال رد فعل "أردوغان" ضد الرئيس الإسرائيلي"شيمون بيريز" في دافوس2009، في نفس الوقت الذي ضربت فيه الأزمة الاقتصادية تركيا، وكان دعم الشعب لحزب العدالة والتنمية في أدنى مستوياته منذ2007، لكن ظهر لاحقا أن رد الفعل هذا كان مخططا وليس تلقائيا أو شخصيا. مثال آخر أزمة أسطول "مافي مرمرة" حيث مما لا شك فيه أن الحادث كان عملية مخطط لها من دوائر الاستخبارات التركية لتقديم "أردوغان" كزعيم جديد للشرق الأوسط، حيث كان حزبه على دراية من البداية وحتى النهاية أن إسرائيل سترد بقوة ولن تتهاون، لذا قيل لنواب الحزب ألا يكونوا على السفينة، وغادروها في اللحظة الأخيرة، لذا عندما يتم دراسة صورة "أردوغان" في نظر المجتمعات العربية، كانت هذه الحادثة نقطة وذروة شعبيته، وهكذا بدأ صناع السياسة التركية بتحويل هذه التفاعلات الصغيرة إلى مميزات سياسية كبيرة لصالح "أردوغان" وحزبه. وكانت ستستخدم هذه الشعبية في الشارع العربي لتوضيح أن تركيا أصبحت لاعبا إقليميا رئيسيا، حيث أصبحت فجأة الدولة رقم واحد في نظر الجماهير العربية، وبدأت النخب التركية الاستفادة من هذه الشعبية في كل المجالات من السياحة إلى الاستثمار، ومن التقارب السياسي إلى التعليم، وبهذا كانت تركيا نقطة محورية للعديد من العرب، لكن هذا فقط كان حتى بدء الربيع العربي . وبهذا تحولت خطة "مافي مرمرة" إلى فشل كبير، لا سيما أنها أوضحت فشل صانعي السياسة التركية، خاصة بعد فشل تنبؤهم بتأثير الربيع العربي على مصر وسوريا، وبعد هذا التأثير السلبي بدأ صناع السياسة في محاولات تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل، وبالفعل خلال البضعة أشهر الأخيرة، تم إعلان توصل تركيا وإسرائيل لاتفاق تطبيع علاقات بينهما. وهكذا بعدما شنت إسرائيل هجوما آخر على قطاع غزة، انتظر "أردوغان" بضعة أيام حتى أدلى بأي رد فعل، على الرغم من انتقاد المعارضة لهذا الصمت، لكن عندما بدأ رد فعل الشعب التركي في التزايد، رأى "أردوغان" أنه يمكنه استغلال هذا الرد في الانتخابات المقبلة، وهكذا عاد "أردوغان" مرة أخرى لانتقاد العدوان الإسرائيلي. فيمكن القول بأن هجوم إسرائيل على غزة قد فرصة ذهبية ل"أردوغان" بإطلاق حملته الانتخابية على أساس خطابه المعادي لإسرائيل، كما يجد عدوا يهاجمه في كل حملة انتخابية له؛ وبما أن خطاب "أردوغان" ضد إسرائيل كان لدواعي انتخابية فلن يؤدي لتفاقم العلاقات بين تركيا وإسرائيل، وغالبا بعد فوزه في الانتخابات سيعزز عملية التطبيع مع إسرائيل.