من يقف وراء الأحداث فى مصر؟ إنها إسرائيل! ونحن نملك دليلا على ذلك.. هكذا تحدث رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان عن ثورة 30 يونيو المصرية، فى تدخل سافر منه فى الشئون الداخلية لمصر متحديا إرادة الشعب المصرى، وذلك فى تناقض واضح يكشف الوجه القبيح لأحد أبرز أعضاء التنظيم الدولى للإخوان المسلمين، إذ فى الوقت الذى صور فيه أردوغان نفسه للكثير من العرب على أنه حامى الديمقراطية بالشرق الأوسط، والمدافع عن حقوق الشعب الفلسطينى أمام وحشية الاحتلال الإسرائيلى كان هو أول المتعاملين فى الخفاء مع الكيان الصهيونى، ورغم الانسحاب الشهير لأردوغان من مؤتمر دافوس عام 2009 احتجاجا على الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز، وكذلك إعلانه عن تعليق العلاقات مع إسرائيل عقب حادث السفينة مرمرة عام 2010 ظلت الاتصالات الخفية مستمرة والعلاقات الأمنية والاقتصادية قائمة. وفى وقت سابق، أكد مصدر مسئول رفض الإفصاح عن اسمه لصحيفة «زمان» التركية عن وجود ترحيب داخل الحكومة التركية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل وعن وجود خطوات فعلية لإعادة العلاقات إلى طبيعتها، مشددا على عدم المفاجأة فى حال إعلان المسئولين بكلا البلدين عن ذلك فى المستقبل القريب، حيث يرى المسئولون الأتراك عدم وجود أى عوائق سياسية أو شعبية تحول دون ذلك، رغم عدم الانتهاء من الاتفاق مع الجانب الاسرائيلى حول تعويضات ضحايا السفينة مرمرة، ومتجاهلين فى الوقت نفسه الغضب الشعبى الرافض لعودة العلاقات ولتلك المفاوضات من الأساس. ويرى «تين أوغلو» والد أحد ضحايا سفينة مرمرة أن حكومة العدالة والتنمية برئاسة أردوغان تساوم على دم ابنه وباقى الضحايا بقبولها بمجرد اعتذار شفوى من رئيس الوزراء الإسرائيلى، والدخول فى مفاوضات من أجل تعويضات مالية دون معاقبة المتورطين والمسئولين الإسرائيليين عن هذا الحادث، كما يضيف أوغلو أن السياسة الخارجية لأردوغان تهدف فى الأساس لجمع أصوات الناخبين الأتراك وجمع دعم الشارع العربى لمصلحتها ولمصلحة حزبه عن طريق تأجيج مشاعرهم واستغلال عواطفهم، مدللا على ذلك بتصريح أردوغان قائلا:»إن الاعتذار الإسرائيلى يكفى فقد أظهر أن نفوذنا الإقليمى فى تزايد مستمر». وكان عدد من النشطاء السياسيين قد نظموا وقفة احتجاجية أمام مقر حزب العدالة والتنمية الحاكم للتعبير عن رفضهم لتطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية دون إعادة حق ضحايا سفينة مرمرة ومحاسبة المسئولين عنها، وقد صرح أحد المحتجين لصحيفة «ميلليت» التركية مستنكرا بكاء أردوغان على وفاة أسماء البلتاجى بنت القيادى الإخوانى بمصر محمد البلتاجى، فى حين لم يذرف دمعة واحدة على حد تعبيره على وفاة الشاب التركى أحمد آتاكان الذى قتلته شرطة اسطنبول خلال الأيام الماضية ضمن المظاهرات والاحتجاجات التى تشهدها تركيا للمطالبة بالتحقيق فى أحداث ميدان تقسيم التى راح ضحيتها 5 متظاهرين على يد الشرطة التركية وأصيب خلالها المئات بجروح خطيرة وفقد الكثير من المتظاهرين على الأقل أحد أعينهم. وفى إطار عملية التطبيع السرية، كشفت صحيفة «ميلليت» أن مسئولى شركة الطيران الإسرائيلية «العال» ومسئولى شركة الخطوط الجوية التركية اتفقوا منذ أيام على إعادة حركة الملاحة الجوية بين مطارى اسطنبول وبن جوريون، وذلك لمواجهة الزيادة الكبيرة فى عدد السياح بين البلدين، كما أنه تم الاتفاق بين شركتى لفنتى الإسرائيلية وتوركيش التركية على تصدير الغاز الإسرائيلى إلى أنقرة بقيمة 10 مليارات دولار سنويا. ويرى خبراء أن العلاقات التركية الاسرائيلية هى علاقات «أبدية»، وأن مواقف أردوغان فى هذا الشأن معظمها استعراضية وتليفزيونية لكسب مزيد من الشعبية وأصوات الناخبين، فحادث سفينة مرمرة الذى راح ضحيته 9 أتراك على يد القوات الإسرائيلية كان من شأنه القضاء على مستقبل تلك العلاقات إلا أنه على العكس فالتعاون العسكرى لم يتأثر نهائيا، والعلاقات الاقتصادية شهدت ارتفاعا ملحوظا إذ أن حجم التجارة بين البلدين تضاعف عما كان عليه عام 2009 أى قبل الحادثة حيث وصل إلى أربعة مليارات عام 2012، وأن من يتصور أن وجود حزب إسلامى على قمة السلطة فى تركيا سيجعلها تقف ضد إسرائيل فهو واهم فأول دولة إسلامية فى العالم تعترف بالكيان الصهيونى كانت تركيا عام 1949 أثناء حكومة شمس الدين غونالطاى، كما أن أول مرة يلقى فيها رئيس إسرائيلى كلمة أمام البرلمان التركى كانت عام 2007 وفى ظل رئاسة أردوغان للحكومة، كما يرى الخبراء أن تركيا خلال سعيها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبى لايمكنها بأى حال معاداة إسرائيل، بالإضافة للمكاسب الاقتصادية الهائلة العائدة عليها من علاقتها بإسرائيل.