على هامش هذه الحرب؛ دعونا نحصي بعضا من مكاسبنا، أكتب ما خطر ببالي وانتم تضيفون ما يخطر ببالكم… 1. في هذه الحرب.. صب الفلسطينيون في كل مكان جام غضبهم على اتفاقية "أوسلو"، وحملوها مسئولية ما وصلوا إليه من فرقة وتشتت وشتات، وكشفوا كم كانت هذه ا"لأوسلو" خدعة وأن الدولة العتيدة لن تقوم -حتى لو كانت ممسوخة- أبدا على طاولة المفاوضات.. بل أنها اقرب إلى حافة البندقية. 2. في هذه الحرب.. رفض الفلسطينيون دولة "أيلول" وعادوا يطالبون بفلسطين كاملة من البحر إلى النهر. 3. في هذه الحرب.. سقط الاعتراف بإسرائيل دولة، وعادت في الوعي الجمعي كما كانت دائما في اللاوعي: كيانًا عنصريًا غاصبًا، ومشروعًا استعماريًا رأسماليًا غربيًا قبيحًا. فلا سلام ولا معاهدات ولا حسن جوار. 4. أشعلت هذه الحرب حنين اللاجئين وأبنائهم وأحفادهم إلى مدنهم وقراهم في فلسطينالمحتلة التي طمستها الاتفاقيات، فعادت القرى بغلالها الطازجة والمدن برونقها وسحرها وعراقتها.. حق العودة هنا هو الأصل.. حق العودة فقط فلا توطين ولا تعويض. 5. في هذه الحرب التف الناس حول صورة البطل المقاوم الفدائي الملثم الأشعث الأغبر، وهزؤوا بصورة الليبرالي المفاوض الأنيق الذي جاهدت "أوسلو" في سبيل صناعته وتصديره ليكون ممثلاً لنا فيما تريده من محافل، وسقط سقوطًا فادحًا لن تقوم له قائمة بعد اليوم. 6. في هذه الحرب خفت صوت المثقفين المنتفعين من منظمات الأنجزة، كان دورهم إما أن يلحقوا بالمقاومة على خجل ووجل يدسون السم في الدسم أو أن يكتفوا بتغليف أحزان الأمهات والضحايا وتقديمها باردة باهتة لقرائهم، فلا رأي ولا تدبير وكأننا لا نعرف حزننا، وكأننا في وسط المعركة بحاجة لمن يكتبه لنا. 7. في هذه الحرب عادت فلسطين قضية العالم كله الأولى.. قضية الحق والعدل والسلام.. عادت الجماهير إلى فلسطين وأيقن الجميع بصورة تاهت منذ زمن أن إسرائيل حاملة صواريخ الصهيونية ليست إلا الاستعمار الغربي الأبيض البشع مركزًا ومكثفًا على أصغر بقعة ليطعن الشرق كله في قلبه وروحة وثقافته. 8. في هذه الحرب خجل المرجفون والمشككون والمطبعون والمتصهينون من أنفسهم حتى لو استمروا بالمكابرة وقد جعلتهم الجماهير أضحوكة ومادة للسب والشتم والاستخفاف. 9. في هذه الحرب عرفنًا "صهاينة عرب" أكثر صهيونية من إسرائيل ذاتها. 10. في هذه الحرب أثبتنا أننا لا نريد رفاهية، نريد وطنًا حتى لو كان بائسًا وفقيرًا؛ عشنا على الكفاف في غزة أيام الحصار وكفاف الكفاف وقت الحرب، ولم نطلب إلا وطنًا حرًا كريمًا مستقلاً.. لنا وحدنا. 11. في هذه الحرب أثبتنا أن تحرير فلسطين ممكن، لو تبنينا استراتيجية تحرير المدن مدينة مدينة، ثم ربطها بمعابر محررة حتى تحرير كامل فلسطين. 12. في هذه الحرب فككنا أساطير إسرائيل كلها، العسكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية، فبانت للعالم شوهاء بشعة قاسية لا بد له أن يتخلص منها عاجلا أو آجلا إذا أراد أن يكون الإنسان فيه إنسانا قبل كل شيء.