لجأت حكومة «محلب» إلى خطوة رفع الدعم عن الكهرباء والمنتجات البترولية، متذرعة بأن الخطوة كانت مهمة لسد عجز الموازنة، وهي الذريعة التي قد تكون مجرد ستار، وراءه تطل الحقيقة التي بسببها تم رفع الدعم وزيادة الأعباء على فقراء الشعب المصري. الحقيقة التي تم الكشف عنها مؤخرا وبعد أيام قليلة من إجراء رفع الدعم، هي منح مصر قرضا حسنا قيمته 300 مليون دولار لتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بهدف خلق المزيد من فرص العمل وتنمية المناطق النائية ومناطق الصعيد، وهو القرض الذي صرح منير فخري عبد النور – وزير الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة، بأن البنك الدولي وافق عليه أخيرا، مشيرا إلى أن القرض يعد البرنامج الأول الذى يقدمه البنك لمصر منذ ثورة 30 يونيو، وهو ما يؤكد استعادة مصر ثقة الجهات والمنظمات المانحة الدولية. في هذ الإطار قال الدكتور رائد سلامة – الخبير الاقتصادي، إن القرض يأتي في إطار سياسة إغراق مصر في الديون التي ينتهجها كل من صندوق النقد والبنك الدوليين وهما الذراعين الاقتصاديين للقطب الأوحد أمريكا باعتبار أنها تملك الحصة الأكبر في رأس مال كل منهما بالإضافة إلى حلفائها في الناتو، مؤكدا أنه كان يتوجب علي الحكومة أن تفصح للمصريين عن شروط اتفاقية القرض الذي يتعدي 2.1 مليار جنيه مصري وكيفية السداد وأوجه الاستخدام، خاصة في ظل غياب البرلمان وتحديد معني كلمة قرض "حسن". وأكد «سلامة» أنه لا يتصور أن تقوم مؤسسة كالبنك الدولي بإقراض مصر قرضا دون فوائد، مشيرا إلى أن هذا القرض سيكون شؤما علي الاقتصاد المصري لأنه سيفتح باب مزيد من الديون وهو ما يسمى بظاهرة "إدمان الاقتراض"، لأن مصر تقترض دون خطة تنموية حقيقية واضحة ثم تتعثر في السداد لتقترض مرة أخري لأجل سداد ما اقترضته سابقا وهكذا تدخل بقدميها إلي هذه الدائرة الجهنمية. وأضاف الخبير الاقتصادي أن ما كان ينبغي علي الحكومة عمله النظر لتنمية موارد مصر في الداخل لأجل توفير التمويل المطلوب للتنمية بشكل مستقل وهناك العديد من الحلول الذاتية تم تقديمه في أكثر من مناسبة في إطار تبديل الفلسفة والرؤية السياسية لاقتصاد مصر من اقتصاد "ريعي" إلي اقتصاد "إنتاجي" ومن ثم لم يكن هناك حاجة للاقتراض من الخارج قبل أن تنظر إلى الداخل. وتابع «سلامة»: الحكومة اقترضت هذا المبلغ لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وكنا طرحنا من قبل في هذا الإطار فكرة إنشاء بنك لهذا الغرض برأسمال 15 مليار جنيه مصري يتم الاكتتاب فيه من خلال أموال المصريين فقط فتضمن بهذا تشغيل البورصة المصرية من خلال طرح ضخم يضخ من خلاله سيولة بالسوق المصري تتناسب مع فكرة أخري كنا نطرحها هي فكرة خفض سعر الفائدة لأجل خفض عجز الموازنة، وبهذا تكون أموال المصريين للمصريين وسيحدث لها دوران بالسوق المصري فلا تخرج الأموال للخارج ولا تضغط علي احتياطي النقد الأجنبي بخلاف البُعد الوطني في المشروع الذي يرسخ أفكار الانتماء من خلال الاقتصاد فتضمن بهذا استقلالية قرارك السياسي. وقالت سلوى العنتري – الخبيرة المصرفية، إن الاتفاقيات كانت مسبقة على هذا القرض، لأن هناك مفاوضات ومباحثات، والقضية أن البنك لن يعطي قرضا "حسن"، مضيفة أنها لا تدري ماذا يعني مصطلح "حسن"، وأنه من الممكن أن تكون شروطه ميسرة.