مشهد كنا نراه بشكل يومي قبل ثورة يناير.. باعة جائلون يجرون ويحملون فوق أكتافهم بضائعهم؛ ليختبئوا في الشوارع الجانبية؛ خوفًا من ملاحقة الشرطة لهم، محاولين النجاة بقدر ما استطاعوا من بقايا بضاعتهم التي تعينهم على مواصلة العيش؛ لكي يعودوا ببضعة جنيهات لأولادهم الذين في انتظارهم. ويبدو أن حكومة 7 الصبح أعادت المشهد للشارع المصري، فبمجرد وصول محافظ القاهرة لإزالة الإشغالات في منطقة رمسيس، وسط حالة من الفرح من المواطنين؛ لإزالة الباعة الجائلين وحسرة الباعة على بضائعهم، حتى عاد أغلب البائعين؛ ليحتلوا الميدان والشوارع الرئيسية بالمدينة، فيما شبهه البعض بلعبة القط والفأر. وكان المحافظ قد وعد بتخصيص أماكن للباعة الجائلين. "البديل" قامت بجولة في ميدان رمسيس لعرض هذه القضية بحثًا عن حل لها.. يقول عم محمد صاحب "فرشة" لبيع الأحذية برمسيس إن الأكشاك والأماكن التي قالت المحافظة إنها ستعطيها للباعة توجد في أماكن بعيدة، وهي أماكن لا يوجد بها بيع أو شراء، كمنطقة السلام والعاشر من رمضان. وطالب محمد المحافظة بتوفير أماكن تكون ماؤى لهم، وبعدها يقوم بإزالة الإشغالات، موضحًا أن هذا هو أكل العيش الوحيد له، وبدونه لن يستطيع أن يصرف على أولاده الخمس. محمد عبد الرحمن بائع إكسسوار موبايلات، خريج كلية حقوق بجامعة القاهرة، يقول إنه لم يجد أي عمل سوى هذا، موضحًا أنه يعول أسرة بها 3 أطفال وزوجته، مشيرًا إلى أن الحكومة يؤرقها مشكلة الباعة في الشوارع، ولكن عليها قبل محاربتهم أن تجد البديل. وأكد أن عودتهم مرة أخرى بعد إزالة الإشغالات ليس عندًا مهم بقدر ما هو مسئولية، متسائلاً "تلك البضاعة إلى أين تذهب؟"، مشيرًا إلى أنه لم يمتلك أموالاً لفتح محل أو حتى إيجاره، وأن شغل الميادين يكون مربحًا بشكل أكبر من المحلات في الأمكان النائية. وقالت أم رامي، بائعة الملابس الحريمي، إن الحكومة تريد إزالة الباعة الجائلين لتجعل مصر نضيفة وجميلة، ولكن هناك أكثر من 100 بائع في تلك المنطقة، وكل بائع مسئول عن عائلة وربما أكثر، فماذا يفعل؟ وتابعت أن المحافظ يتقاضى في الشهر الملايين، ولم يشعر أبدًا بحقوق الباعة الجائلين، موضحة أن ملاحقة الباعة الجائلين ليس الحل، وعلى الحكومة إيجاد حلول بديلة تضمن أن تكون مصر نظيفة، وفي نفس الوقت تضمن حقوقهم كمواطنين مصريين، معقبة "نحن انتخبنا السيسي من أجل حقوق المواطن الضعيف مثلنا". وعلى الجانب الآخر قال سمير عبد الشافي نائب أول رئيس نقابة عمال التجارة "إن الباعة الجائلين منظومة ليس لها حل، ونحاول ضمهم في منظومة عمل نقابي"، مشيرًا إلى أن النقابة تحاول إنشاء لجان نقابية لهم؛ حتى يمكن التحرك من خلال منظومة شرعية؛ لإيجاد حل للمطاردة المستمرة لهم من رجال شرطة المرافق؛ لأنهم يعملون في إطار غير شرعي. وتابع عبد الشافي أن هناك ما يزيد عن 4 ملايين بائع جائل في مصر، وعلى الدولة أن تجد حلولاً لهم أو بدائل عما يفعلونه، موضحًا أنه مع قرار إزالة الإشغالات بشكل دائم، لكن لا بد من توفير البديل. فيما قال المهندس عامر حسن رئيس قطاع شرق القاهرة بالمحافظة إن مشكلة الباعة الجائلين صداع حقيقي لدى محافظتي القاهرة والجيزة، مشيرًا إلى أنهم يحاولون فقط تصدير المشهد على أنهم يقومون بعمل شرعي، في حين أن الوقوف في الشوارع والميادين العامة وبيع المنتجات تعطيل للجميع، مشيرًا إلى أن الجولات التى تقوم بها الشرطة بالتنسيق مع المحافظة تكون من خلال دراسة شاملة للمنطقة. وأكد حسن أن عودة الباعة الجائلين فور إزالتهم مرة تلو الأخرى هي أمر سيستمر، حتى يتم نقلهم إلى جراج "الترجمان" الذى حدده جلال سعيد محافظ القاهرة، مؤكدًا أنه سيتم تجهيزة خلال أسابيع فقط، مشددًا على أن خطة الحكومة تستهدف القضاء على ظاهرة تواجد الباعة الجائلين في غير أماكنهم المخصصة خلال ستة أشهر.