عبد الرحمن الخميسي.. حفر على جدران مصر بأظافره «كسروا ذراعي.. ولكني حفرت على جدران مصر أناشيدي بأظافري».. قالها لتزين أعماله الشعرية، وجدران الوطن، ذلك الشاعر الرومانسي الذي تقلب بين مختلف ألوان الفن في الشعر والقصة والمسرح والتمثيل والصحافة والتأليف الإذاعي والإخراج السينمائي وتعريب الأوبريت، بل وتأليف الموسيقى والأغاني كتابة ولحنًا، ومذيعًا عرف بأنه "صاحب الصوت الذهبي". ولد لأب ريفى فى قرية منية النصر بالدقهلية، وأم حضرية من بورسعيد، وفى 13 نوفمبر 1920، واليوم هو الذكرى ال27 على وفاته، عاش مع والدته فلما بلغ السادسة كفله أبوه والتحق بالمدرسة الابتدائية بالزرقا، ثم الثانوية بالمنصورة. «أيها الليل ليت أني نسيم سابح في حديقة زهراء أجمع العطر من ثغور الأقاحي والرياحين في مدى أحنائي ثم أمضي إلي حبيبي عليلا أسكر البدر مهجتي بالضياء أحمل الطيب في فؤادي إليه وأفري حياله أحشائي لأكون الأنفاس في رئتيه ولأحظى في صدره بفنائي! غير أني يا حسرتا آدمي قيدتني أرضيتي في بنائي». هبط إلى القاهرة فى 1937، والتحق بمدرسة القبة الثانوية مدرساً، وبحث عن مأوى حتى إنه كان ينام بعض الليالى فى المقاهى والحدائق، وعمل عاملاً فى محل بقالة ومحصلاً فى الترام ومصححاً فى مطبعة، وتعرف إلى أحمد المسيرى، صاحب فرقة مسرحية شعبية جائلة، وصار نجم الفرقة، وألف وأخرج ولحن لها وتوثقت علاقته بنجار الفرقة (شكوكو)، ودفع به إلى التمثيل وغناء المونولوجات، وكتب الأغنيات على المقاهى بأسماء غيره، وكتب أغنية «الأصيل الذهبى» للعندليب وأغنية «ما تزوقينى يا ماما» وأغنية «الأعراس المصرية»، وصار من كتاب جريدة «المصرى» البارزين وقدم يوسف إدريس كاتباً للقصة القصيرة. للخميسى سبعة دواوين شعرية وسبع مجموعات قصصية وثلاثة أفلام سينمائية من إخراجه، وكان فى 1953 قد اعتقل لمطالبته بعودة الجيش إلى ثكناته وعمل فى الجمهورية، وفصل منها وأنشأ فرقة مسرحية وكتب للإذاعة قصة «حسن ونعيمة»، وكان يكتشف المواهب ويقدمها فقدم سعاد حسنى وشمس البارودى وغيرهما، ومثل للسينما ونذكر له دور الشيخ «يوسف البقال» فى فيلم الأرض، وعارض السادات وترك مصر فى 1972 مرتحلاً من بيروت إلى بغداد إلى موسكو، وقد كثرت زيجاته فتزوج من السيدات: هانم وشفيقة وألطاف والفنانة فاتن الشوباشى والممرضة محاسن من المنصورة و المذيعة البحرينية (حياة) إلى أن لقى ربه فى مثل هذا اليوم الأول من أبريل 1987. تميزت الفترة التي قضاها عبد الرحمن الخميسي في موسكو بالعطاء حيث شارك في النشاط الثقافي للمدينة، وكان غالبا ما يزور نادي الأدباء للمشاركة في الأمسيات الأدبية ولقاء المثقفين والأدباء الروس، كما عمل في ترجمة الشعر الروسي إلى اللغة العربية، بينما ترجمت أشعاره إلى الروسية أيضًا. واحتضن الخميسي ابان وجوده في روسيا عدد من المواهب الشابة آنذاك وبينهم شعراء وأدباء ومترجمون عرب ومصريون.